في شهر أيار الماضي، أشار تقرير لمجلة فورن بوليسي الأميركية الى أن تنظيم "داعش" عاد الى نشاطه الإرهابي في المناطق التي انطلق منها في العراق، وتحديدا في "الأنبار"، حيث باتت المنطقة هناك مليئة بعناصر التنظيم الذي هربوا إليها من داخل العراق نفسه أو من المناطق التي استعادها الجيش السوري في سوريا، مشيرة الى أنهم ينتشرون في شبكات أنفاق يخزنون بها المواد الغذائية والملابس اللازمة، ويعملون في خلايا منخمسة إلى 10 أشخاص.
إن هذا الخبر غاب عن الاهتمام العالمي، خصوصا بعد خبر قتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، ولكنه اليوم يعود الى الواجهة من جديد، ولو من بوابة محافظة أخرى، بعد اشتعال المحافظات العراقيّة بالتظاهرات، التي تشكل بقسم منها فرصة للتنظيم ولكل أحزاب العراق المنقرضة، بالعودة الى الضوء مجددا، الأمر الذي أثار القلق الإيراني، خصوصا وأن "الجديد" هو ظهور عناصر "داعش" في محافظة ديالى، على الحدود الإيرانيّة.
وهذه المحافظةهي إحدى محافظات العراق الثماني عشر مركزها مدينة بعقوبة تقع في شرق العاصمةبغداد، وهي على حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية. منذ ساعات وقعت إشتباكات مفاجئة بين قوات الحشد الشعبي وعناصر داعش في مدينة خانقين التابعة للمحافظة، وهذا الامر بحسب مصادر متابعة أثار قلق القيادة الإيرانية، القلقة أصلا مما يجري في العراق من أعمال عنف وقتل وتدمير تقودها خلايا صدام حسين وحزب البعث العراقي، والمتطرفين الذين أقدموا على حرق مرقد السيد الحكيم.
ترى المصادر أن ظهور خلايا "داعش" في هذه المنطقة بالذات لا يمكن فصله عما يحصل بالعراق، وحتى عما حصل في إيران منذ أيام، مع العلم أن هذه ليست المرة الأولى التي تتفاعل فيهاطهران مع خطر كهذا في تلك المنطقة، اذ سبق لها أن أعلنت انها تشكّل خطاً احمربالنسبةلها، وأنها لن تتهاون في اقتراب التنظيم الإرهابي من حدودها، وبأن الردّ عليهم سيكون عسكريا.
وتشدد المصادر على أنّ ما يجري في المنطقة هدفه ضرب إيران وحلفائها، ورد هؤلاء لن يقتصر على تلقّي الضربات، فبعد أن أنهت الحكومة الإيرانيّة التظاهرات في شوارعها، تتجه الأنظار نحو ديالى، اذ لا شك بحسب المصادر أن توسع رقعة اشتباكات تنظيم داعش مع الحشد الشعبي العراقي سيعني تدخلا إيرانيّا عسكريا لمنع تمدد التنظيم الى الداخل الإيراني، ولن تتردد طهران في تحريك طائراتها وتوجيه مدفعياتها باتجاه تلك المنطقة لحماية حدودها.
لم تكن المواجهات في ديالى خفيفة فهي حتى اللحظة تسببت بمقتل ما يزيد عن 10 مقاتلين للحشد الشعبي، ما يدل بحسب المصادر أن جيوب التنظيم الارهابي حاضرة بقوة وبأعداد كبيرة، مشيرة الى أنّ الاهتمام بما يجري في المحافظة العراقيّة لا يجب أن يلهي القيادة المركزيّة عن مراقبة الوضع في الانبار، فعناصر "داعش" في تلك المنطقة يتحضرون منذ أشهر وبحسب التقارير الاستخباريّة للهجوم على المحافظات المجاورة، وتحديدا كربلاء والنجف.
"أنبار"تعني بحسب قواميس اللغة العربيّة"المخزن"، وتعود التسمية الى زمن "المناذرة" الذين أطلقوا عليها هذا الإسم لأنها كانت مخزناً للعدّةالحربية، وها هي اليوم تعتبر مخزنا لعناصر "داعش"، الامر الذي يشكّل تهديدا يُضاف إليه الخطر الجدّي في ديالى، ما يُنذر بأيام صعبة في العراق، الذي يعاني أصلا من أيام سوداء حاليا. فهل تقع مواجهة قريبة بين إيران وداعش في العراق؟.