بعد حراك شعبي استمر لأكثر من 60 يوماً معلناً عن رفضه لسياسات الدولة اللبنانية المنغمسة بفساد مستشرٍ تمكن من إفساد المجتمع والدولة خصوصاً أن طبقة سياسية تمكنت من الإطباق على مفاصل الدولة مارست مبدأ المحاصصة والفساد من أوسع أبوابه متلطية خلف الطائفية والمذهبية التي أصابت بدورها كل الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، ومع استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري التي جاءت تلبية لطلب خارجي، إذا بلبنان نراه وبعد انكشاف المستور واعتوار الممارسة، تحول إلى حال من الفوضى العارمة جاعلة من هذا الوطن المعذب أشبه بدولة مفلسة فاشلة، وطن يشحذ المساعدة، يسبح وسط أمواج دولية وإقليمية عاتية يبحث عن قارب للإنقاذ.
خلال رحلة البحث الطويلة عن القارب المؤهل للإنقاذ، احترقت قوارب رغم أنها حملت أسماء وازنة، قبل بلوغهم هدف الإنقاذ المنشود، ما أصاب لبنان بحال من الفوضى والتيه والخوف على المصير خصوصاً مع انعدام الرؤية التي تقود إلى بر الأمان.
وسط تلك الأمواج التي لطمت بنية الدولة اللبنانية وأصابته بالتصدع، ظهر من بعيد قارب إنقاذ يقوده الدكتور حسان دياب الذي تقدم بهمة عالية وتصميم ملحوظ معلناً عن نيته أخذ مبادرة القيام بمهمة إنقاذ لبنان الوطن من الغرق المحتم.
وبعد رحلة استشارات نيابية مضنية حصل دياب على 69 صوتاً نيابياً جعلت منه الرئيس المكلف المؤهل المستقل الوحيد لقيادة قارب إنقاذ الوطن اللبناني.
أبحر قارب دياب بسرعة لافتة وسط عواصف سياسية واقتصادية وأمنية هوجاء غير عابئ بعتو الموج الذي طال حتى قاربه المنقذ، ومنذ لحظة انطلاق هذا القارب للإبحار أطلقت ضده حملات وأحكام مسبقة مملوءة بالتشكيك والافتئات أبرزتها بعض وسائل الإعلام المأجورة وبشكل بعيد عن الواقع وغير مقنع بقصد إفشال مهمته الصعبة.
لكن تصميم الرئيس المكلف حسان دياب على إتمام المهمة الموكلة إليه، دفع المتضررين من تكليفه وتصميمه، إلى وضع العراقيل خوفاً من كشف عجز معظم الطبقة التي حكمت لبنان وتمنعت عن إنقاذه حرصاً منها على استمرار مكتسباتها الشخصية أو الطائفية والمذهبية.
منهم من بادر بالافتئات على حسان دياب بأنه يقود قارباً من صنع حزب الله، ومنهم من قال إن حسان دياب هو نتاج صفقة إيرانية أميركية، ومنهم من زاد بذلك ليقول إنه نتاج صفقة إقليمية، والبعض نزع عنه الصفة المذهبية بحجة أن حسان دياب لم يحظ بغطاء مذهبي من طائفته، ومنهم حاول فرض أجندات وطلبات واهية عليه، لكن الرئيس المكلف بالمهمة، استمر مبحراً متجاوزاً كل العراقيل التي وضعت بطريقه إلى المجلس النيابي بهدف إرغامه على التراجع أو الاعتذار عن إتمام المهمة، وبقامة وطنية مرفوعة وثقة بالنفس، شق طريقه نحو المجلس النيابي وسط احتجاجات تقودها جهات وأجهزة مشبوهة، وأنهى الاستشارات النيابية غير الملزمة بنجاح.
وبنهاية يوم الاستشارات بالمجلس النيابي ظهر الرئيس المكلف في الإعلام شاهراً سيفه الوطني بجدارة مطلقة ليقول: أنا لن أتراجع ولن أعتذر عن إتمام المهمة ولا أحد غيري له الحق في تقرير شكل الحكومة أو تحديد طاقم الإنقاذ والقرار يعود لي وحدي لأنني الرئيس المكلف ولا أطلب شيئاً لنفسي بل أطلب للوطن كل الوطن وهي المعادلة نفسها التي حكم بموجبها الرئيس الدكتور سليم الحص خمس حكومات وكانت مفتاح نجاحه.
