خلال واحدة من المواجهات العنيفة التي سجلت الأسبوع الفائت بين مجموعة من المتظاهرين والقوى الأمنية أمام المدخل الغربي لمجلس النواب من ناحية بلدية بيروت، والتي شهدت أعمال شغب وعمليات كرٍّ وفرّ وصلت الى منطقة الصيفي، حصل ما لم يكن يتوقعه أي ضابط أو أي مسؤول أمني، اي بمعنى آخر، حصل ما لم يكن بحسبان أحد.
أن يرمي المتظاهرون عناصر مكافحة الشغب وشرطة مجلس النواب بالحجارة أو بعبوات المياه وحتى بالمفرقعات النارية، لأمر متوقع وتؤخذ كل الإحتياطات الأمنية مسبقاً للتعامل معه، ولكن، أن يستهدف بعض من المتظاهرين العناصر الأمنية بقنابل مُسيّلة للدموع، لأمرٌ أكثر من مفاجئ ويتخطى كل التوقعات والإحتياطات، لا بل أكثر من ذلك، لأمرٌ أربك القوّة الأمنيّة التي كانت على الأرض، ودفع القيادة بإتجاه فتح تحقيق على أعلى المستويات لكشف حقيقة ما حصل. فبحسب الرواية الأمنيّة، وبينما كانت عناصر مكافحة الشغب تطارد المتظاهرين في الشارع المؤدّي الى بلديّة بيروت ومبنى صحيفة النهار وفندق لو غراي، إستعملت القوة الأمنية القنابل المُسيّلة للدموع بهدف تفريق المتظاهرين وإبعادهم عن مدخل ساحة النجمة ووضع حد لأعمال الشغب، فما كان بالبعض من المتظاهرين إلا أن ردّ على القوة الأمنية بقنابل مُسيّلة للدموع،" وهنا ليس المقصود أبداً القنابل التي ترميها عناصر مكافحة الشغب والتي يعمد المتظاهرون الى ركلها بإتجاه مطلقيها لإبعاد غازها عنهم، المقصود هو أنّ المتظاهرين كان بحوزتهم قنابل مسيّلة للدموع تمّ إستعمالها ضد شرطة المجلس النيابي وقوى الأمن الداخلي " يقول مصدر أمني لـ"النشرة". المصدر الأمني نفسه يكشف أن "القنابل التي إستعملها المتظاهرون لم تكن على شكل تلك التي ترمى من البنادق، بل هي مفرقعات نارية على شكل قنابل دخانية ترمى يدوياً بعد إشعال فتيلها وتتضمن غازات مسيّلة للدموع، صحيح أن مفعولها أخفّ من القنابل التي تملكها القوى الأمنية، لكنها مؤذية وتعيق حركة عناصر الأمن وتفرض عليهم إستعمال الكمّامات التي هي على شكل أقنعة والتي تسمح بالتنفس من دون تنشق الغاز المسيّل للدموع وتحمي العيون من هذه الغازات المؤذية.
بعد تلك الليلة الشهيرة، فُتح تحقيق على أعلى المستويات لمعرفة نوع وحجم هذه المفرقعات، كيف يتم إستيرادها الى لبنان وعبر مَن مِن التجّار، ومن هي المحال التجارية التي تبيعها، وكيف يتم إدخالها الى لبنان، خصوصاً أن القنابل المسيّلة للدموع تدخل فقط الى لبنان لصالح القوى والأمنية، فكيف يتم إستيراد مفرقعات كهذه ويتمكن أيّ مواطن من شرائها.
إذاً، التحقيق فُتح ولن يتوقف قبل كشف جميع المتورطين بعمليّة إستيراد هذه المفرقعات المسيّلة للدموع. تحقيق تسييسه ممنوع ونتائجه أكثر من ضروريّة بالنسبة الى القوى الأمنيّة، وكونه يشكل خطراً على أمن الدولة، سيحال ملفّه على القضاء العسكري لإنزال أشدّ العقوبات بحقّ من ستظهر التحقيقات تورطهم.