أكد وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال ميشال أبوسليمان أنه "يكثر الكلام في الآونة الاخيرة عن مكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة. والمحاربة الفعلية للفساد لا المحاربة النظرية هي امر ضروري وملح، لكن اللافت أن لا ملاحقات فعلية حتى الساعة"، مشيراً الى أن "أكثرية من يتحدثون عن مكافحة الفساد لا يستهدفون في اتهاماتهم، إلا أخصامهم، فلم نر أيا منهم يوجه شبهة فساد لأحد من فريقه. ولذا، كي تكون هناك ثقة بجدية محاربة الفساد التي تشكل مطلبا اساسيا للحراك الشعبي وللقوات اللبنانية، اتقدم اليوم بالاقتراحات العملية الآتية:
1 - تعزيز استقلالية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتقليص الرجوع الى السلطة السياسية.
2 - إمكانية إزالة العقوبات لبعض كاشفي الفساد وإن كانوا مشتركين فيه. فمن الملاحظ أن لا شكاوى كافية تقدم من الشعب، ربما لأنهم يخافون من تداعيات تقديمهم شكاوى. ولذا، من الضروري تأمين الحصانة لهم، ولو جزئيا، وتسهيل إجراء تسويات".
وخلال مؤتمر في "نادي الصحافة" باسم تكتل "الجمهورية القوية" قدم خلاله "مقترحات إضافية وعملية لتعزيز عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتمكينها من إنجاز مهامها على اكمل وجه، وذلك بمناسبة إحالة اللجان النيابية المشتركة قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، أوضح أبوسليمان أن "المطلوب إدخال بعض التعديلات على قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومن المستحسن أيضا تعديل قوانين أخرى كقانون الاسراء غير المشروع، ولكن يجب عدم انتظار اجراء هذه التعديلات من اجل البدء بمكافحة الفساد، إذ بالامكان القيام بذلك حتى في ظل غياب قوانين فعالة. وعلى سبيل المثال، خلال تولي وزارة العمل، وضعت مكافحة الفساد وعدم التسامح مع أي رشوة أيا كان حجمها من ضمن الاولويات. ومن الخطوات التي قمنا بها:
1 - تحويل كل مشتبه بالفساد او بقبض رشوى - أكان موظفا أم لا - إلى القضاء المختص وإلى التفتيش المركزي، واتخاذ تدابير ادارية اذا كان من موظفي الوزارة.
2 - بما أن الفساد شراكة بين طرفين الراشي والمرتشي، استحدثنا تعهدا يوقعه صاحب المعاملة في الوزارة ويؤكد فيه عدم دفع أي مبلغ غير متوجب عليه قانونا لأي جهة كانت، ويتحمل بنفسه كامل المسؤولية وفقا للمواد 351 و352 و353 من قانون العقوبات اللبناني.
3 - على الصعيد الشخصي، لم اكتف بالتصريح عن اموالي واموال زوجتي المنقولة وغير المنقولة الى رئيس المجلس الدستوري عملا بقانون الاثراء غير المشروع، بل كلفت شركة تدقيق عالمية E&Y للتدقيق بحساباتي وحسابات زوجتي في لبنان وفي الخارج بتاريخ تسلمي مهامي في 1 شباط 2019، ثم التدقيق بكل المداخيل والمصاريف خلال تسلمي مهامي، وتدقيق نهائي عند انتهاء مهامي".
ولفت الى أنه "لقد مر شهرين على بداية الانتفاضة الشعبية وتعبنا جميعا من الطروحات العامة. ولذلك، نتقدم اليوم بطرح قانوني عملي قابل للتطبيق السريع والفعال في ضوء المعايير الدولية والتجارب العالمية الناجحة في هذا المجال. وقد انطلقنا من الإطار القانوني الموجود مع إضافة بعض التعديلات اللازمة التي تؤدي إلى نجاح هذا المسار من دون تأخير أو مماطلة. نضع هذا الطرح موضع نقاش عام مع كل الأطراف المعنية، وعلى رأسها مجلس القضاء الاعلى والهيئات المختصة في المجتمع المدني".
وأشار الى "اننا ركزنا بشكل أساسي على تعديل قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والذي حول الى الهيئة العامة في مجلس النواب، وسنتقدم باقتراحاتنا الى الهيئة العامة. نعتبر أن إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد مستقلة ونزيهة قادرة على تفعيل المحاسبة القضائية واسترداد الأموال المنهوبة وحماية كاشفي الفساد ورفع الحصانات وضمان الحق في الوصول الى المعلومات شرط اساسي لمكافحة فساد جدية ومثمرة".
وأكد أبو سليمان أنه "بناء على خبرتي القانونية، إن ابرز نقاط التعديل التي أقترحها:
1 - توسيع الصفة التمثيلية لأعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وذلك للحد من استنسابية مجلس الوزراء في اختيار الاعضاء مما يحافظ على استقلالية الهيئة، وذلك من خلال:
- انتخاب محام أو حقوقي من قبل نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس في وقت واحد ضمن إجراءات موحدة يقررها مجلسا النقابة، بدل تعيينهما من قبل مجلس الوزراء بناء على ترشيحات من النقابتين.
- انتخاب خبير محاسبة من قبل الهيئة الناخبة في نقابة خبراء المحاسبة بدل تعيينه من قبل مجلس الوزراء بناء على ترشيحات من النقابة.
- أن يكون العضو المسمى من قبل وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية من الخبراء من المجتمع المدني المتخصصين في شؤون مكافحة الفساد او المالية العامة او الادارة العامة.
2 - توسيع صلاحيات الهيئة لتشمل:
- إعطاء الهيئة صلاحية حق اجراء التسويات مع بعض الأشخاص الذين يقدمون معلومات مهمة من شأنها كشف الفساد او استرداد مال منهوب، على ان يقترن منح التسوية بموافقة أكثرية موصوفة من الهيئة وبمصادقة المحكمة الجزائية المختصة. فقد أثبتت التجارب الدولية التي نجحت فيها محاربة الفساد وعمليات استرداد الأموال المنهوبة - وهي بطبيعتها عمليات معقدة جدا - ان اجراء تسويات مع بعض المشتبه فيهم قد سهل وسرع في تحقيق المصلحة لخزينة الدولة. لذلك، نقترح اعتماد مبدأ اجراء التسويات مع ربطه بضوابط، علما بأن القوانين اللبنانية، وتحديدا قانوني العقوبات وحماية كاشفي الفساد، يقران بمبدأ استفادة المخبر عن الجرائم او الذي يعدل عن ارتكابها او يسهل كشفها من منح قانونية تحفزه على ذلك.
- رفع الحصانات عن جميع موظفي الدولة، واجراء التحقيقات والملاحقات بجرائم الفساد من دون الحاجة للاستحصال على الاذونات او التراخيص المسبقة الملحوظة في القوانين. اما بالنسبة للرؤساء والوزراء والنواب، فالمقترح تمكين الهيئة من مباشرة التحقيقات بمعزل عن موضوع الحصانة، من دون حق الادعاء الذي يستوجب اسقاط الحصانات او تعديل دستوري.
- تمكين الهيئة من رفع السرية المصرفية عن حسابات المشتبه بهم بشكل مباشر أو عبر "هيئة التحقيق الخاصة".