الرئيس حسان دياب أضاف: أنا لا أريد الصدام مع أحد ولم أكلف بالمهمة لأتخاصم مع أي مكون لبناني، وحكومتي ليست حكومة مواجهة مع أحد لأنها ستكون حكومة كل لبنان، ودعوت الجميع للتعاون بمن فيهم قادة الحراك الشعبي لألبي مطالبهم المحقة.
ورداً على سؤال إن كانت الحكومة المقبلة ستكون من لون واحد؟ أجاب الرئيس حسان دياب: نعم ستكون حكومة من لون واحد وهو لون لبنان فقط، وأنا مستقل لا أنتمي إلى أحد، أو أنا حسان دياب أنتمي فقط إلى لبنان الوطن.
في هذه الأثناء أعلن الحراك الشعبي رفضه تلبية دعوة الرئيس حسان دياب للاجتماع به والتشاور حول تحقيق مطالب الحراك في حكم مسبق على النيات.
إن رفض الحراك الشعبي التجاوب مع دعوة دياب هو رفض غير مبرر ومدعاة للشك بأهداف الحراك، خصوصاً أن الرئيس المكلف هو رئيس يتمتع بنظافة الكف، وسيرته العلمية والثقافية المشرفة، إضافة إلى استقلاله عن أي حزب أو جهة خارجية أو داخلية تجعله يملك صفات مشابهة لصفات الرئيس الحص المشهود له بنظافة الكف والمناقبية بالانتماء الوطني الخالص.
لقد أضحى الحراك الشعبي عبارة عن حراك فوضوي منقسم على نفسه تتنازعه رغبات سلطوية بعيدة كل البعد عن المطالب التي احتشد في الشوارع لأجل تحقيقها.
إن حالة التردي التي أصابت لبنان تجبر كل المخلصين على البحث عن نقطة انطلاق تكون الركيزة الأساسية التي تؤمن إبحاراً آمناً نحو بوصلة إنقاذ لبنان من فوضى البحار الهائجة.
إن بيان تكليف الرئيس حسان دياب تضمن إشارات مهمة تضيء درب الإنقاذ وهو بدوره شدد بصراحة تامة على تحقيق كل مطالب الحراك الشعبي، وهذا دليل كاف على نية الرئيس تأمين الانتقال الآمن للقارب اللبناني إلى بر الأمان.
إن ما تفضل به حسان دياب من عتبة قصر بعبدا ومن بهو المجلس النيابي بكل شفافية، يعتبر الفرصة الذهبية الوحيدة المتاحة أمام اللبنانيين للعبور بلبنان إلى ضفة الإصلاح السياسي والمالي والاقتصادي المنشود، وإنقاذ لبنان من حالة الفوضى الأمنية السائدة وإعادة الثقة بين المواطن والدولة وبين الدولة ومكوناتها، فمن تعاون فاز بشرف المشاركة بعملية الإنقاذ ومن تخلف أو تقاعس فإن التاريخ سيحكم على نياته المشبوهة بإفشال كل السبل المؤدية إلى وصول لبنان إلى الشاطئ الآمن.
إنها فرصة حقيقية تستحق منا جميعاً كلبنانيين وتستوجب إعطاء الوقت اللازم لتأمين إبحار قارب الرئيس المكلف حسان دياب الإنقاذي وإلا فإنا والوطن جميعاً هالكون لا محالة.
وبانتظار الانتهاء من تشكيل طاقم الإنقاذ الحكومي من الاختصاصيين أصحاب الكف النظيف والسيرة الخالية من أي فساد وبعد الكشف عن بنود البيان الوزاري المنتظر سيكتشف اللبنانيون مدى جدية وتصميم الرئيس حسان دياب على قيادة قارب الإنقاذ وإتمام مهمة الإنقاذ الوطني بنجاح.