في الثالث من كانون الأول الجاري، قامت المديرية العامـة للأمن العـام بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئينUNHCR بتأمين العودة الطوعية لـ1498 نازحاً سورياً من مناطق مختلفة في لبنان إلى الأراضي السورية عبر مراكز المصنع والقاع والعبودية الحدودية، ومن عرسال عبر معبر الزمراني على الحدود السوريّة. هي لم تكن الدفعة الأولى من النازحين التي يواكبها الأمن العام منذ أن أطلق حملة العودة الطوعية، بل كانت الدفعة التي حملت الرقم 26 لكنها الدفعة الأكبر عدداً مقارنة مع كل الدفعات السابقة. ففي المرات السابقة، كانت أعداد النازحين المغادرين تقدر بالمئات، ولم يتخطَّ عددهم ولو لمرة واحدة، الألف نازح كما حصل في الثالث من كانون الأول 2019. العودة الطوعية بدأت منذ أكثر من عام وكانت الأعداد في البداية قليلة نوعاً ما، وبدأت تزداد شيئاً فشيئاً ولكن حتى خلال العام الجاري الذي نظمت فيه المديرية العام للأمن العام 6 مرات العودة الطوعية للنازحين، لم يصل عدد المغادرين الى ما فوق الألف كما حصل في الشهر الحالي. إنها الأزمة الإقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، وهي التي تدفع بالنازحين الى مغادرة البلد إمّا عبر العودة الطوعيّة وإما عبر الحدود بمبادرات منهم.
وبحسب أرقام المديرية العامة للأمن العام، فقد سجل على معبر المصنع فقط في التاسع والعشرين من تشرين الثاني الفائت خروج 4670 سورياً وهو الرقم الأكبر على معبر حدودي أساسي قائم في البقاع الأوسط، وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني الفائت، سجل معبر المصنع خروج 3300 سوري، وفي الواحد والعشرين من الشهر عينه 3040 سورياً. أرقام خروج السوريين حافظت على إرتفاعها مع بداية كانون الأول، وتحديداً في الثالث من كانون الأول الجاري سجل معبر المصنع خروج 3950 سورياً، وهي أرقام كانت في الأشهر الماضية تتراوح بين 1500 و2200 خروج يومياً.
الاسباب التي تؤدي الى مغادرة السوريين لبنان بأعداد أكبر من تلك التي كانت تسجل سابقاً، متعددة وبأكثريتها مرتبطة بالوضع الإقتصادي، وفي هذا السياق تقول المصادر المتابعة،" بسبب الحركة الإحتجاجية التي إنطلقت في السابع عشر من تشرين الأول الفائت وبسبب أزمة الدولار والمصارف، توقفت الأكثرية الساحقة من ورش البناء، وأوقفت غالبيّة المقاولين تعهّداتها الأمر الذي إنعكس سلباً على السوريين أكانوا من النازحين ام من العمال الذين جاؤوا الى لبنان قبل الحرب السوريّة، فهناك عدد كبير منهم طرد من عمله، وبسبب توقف الورش، توقف عمل الكسارات والمقالع المرخصة وغير المرخصة، ما أدّى الى خسارة عدد كبير من هؤلاء اعماله لا سيما الذين كانوا يعملون كسائقين للشاحنات.
الأزمة لم تضرب فقط قطاع ورش البناء، فلم يسلم قطاع منها وهذا ما حصل أيضاً في المطاعم والمقاهي التي يعمل فيها النازحون واضطر أصحابها الى الاستغناء عن خدماتهم.
أضف الى كل ما تقدم، إرتفاع سعر صرف الدولار لدى الصيارفة وفي الأسواق، الأمر الذي جعل قدرة السوريين الشرائية ضعيفة وجعلهم يفضلون المغادرة على البقاء.
قد تكون من أبرز وأفضل ما حققته الحركة الشعبيّة في الشارع اللبناني،فهل كان هناك من يتوقع أن يأتي يوم يقول فيه النازحون السوريون خلال مغادرتهم، "أصبحت الحياة في سوريا أفضل من لبنان وهناك أمان ويمكننا العيش في أرضنا"؟!.