قبل بدء الاستشارات النيابيّة الملزمة في بعبدا بدقائق كان هناك من يظنّ أنها ستؤجّل، والسبب كان وجود كل مقوّمات التأجيل الأوّل والثّاني، ولكن الاستشارات حصلت وأنتجت حسّان دياب رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة، ضمن تسوية صُنعت في لبنان بمكوّنات لبنانيّة.
فور انتهاء الاستشارات ثارت بعض القوى السّياسية محاولةً اتهام رئيس الحكومة المكلف بالتبعية لمحور، والحكومة المنتظرة بأنها حكومة مواجهة ولون واحد، وظنّ هؤلاء أن داعميهم الإقليميين والدوليين سيتخذون المواقف نفسها من الإسم والحكومة، الأمر الذي لم يحصل وشكّل صدمة نفسية لكل من كان يعوّل على موقف دولي معادٍ للحكومة قبل ولادتها.
تؤكد مصادر سياسية مطّلعة على الجوّ الحكومي، أنّ فريق 8 آذار والتيار الوطني الحرّ توجّها نحو دياب وانجزا ما عليهما وانتظرا ولا يزالان المواقف الدوليّة ممّا يجري. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "لا شكّ أنّ ذكاء هذا الفريق السياسي جعله متيقّنا أنه لن يتمكن من المواجهة بحكومة لون واحد، ولن يتمكن من المواجهة بحكومة تحدّي، لذلك كان الخيار بأن يكون سعد الحريري رئيس حكومة تكنوسياسية، ولكن هذا الفريق نفسه قال بأن ما يسري على الحريري لا يسري على غيره، وهذا ما نحن بصدده الآن"، مشيرة الى أنّ الذكاء يكمن في تشكيل حكومة اختصاصيين برئاسة دياب تتمكن من الحصول على الدعم الدولي وبنفس الوقت لا تكون انقلاباً على نتائج الانتخابات النيابيّة.
لم تمضِ ساعات قليلة جدا على تسمية دياب حتّى جاء الموقف الأميركي الأول على لسان مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل، فكان بمثابة المفاجأة الأولى للقوى التي راهنت على عداء دولي للحكومة، وهي لا تزال تسعى لتشويه صورتها عبر الإيحاء بأنها حكومة لون واحد، ولكن بعد التصريحات الأميركيّة المرحّبة، تكشف المصادر أنّ عددا من الدول العربية المهمة وعلى رأسها مصر، اكّدت دعمها لحكومة لبنانيّة قادرة للعمل على استعادة الثقة، الأمر الذي أوحى لفريق 8 آذار والتيار الوطني الحر أنّ بوادر القبول الدولي للمسار الحكومي اللبناني بدأت تظهر.
مساء الأحد، ومن خلال إطلالة تلفزيونيّة، أكد الرجل السعودي فهد عبد الله الركف، الذي كُتب تحت اسمه على شاشة التلفزيون "إعلامي متخصّص بالملفّ اللبناني"، أنّ السعودية لن تتصل برئيس الحكومة المكلف حسّان ديابإاذا قام بتكليف الحكومة المقبلة، إلا إذا حصل على المباركة من دار الافتاء، مشدّداً على ان "حزب الله هو من اوصل دياب الى التكليف، ونحن بانتظار رضى الشعب اللبناني على موضوع التكليف والتأليف".
الى هنا لا يزال الكلام معقولا من إعلامي، ولكن بختام الإتّصال تم وداع الضيف على أنه المسؤول عن الملفّ اللبناني في وزارة الداخليّة السعوديّة، الأمر الذي جعل كلامه محطّ أنظار الجميع، فهو الموقف السعودي الاول من دياب، ويكاد ينسف كل الإيجابيّات الدوليّة التي ظهرت، ولكن هذه الإيجابيّة عادت بعد توضيح السفارة السعوديّة أمس أنّ "هذا الرجل لا يحمل أيّ صفة رسميّة وآراؤه تمثله شخصياً ولا تعكس موقف السعودية".
عندما صدر الموقف عاد "اللون" لوجوه بعض اللبنانيين الساعين لتشويه صورة حكومة لم تُولد بعد، غير آبهين بكل المعاناة التي يعانيها لبنان وحاجته لحكومة فاعلة، ولكن بعد التوضيح خفَتَ لونهم، وهذا ما تراه المصادر "خيبة أمل" جديدة لهؤلاء. وتضيف: "الى هذه اللحظة لا زلنا نقول أنّ هناك بوادر قبول دولي للمسار اللبناني، ونتمنى أن يتّضح المشهد بشكل كامل خلال أيّام قليلة، داعية الجميع لدعم رئيس الحكومة المكلّف لأنّ مسار الحكومة المقبلة سيكون أساسيا لمستقبل الوطن".
يستمر حسّان دياب بلقاءاته ومشاوراته لتشكيل الحكومة، فهل ينجح مع بداية العام الجديد ويتحسّن الوضع، أم نتّجه الى الجوع كما قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط؟!.