قصص الناس مع القدّيس شربل تختلف الواحدة عن الأخرى،وفي كلّ قصّة تغوص فيها، ألف حكاية وحكاية لا جواب عليها، سوى أن الإيمان هو الملاذ الوحيد والطريق للشفاء. وقصّة رمزي معوّض مع هذا القديس هي واحدة من أروع القصص، ففي لحظة غيّر "حبيس عنايا" حياته ليحوّله الى ربّ عائلة حظي بالكثير من النعم التي يتمنى أيّ إنسان الحصول عليها...
فرمزي معوّض تزوّج في العام 2008 من نادين سليمان، يومها قررا أن يكملا الدرب معاً، ولكنهما لم يدركا أن هذا الحلم كاد ان يكون مستحيلاً لولا تدخّل اللهبواسطة قديسه شربل، ليقلب حياة هذه العائلة رأسا على عقب. تشير نادين سليمان الى أنه "بعد مرور مدّة على الزواج قررا إنجاب أول طفل ليتبيّن أن رمزي يعاني من مشاكل فأجرى جراحة وحملت نادين بعدها وأنجبت طفلها الأول مارون في 21 شباط 2012"، وتلفت الى أنه "وبعد مرور سنة على الإنجاب، إتخذا قراراً بإنجاب طفل آخر، ليتبيّن وبعد إجراء كل الفحوصات أن هذا الأمر مستحيل بشكل طبيعي ولن يتمّ ذلك إلا بالتلقيح الاصطناعي".
الاحتكاك الأول مع القديس
قطع الزوجان الأمل، بعد مرور عدّة سنوات، قررا إصطحاب طفلهما مارون الى دير مار مارون عنايا بناء على نصيحة من الأصدقاء. خلال تلك الزيارة وبحسب ما تروي نادين بدأت كلّ الحكاية، إذ تشير عبر "النشرة" الى أنه "يومها كان الإحتكاك الأول بين القديس شربل ومارون عندما ظهر للطفل وطلب منه أن يضع "حسنةً" أمام الضريح والعائلة سترزق بطفل"، وتضيف: "لم نصدّق بداية، ولكن المفارقة أن أحداً لم يتحدّث بأمر الرغبة بإنجاب طفل أمام مارون، فكيف عرف ذلك لو لم يكن فعلاً القديس شربل هو من تحدث معه"؟، تؤكد نادين أن "شهراً مرّ على هذه الحادثة وعادت العائلة الى قطر حيث كانت تعيش، وأجرى رمزي كامل الفحوصات ليتبيّن من جديد أن وضعه لا يسمح له بالإنجاب بشكل طبيعي"، وتلفت الى أنه "ورغم ذلك كررنا المحاولة من أجل الحمل وما هي الا شهر حتى تبيّن أنني حامل وبشكل طبيعي".
الشفاء العجائبي
لم يتوقّف مشوار القديس شربل مع هذه العائلة عند هذه الحدود، بل استكمل ليتوّج بنعمة إنقاذ من الموت تعرّض لها شربل الطفل الثاني الذي أنجباه رمزي ونادين وولد في 31 ايار 2017. وهنا تلفت الزوجة الى أنه "وبعد سنة على الولادة أصيب بمرض "البلعمي" HLH وهذا المرض خطير، والشفاء منه نادر،حيث يفقد الطفل مناعته بالكامل وعلاجه كيميائي كمرض السرطان"، وتشرح أن "شربل شارف على الموت، وأبلغ الأطباء الوالدين أن الصبي لا أمل بشفائه. وذات يوم طلب مارون من والده أن يحضر قداساً على نيّة شقيقه،وفي تلك الليلة وبعد الإنتهاء أبلغنا مارون أنه صلّى لشقيقه، ورأى القديس شربل على يمين السرير ومار الياس عن يساره وكان هو يخدم القدّاس وشربل يصلّي ومار الياس يطبّب شقيقه"، مضيفة: "عندها نهض مارون وأبلغنا أن شربل سيشفى"، تؤكد نادين أنّ "الشفاء بدأ تدريجيا وتحسّنت صحّة شربل الصغير، وخرج من العناية الفائقة ومن المستشفى وبدأ بالعلاج، حتى إن الأطباء وصفوا ما حصل مع شربل الطفل بالأعجوبة".
رحلة مارون لا تنتهي عند هذا الحدّ،اذ شيئاً فشيئا يزداد تعلقاً بالقديس، ويقول "عندما كنت في الرابعة كنت أركع وارفع يديّمتضرّعًا للصلاة، وأحمل بواحدة وردة وأشعر بالقديس يخرج من داخلي وأراه بعيني"، مضيفا: "في السابق كنت أراه دون أن افتح عيني بالكامل واذا فتحتهما لا أراه، اليوم إختلف الحال فأنا أراه بالكامل". أمام هذه الحالة يروي المسؤول عن سجلّ العجائب في دير مار مارون عنايا الاب لويس مطر الحادثة بشغف وهو مذهول، ويشدد على أن "الإيمان يصنع العجائب ويكفي القليل منه حتى تحصل "الاعجوبة".
هذا هو شربل قدّيس القدّيسين، بعد مرور 121 عامًا على وفاته، العامل الّذي لا يهدأ في حقل الربّ، ولا يردّ كائنًا من كان خائبًا، فهو الأب الراعي والأخ الحنون العطوف المليء بالمحبّة، على غرار معلّمه يسوع المسيح الّذي شعّ نوره منذ أكثر من الفي عام على الكون فعاش سكرانًا بمجد الله وملكوته، فاختاره الله ليولد في السماء ليلة ذكرى ميلاد ابنه على الأرض.