تطرح قضية الأموال المهرّبة الى الخارج وإمكانية استعادتها اشكاليّة كبيرة حول مصير البلاد، ولكن ماذا لو استُعيدت؟!... وفي ظلّ هذا كلّه يطلّ اللبنانيون على عام جديد آملين فيه إيجاد الحلول للأزمة، خصوصاً مع واقع أن ايرادات الدولة ضعفت والإستيراد بات ضئيلاً مقابل الجنون بارتفاع الاسعار بشكل كبير...
"لا نعرف بالتحديد قيمة الأموال التي هُرّبت الى الخارج، وهنا يجب إنتظار نتائج التحقيقات التي تقوم بها هيئة التحقيق في مصرف لبنان لنعرف حجم المبالغ ومصدرها". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة عبر "النشرة"، لافتا الى أنه "إذا افترضنا أنّ قيمة المبالغ وصلت الى 11 مليار دولار هناك علامات استفهام توضع أولاً حول الاستنسابيّة في التعامل التي تقوم بها المصارف، فكيف يقبلون أن يتمّ التحويل للبعض فيما يرفضون للبعض الآخر، وهنا الاشكاليّة ليست في الاموال بل في تصرّفات المصارف"، مضيفاً: "هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان تبحث في مصادر الاموال وتستطيع تجميدها إذا شكّت بها".
بدورها مصادر مطلعة تشرح أن "الأموال التي خرجت من لبنان يمكن استعادتها، خصوصاً أن لبنان وقّع على معاهدة مكافحة الفساد في 22 نيسان 2009، وعلى أساس هذه المعاهدة وُقّعت مبادرة استعادة الاموال المنهوبة "، مشيرة الى أن "الامر يحتاج الى تحقيق تقوم به هيئة التحقيق، واذا اشتبهت بأمر ما تستطيع طلب تجميد حسابات الشخص، وتتوجه الى القاضي لتطلب رفع السرّية المصرفية وتبدأ بالمحاكمة لإعادة الاموال".
قضية تحويل الاموال الى الخارج تفاقمت بعد 17 تشرين الاول تاريخ بدء الاحتجاجات في لبنان، والتي أثّرت على القطاع المصرفي فخرجت الى العلن قضية نقص الدولار من الأسواق. ممّا أدى الى اصدار مصرف لبنان تعميما رقم 532 شدّد بموجبه على ضرورة عدم توزيع أنصبة الأرباح. وهنا يرى عجاقة أن "المصارف ملزمة بتطبيق هذا التعميم وهو يساعد على رفع رأس مال المصارف وهذا الاجراء أساسي لحماية الودائع"، معتبرا أن "مشكلة الدولار مرتبطة بفقدان الثّقة، والقسم الكبير من الودائع وضع في الخزنة، وفي حال أرادت المصارف تلبية طلبات الناس جميعها فهي تحتاج الى بيع السّندات التي اشترتها لتحصيل الأموال النقديّة، وبما ان أسعار السندات اليوم متدنّية فعندها ستخسر البنوك، وفي حال طُرحت سندات الخزينة بكميات كبيرة في الأسواق ستتضررّ الدولة حكماً بشكل كبير، من هنا قيّدت المصارف حركة الدولار".
"القضية الأهم لإعادة توازن الوضع هي أن تتم السيطرة على السوق الموازي لبيع العملات أيّ الصيرفة". وهنا تشير المصادر الى أن "هذا الامر من شأنه أن يعيد الثقة الى الناس"، مشدّدة على أن "لجم الصيارفة يتمّ عبر تفعيل الجهات الرقابيّة، وفي حال تحركت تستطيع حكماً إعادة التوازن الى الوضع"، متسائلة "هل هناك رغبة للقيام بهذا الأمر"؟!.
حتى الساعة لا تزال الاموال ضائعة، والمصارف تتخبّط، والاوضاع الاقتصاديّة الى تراجع، ليبقى السؤال: "هل سيحمل العام الجديد الحلول لهذه المشاكل"؟.