لفت وزير بارز، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "قول رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري: "ليس أنا بل أحد آخر من يشكّل الحكومة"، أسقط الذريعة الّتي كان يتسلّح بها الفريق الوزاري المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون لتبرير التأخّر في الدعوة لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة، لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي لم يعد لدى الرئيس عون مبرّر لتمديد التأخير في ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصاديّة والماليّة وارتفاع منسوب المخاوف حيال تمدّد حرب الشوارع إلى معظم المناطق اللبنانية، الّتي باتت تهدّد الاستقرار الأمني".
وسأل "ما إذا كان التأخّر في إجراء الاستشارات النيابية ينمّ عن حالة الارتباك الّتي أخذت تُصيب معظم الجهات المعنيّة بولادة الحكومة العتيدة ومن بينها رئاسة الجمهورية، الّتي كانت تتذرّع في معرض تبريرها لهذا التأخير بأنّ الحريري لا يزال يتردّد في حسم موقفه سلبًا أو إيجابًا في حال قرّرت معظم الكتل النيابية تسميته لتشكيل الحكومة". ورأى أنّ "الحريري بموقفه الأخير أعفى رئيس الجمهورية من الإرباك وأنقذ الجهات الّتي تقف إلى جانبه من حالة التخبُّط".
وركّز الوزير على أنّ "ربط التكليف بعمليّة التأليف بدأ ينعكس سلبًا على البلد، الّذي يترنّح حاليًّا تحت رزمة من الأزمات لا تُحلّ بالتمديد لحكومة تصريف الأعمال كأمر واقع". وأبدى مخاوفه من أن "يكون في داخل الفريق الوزاري المحيط برئيس الجمهورية من يروّج للإبقاء على حكومة تصريف الأعمال في حال تعذّر عليه تسمية رئيس الحكومة الجديد اّلذي يوافق على شروطه"، مبيّنًا أنّ "انسحاب الوزير السابق بهيج طبارة من لائحة المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة، ما هو إلّا دليل على رفضه للشروط الّتي حاول رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل أن يمليها عليه".
وأوضح أنّ "باسيل أخطأ في تعامله مع طبارة وكان يراهن على أنّ الأخير يرغب في تسميته رئيسًا للحكومة بأيّ ثمن، إلى أن انكشف بأنّه يرفض التنازل عن صلاحيّاته الدستوريّة الّتي تعطيه الحقّ في اختيار الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية". وكشف أنّ "طبارة لم يتردّد في رَفض ما عرضه عليه باسيل، خصوصًا بالنسبة إلى إصراره على تولّي حقيبة الداخلية، إضافة إلى "التمديد" لوزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني في وزارة الطاقة، وإسناد حقيبة إلى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي".
كما أشار إلى أنّ "رئيس المجلس النيابي نبيه بري فاوضه باسم "الثنائي الشيعي" التجديد للوزيرين علي حسن خليل ومحمد فنيش في الحكومة العتيدة"، منوّهًا إلى أنّ "طبارة اعتبر أنّ باسيل بشروطه هذه، يطمح إلى الإمساك ببعض المفاصل الرئيسة في التركيبة الوزاريّة، مع أنّ وجوده فيها يشكّل استفزازًا لـ"الحراك الشعبي"، إضافةً إلى أنّ تجربته مع رؤساء الحكومات السابقين لم تكن مشجعة باعتراف وزراء "حزب الله" و"حركة أمل".
وأكّد الوزير أنّ "لباسيل مشكلة مع معظم الجهات السياسيّة بمن فيهم حليفه "حزب الله"، وإن كان يأبى تظهير خلافه معه لئلّا يهتزّ تحالفهما الاستراتيجي"، سائلًا: "كيف يمكن لباسيل الّذي يركض وراء افتعال المشكلات وأحيانًا بلا أي مبرّر، أن يقدّم نفسه وكأنّه بمثابة رأس حربة للتدخّل في حل الأزمة المترتّبة على تعذّر تشكيل الحكومة الجديدة؟". ولفت إلى "أنّه كان يتوقّع من الرئيس عون أن يبقي على باسيل في الظلّ ويمنعه من التدخّل في عمليّة تأليف الحكومة، بدلًا من أن يفوّضه على بياض كواحد من الأساسيين في هذا المجال".
وذكر "أنّه كان يأمل من حلفاء عون الدخول معه في مصارحة، وصولًا إلى التمنّي عليه بإعفاء باسيل من هذه المهمة، خصوصًا أنّه أوصل المشاورات في أكثر من محطة إلى طريق مسدود"، مشدّدًا على أنّ "باسيل كان وراء ترشيح المهندس سمير الخطيب لتولي رئاسة الحكومة"، مفيدًا بأنّ "مشكلة الأوّل تكمن في أنّه يتصرّف على أنّه وحده من يحلّ ويربط في تشكيل الحكومة، وبالتالي يحاول مصادرة حصّة المسيحيين فيها، وصولًا إلى إلغاء خصومه، ظنًّا منه بأنّ هذا التصرّف يجعله المرشح الأول لرئاسة الجمهورية".
إلى ذلك، وجد أنّ "باسيل لا يحشر خصومه فحسب، وإنّما بات يحشر رئيس الجمهورية ويشكّل إحراجًا له وإن كان يقدّم نفسه بأنّه هو من يتولّى الدفاع عنه". وركّز على أنّ "الموقف الّذي اتّخذه الحريري أدّى حتمًا إلى إحراج الرئيس عون ومحاصرته، لأنّه لم يعد من مبرّر للتأخير في إجراء الاستشارات المُلزمة، بذريعة أنّ هناك ضرورة لتأمين التلازم بين التكليف والتشكيل، إلّا إذا كان الفريق الوزاري المحسوب على باسيل لا يرى ضرورة للإسراع في تأليف الحكومة،ما دام أن لرئيس الجمهورية القدرة على "ملء الفراغ" سواء من خلال لقاءاته أو عبر الاجتماعات الّتي يعقدها لمواكبة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة الّتي ارتفعت وتيرتها منذ رعايته للاجتماع المالي والاقتصادي الّذي عُقد أخيرًا في بعبدا".
وأعلن أنّ "الأزمات المتفاقمة باتت في حاجة إلى تشكيل حكومة قادرة على استرداد ثقة الشعب اللبناني، ومن خلاله المجتمع الدولي، ليكون في وسعها الطلب من أصدقاء لبنان بأن يقدّموا مساعدة ماليّة عاجلة، خصوصًا أنّ مقرّرات "مؤتمر سيدر" لمساعدة لبنان للنهوض ماليًّا واقتصاديًّا لن يُستفاد منها على وجه السرعة، وإنّما على المدى المتوسّط والبعيد".