قبل ظهر الأربعاءالفائت، سُرّبت من دوائر وزارة الخارجية الفرنسية مسودة البيان الختامي الذي كان من المتوقع أن يصدر مساء اليوم ذاته، بعد إنتهاء الإجتماع الذي إستضافته باريس لمجموعة الدعم الدوليّة. تسريب المسوّدة، سهّل المهمة كثيراً على الوفد اللبناني الذي كان يتحضر للمشاركة في جلسة بعد الظهر من الإجتماع والتي كانت مخصّصة للإستماع الى مداخلاته. وبحسب مصادر الوفد اللبناني المؤلّف من الأمين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي ومدير عام وزارة المال آلان بيفاني ومستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال هزار كركلا وممثل مصرف لبنان رجاء أبو عسلي، بمجرد أن قرأ الأعضاء المسوّدة، تولّد إجماع لديهم، بضرورة إجراء تعديلات ضرورية عليها في جلسة بعد الظهر. المصادر عينها تكشف أن التعديلات التي أدخلت على الصيغة النهائيّة لإجتماع مجموعة الدعم الدوليّة للبنان، تركزت بشكل أساسي على التعابير الإملائيّة التي إعتبرها الوفد أنّها تلزم لبنان بمواعيد زمنيّة محددة.
وفي شرح مفصل، تروي مصادر الموفد المشارك أنّ المسودة التي سربت صباحاً، تضمنت الكثير من العبارات كـ"لبنان يلتزم"و"لبنان يتعهد"و"خلال فترة زمنية محددة"و"خلال ستة أشهر يجب"... تعابير إعتبر أعضاء الوفد أنهم من المستحيل أن يقبلوا بها لسبب أن ما من أحد منهم يشغل منصب رئيس الحكومة أو رئيس الجمهوريّة للإلتزام أمام المجتمع الدولي بهذه المهل الزمنيّة، وهكذا حصل في جلسة بعد الظهر كل ذلك مع الحفاظ على مضمون البيان لناحية ضرورة تشكيل حكومة تلبّي طلبات المرحلة الدقيقة ولناحية الإصلاحات المطلوبة على كل المستويات، وأبرزها إصلاحات خطّة الكهرباء وتلك المتعلقة بالوضع المالي ومكافحة الفساد.
"من الأمور البارزة والمهمّة جداً التي سجلت على هامش إجتماع باريس"، تقول المصادر المتابعة"هي سلسلة اللقاءات التي عقدها شميطلي على الهامش بصفته رئيساً للوفد اللبناني، والتي ساعده في ترتيب عدد منها سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان. اللقاء الأهم عقد بين شميطلي ووزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيف لودريان وفيه عرض الرجلان لكيفيّة وضع الآليّات التنفيذيّة لمقرّرات المؤتمر في بيروت وبسرعة لأنّ الأزمة في لبنان لا تحتمل المزيد من التأجيل وتضييع الوقت، وهنا كان توافق بينهما على أنّ أيّ إصلاح لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تشكيل حكومة قادرة على خوض هذا التحدّي. إجتماع آخر في غاية الأهميّة عقده شميطلي مع مساعد وزير الخارجية الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، وإجتماع آخر مع مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسيّة كريستوف فارنو، هذا بالإضافة الى إجتماع آخر مع نظيره، الأمين العام لوزارة الخارجية الفرنسية موريس غوردو مونتانيو.
على هذه الكواليس واللقاءات والتعديلات، إنتهى إجتماع مجموعة الدعم الدوليّة في الخارجيّة الفرنسيّة. إجتماع يجزم أحد المشاركين فيه أن محادثاته لم تتطرق الى شكل الحكومة اللبنانيّة التي ينتظر اللبنانيون تشكيلها أكانت تكنوسياسيّة أم تكنوقراط. ما لم يتمّ التطرّق اليه أيضاً من قبل المجتمعين هو تحديد أيّ موعد لاحق لمتابعة مقرّرات المؤتمر وهنا يطرح السؤال، هل أرادت مجموعة الدعم إجتماعاً شكلياً في ظرف دقيق يمرّ به لبنان ومن دون ان تكون مهتمّة بمتابعة مقرراته؟.