كما طالبتُ بصدق ان يغير شعب الانتفاضة المليونية استراتيجيته كذلك سأفعل لأني من الشعب، أغير نمطي بالكتابة.
إذاً لا داعي لعناوين عريضة بالاحمر لإستنهاض الشعب الذي أصبح مناضلاً محقاً بمطالبه واثق الخطى يرفض الاستفزاز لأنه أصبح الشعب الواعي.
على مهلكم...
كأن لا شيء مستعجلاً، الإستشارات النيابية تأجلت، إذا في العجلة الندامة وفي التأني السلامة.
فمبروك "الويك إند" لأهل السلطة، فعلاً الوضع الاقتصادي أكثر من مريح لهم.
***
كأن لا توتّر على الأرض ولا الجيش مستنفرٌ إلى الأقصى ليكون بالمرصاد لأي فتنة... ويدفع من دمه وسجل أول من أمس 51 اصابة من افراده الأبطال.
وكأن الليرة ما زالت بخير والدولار لم يتجاوز الـ2000!
وكأن لا جوع ولا فقر ولا هجرة ولا مؤسسات تقفل أبوابها وتُسرِّح عمالها فيعودون إلى بيوتهم كالعسكر المكسور…
***
عظيم... اطرحوا الاسم تلو الاسم للحرق أو للسلق… ان إتفقتم على اسمٍ واحدٍ في النهاية، يأتينا هرج ومرج الاسماء المستوزرة.
ولكن، أياً يكن هذا الاسم، فعليه أن يكون متفائلاً، بشوشاً، يوحي بالثقة، ويعرف المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهي كبيرة وخطيرة.
فليكن معلوماً: الشعب اللبناني واعٍ، بانتفاضته الرائعة، لا مشكلة عنده في الأسماء تحديداً، وليست له طموحات في المناصب والمواقع…
لكنه في المقابل لا يتراجع إطلاقاً عن مطالبه، وأولها وأساسها: حقوقِهِ المدنية وإستعادة الأموال المنهوبة!
***
هناك دينٌ عامٌ مقداره 100 مليار دولار. وهناك مالٌ منهوب متراكم عبر الزمن، يقدَّر بمئات المليارات…
فقط، نريد من الحكومة العتيدة أن تضع يدها على المنهوبات التي كدَّستها "زَمْرَة النَهَبْ". فلنقل 10 منهم أو 20، وهم معروفون بالأسماء، فتتمّ استعادة 50 مليار دولار لا أكثر. وذلك سينقل لبنان من تحت الأرض إلى فوقها.
وبأي شكل من الأشكال، لن نقبل بأن نصل إلى الإفلاس والجوع، ولن نقبل بأن ندخل النموذج الفنزويلي… فيما بضع عشرات من الحيتان قد إبتلعوا الدولة و"ظمطوا بجلدِهم" إلى المحيطات البعيدة!
***
إياكم والظنّ أن هذا الشعب الواعي قد اعتراه الخوف أو الكسل…
لا تجرِّبوه لأنه حتماً سيهزم كل الفاسدين مهما طال الوقت.
واعلموا أن الشعب الواعي هو اليوم في صدد تبديل استراتيجيته لا أكثر.
الشعب استنفد الشارع بعدما حقّق انتصاراته وأرغم السلطة التنفيذية على تقبل إرادته.
والشعب ليس مستعدّاً لمغامرة الشارع في وجه شارع، كما يتمنى الكثيرون…
والشعب الذي لن يمنح الفاسدين فرصة للفرار، كذلك هو لن يسمح لأحد بزعزعة السلم الأهلي، وسيحافظ عليه "برمش العين"!
***
فما أروع هذا الشعب الواعي، وهو يقابل التوتر والاستفزاز برباطة جأش وصلابة وحِكْمة…
وما أروع أن ينبري مواطنٌ في الشياح ليقول: هؤلاء أهلنا في عين الرمانة… ونريد التلاقي معهم والتصافح…
نعم. هذا هو شعبنا، هنا وهناك وهنالك. إنه الوجع نفسه في كل مكان، وكذلك الفقر وانسداد الأفق...
ولذلك، عندما يقول البعض إن الحل يجب أن يراعي طرفي الخلاف، فيجب تذكيره بأن الشعب كله طرفٌ واحد، وهو مصدر السلطات، وأن القوى السياسية مجتمعةً هي الطرف الثاني.
***
نعم. استرداد الأموال المنهوبة هو المعيار لنجاح الحكومة. فلا ترف ولا سفر ومماطلة إذ هيكل الوطن سيسقط وما بال "الزُمرة ".
ففي هذه الحال، سترون الخيّالة التي جاءت من بعلبك يوم الاستقلال وهي تُخَيِّل أمام منازلكم…
وسيأتي فوج الطناجر "يطقطق" على رؤوسكم ويذكِّركم بأنه لم ينم ولن يدع أحداً ينام…
وسيجول فوج "الموتوسيكلات" أمام المصارف المعروفة، التي أكلت الناس وحجبت عنهم عرق جبينهم بالحرام…
***
بالمناسبة، ترى ماذا يخطط الحاكم رياض سلامة، الذي تُقرَع له الأجراس في البورصات؟
تُرى هل يفكر في طريقة لكي تعيد المصارف جنى العمر إلى الأوادم الذين راحوا ضحية الثقة بكلامه عن صمود الليرة والدولار والاقتصاد؟
ألا يكفي الشعب ذُلاً بتقنين الكهرباء والماء وكل شيء… حتى جئتم تقنِّنون عليه لقمة العيش وتحصرونها بـ300 أو 400 دولار بالاسبوع؟
ألا يكفيه ذُلاً وهو يطالب بالحرية والخبز والعدالة، فتنظمون الخطط لإحباطه.
وتُرى، ما الخطوة التالية للبروفسور، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، وهو الذي يتعثَّر اليوم بدعويين أمام القضاء؟ وللبحث صلة.
***
الكلام الجميل لن يصدِّقه الشعب الواعي بعد اليوم.
لن يصدِّق إلا إذا فَتحت المصارف أبوابها كما يجب، ورفعت القيود عن الودائع والمعاملات…
لن يصدِّق إلا إذا حصل المواطن على ماله، جنى عمره، عند انتهاء الاستحقاق!
ولن يصدِّق إلا إذا أتاحت المصارف للمودع أن يتصرف بحسابه الجاري، وأن يسحب المال الذي يريده لدفع الأقساط والأكلاف عن ابنه أو ابنته في الخارج!
عند ذاك نصدّق. وعين الصواب هي أن تعيدوا الأموال المسحوبة من مصارفكم إلى الخارج… فهي كافية ووافية لتجميد الانهيار على الأقل!
***
نقول هذا، ولكن لا ننسى، للحقّ والحقيقة، أن من الظلم رفع شعار "كلن يعني كلن" في قطاع المصارف.
فهناك مصارف الأوادم الذين يعملون بصمتٍ وجديّة للتخفيف قدر الإمكان عن المواطن…
وهناك المصارف التي هرّبت مئات ملايين المساهمين الكبار وثروتهم الشخصية والمحظيين من المودعين، وتركت الفتات للشعب…
***
إن يوم الحساب آتٍ، مهما تأخّر. فأي حكمٍ وأي عارٍ ينتظر تلك "الزمرة "؟
والشعب واعٍ جاهزٌ، جالسٌ على رؤوسكم، ينتظر... رافضا الحرب الأهلية المدسوسة الى أبد الأبدين.