لابد من ان ننوه بالمآل الذي الت اليه الاستشارات النيابية التي كانت مقررة يوم أمس الاثنين، فقد أكد تأجيل هذه الاستشارات مسائل كان من الخطير السكوت عليها ولإيضاح أكثر نقول بان الوصول الى الاستشارات المؤجلة للمرة لثانية كان عبر مخاض تفلب غي المحطات حرجة نذكرها مع توصيفها كالتالي:
بدأت المسالة باستقالة الحكومة التي أقدم عليها رئيسها سعد الحريري في عملية انقلابية على شركائه الأساسيين فيها، استقالة بدا انها نوع من الطعن بالظهر ضد كل من رئيس الجمهورية الذي اظهر شدة احتضان ودفاع عن الحريري في محناته وازماته، وضد الثنائي الشيعي الذي محضه كل أنواع الحماية والدفاع، وطبعا ضد التيار الوطني الحر الشريك الرئيس للحريري في التفاهم حول الحكم. ورغم الم الطعنة وعمقها فقد تحامل المغدورون على أنفسهم وعضوا على جرحهم وأكدوا للحريري تمسكهم به لا لشيء الا لأنه صاحب أكبر كتلة نيابية سنية وانهم يثقون بقدرته على التواصل مع الخارج من اجل لبنان.
لكن الحريري الذي انقلب وطعن اقرانه باستقالته، فسر تمسك الأكثرية النيابية به ضعفا وظن ان بأمكانه عبر ما يسمى ميثاقية مبتدعة في لبنان حديثا، بأمكانه ان يفرض شروطه، الشروط من دفعته الى الاستقالة الانقلابية تلك، وقرر ان يناور بطريقة ظن انها ستضغط على حزب الله والتيار الوطني فيقبلون بشروطه التي اقل ما يقال فيها انها خطيرة تمس بالدستور والسيادة اللبنانية والحقوق اللبنانية والمكتسبات التي حققتها المقاومة خلال 3 عقود من العمل الشاق في مواجهة الأعداء.
وحتى يكون الامر واضحا فاننا نذكر بان شروط الحريري كما بات معلوما هي خروج حزب الله وحلفاؤه في التيار الوطني الحر من الحكومة خاصة جبران باسيل والحصول على صلاحيات استثنائية للتشريع، التصرف الأحادي بملف الحدود مع فلسطين المحتلة وإعادة ترسيمها برا وبحرا وفقا للرغبة الأميركية، السير السريع بالخصخصة وبيع قطاع الاتصال وتقاسم قطاع البترول مع اميركا. اي ببساطة يريد الحريري تعطيل الدستور في كل ما له علاقة بتوزيع السلطة والمشاركة والإطاحة بنتائج الانتخابات وعزل المقاومة وحصارها. وكان طبيعيا ان ترفض شروطه من قبل كل من هو حريص على لبنان وعلى دستوره وعلى الاستقرار فيه فلبنان لا يتقبل في هذا الظرف خاصة حكم الفرد الواحد ولا ديكتاتورية الشخص او الجهة الواحدة.
لم يقتنع الحريري بان الرفض نهائي و اتجه الى لعبة قيل فيها انها سلوك يتنافى مع الاخلاق الحميدة ، و ذلك عبر طرح أسماء بديلة لتشكيل الحكومة ثم حرقها الواحد تلو الأخر حتى بلغ عدد من حرق ثلاثة معلنين وواحد مستتر ، ثم زج الحريري دار الفتوى بلعبة كانت سيئة الاخراج و هنا كانت الكارثة التي قضت في الحقيقة على أي منطق يتيح للحريري العودة الى الحكم و بشروطه .حيث ان اقدام المفتي على حصر الحق برئاسة الحكومة بسعد الحريري كان امرا فيه تجاوز للدستور فضلا عن كونه مستفزا لاخرين راوا في السلوك تهميشا لهم و اطاحة بحقوق يحفظها القانون لهم .و جعلهم يرفضون الامر ويعتبرون الرفض نصرة للدستور من مسيحيين و مسلمين على حد سواء .
لم يأبه الحريري لنتائج ذلك بل و متسلحا بفتوى دار الفتوى استمر في الاستعلاء و التمسك بالشروط الكارثية الالغائية والاحتكارية التفريطية كما ذكرنا و استمر على اعتقاده بانه سينال ما يريد و انه الشخص الذي لا بديل له ، استمر على هذا النحومن التفكير حتى صباح يوم الاستشارات حيث ظهر له ان المسيحيين ورغم ما يقول به بعضهم من تحالف معه لن يقبلوا مطلقا بانتهاك الدستور كما حصل و ان اللبنانيين الاخرين لن يقبلوا بتهميشهم و تاكد له ان تكليفه سيكون منقالية لا تصل الى الاكيريةالمطلقة من مجلس النواب ...تبين له ان تكليفه ان تم لن يكون طريقا الى تشكيل حكومة فعلية و اذا شكلها ( وهو امر شبه مستحيل في ظل توقيع يملكه رجل صلب و قوي لا يخضع لضغوط ولا يخالف الدستور ) تبين له كل ذلك و شعر بحجم الفضية التي تنتظره...فلجا مستجديا تأجيل الاستشارات مطلقا مبررات لا تصرف عن .
لقد استدرج الحريري بتصرفاته في المحطات المتقدمة، استدرج لبنان الى واقع بات يتطلب عملية انقاذية لا يمكن ان تحصل الا عبر التسليم بما يلي:
الحريري شخص غير مؤهل شخصيا الان لقيادة حكومة انقاذ وطني، بعد ان خسر الثقة السياسية به خسارة تضاف الى انعدام ثقة اهل الحراك به أصلا.
شروط الحريري مستحيلة التطبيق وان أي تفكير بتطبيقها يعني خروج من يتمسك بها من مسرح التنافس الجدي على تشكيل الحكومة.
لا يمكن قيام حكومة في لبنان تستثني جهة وزانة الا إذا ارادت هذه الجهة البقاء في المعارضة.
تأكيد مرجع ديني ما، على حصرية من يمثل الطائفة في السلطة وبصيغة الفرض والاستبعاد هو امر غير مقبول ومستفز أيضا.
بات هناك صوت شعبي في لبنان يطلق في الشارع ويجب ان يسمع وهو رغم محاولة تحريفه من جهات خارجية وعبر عملاء الداخل، هو صوت غير قابل للتجاوز ويملك قدرة على التاثير يجب ان تراعى.
اما النتيجة الأخطر فهي ببساطة ان نظام لبنان السياسي الذي انتجه اتفاق الطائف وطبق كما طبق هو نظام غير قابل للحياة وانه لا يأتي للبنان الا بمزيد من الماسي.
على ضوء ما تقدم نرى ان حال لبنان و خطورة أوضاعه الماللية و الاقتصادية و الشعبية و ...الامنية المحتملة ، تفرض فورا تشكيل حكومة تراعي النتائج أعلاه و تسقط شروطا يراد فرضها على لبنان شروط تسقط لبنان اذا استيجب لها .و اذا أراد الحريري ان يقدم خدمة للبنان و لشعبه فما عليه الا ان يعلن تنحيه عن التصدي لمسؤولية تشكيل الحكومة ، فيعطل بذلك الأثر السلبي الذي انتجته فتوى دار الفتوى و بستجيب للحراك الشعبي ، وان يساهم في اختيار شخصية وطنية لتشكيل الحكومة و يتراجع عن شروطه التعجيزية فيحفظ سيادة لبنان ، و يساهم في إنقاذه فهل يفعل ؟