الحملة على رئيس الحُكومة المُكلَّف حسَّان دياب، حتَّى السَّاعة، لا تعدو كونها سيلاً من الافتراءات والأَضاليل، وتشويهًا للسُّمعة، لِغايةٍ سياسيَّةٍ في نَفْس مَن لم يجتهد في المُحافظة على دور رئاسة مجلس الوزراء، كسُلطة تنفيذيَّةٍ آل إِليها مجتمعةً، اتِّخاذ القرارات الكفيلة بتسيير أُمور الدَّولة وضبط إِيقاع المُؤَسَّسات، بِحسب وثيقة الطَّائف...
كما وبُنيت هذه الحملة، على كلمات سرٍّ توزَّعت على المُحافظات اللُّبنانيَّة كافَّةً، بالعدل والإِنصاف، وقوامها: "اصلُبوه… أَهدروا دمه… اعدموه سياسيًّا… وشوِّهوا صورته".
غير أَنَّ هذه "الهمروجة" مُرجَّحةٌ إِلى الانحسار، تزامُنًا مع انحسار العاصفة "لولو" في نهاية الأُسبوع المُنصرم، على اعتبار أَنَّ ما بُني على باطلٍ... فهو باطلٌ، ومع انحسار العاصفة السِّياسيَّة "سيذوب الثَّلج ويظهر المرج جليًّا"!...
وأَمَّا رئيس الحكومة المُكلَّف فقد أَظهر أَنَّه من طرازٍ نادرٍ من السِّياسيِّين عندنا، الَّذين يُؤْثرون العمل على أَنْ يُضيعوا الوقت في الرُّدود على "المُفترين".
لقد تلقَّف –ومن دون تردُّدٍ– كرة النَّار، في حين كان البعض "يقف على تلَّةٍ ليرى كيف ستُجرى الأُمور"، والبعض الآخر حاول القفز فوق الأَزمة الرَّاهنة أَو الهُروب إِلى الأَمام، أَو حتَّى "رُكوب موجة" الحراك الشَّعبيِّ!...
لكنَّ التَّشكيك برَئيس الحكومة المُكلَّف أَتى مِن أَقرب المُقرَّبين، من بيته، فكان "ظُلم ذوي القُربة أَشدَّ إِيلامًا"… غير أَنَّ دياب قرَّر التَّعالي على الإِهانات الشَّخصيَّة، لأَنَّ الهدف الأَسمى يعود إِلى الصَّالح العامِّ، والمصلحة الوطنيَّة الجامعة...
ترك حسَّان دياب انطباعًا، مُخالفًا كُليًّا، وإِلى درجة النَّقيض، لِما يُشاع عنه، بِسبب حملة الافتراء المُنظَّمة ضدَّه… فهو الإِنسان الرَّصين، غير المُنتمي إِلى حزبٍ أَو تيَّارٍ سياسيٍّ أَو محورٍ مُعيَّنٍ، وإِنْ كان محاورًا لبِقًا مع الجميع!. وقد كان أَداؤُه في وزارة التَّربية، وهو الاختصاصيُّ بها، إِنَّما نابعًا من خلفيَّة اختياره شخصًا مُناسبًا للمكان المُناسب، وعملاً بالمَثل الشَّعبيِّ القائِل "اعطِ خُبزك للخبَّاز"…
وبعد كلِّ ما أَسلفناه: أَلا يستأْهل الرَّجل فرصةً واحدةً، بعد كلِّ ما أَظهره من روحٍ مسؤولةٍ، منذ سُمِّي رئيسًا مكلّفًا تشكيل الحكومة الجديدة، على أَثر الاستشارات الرِّئاسيَّة المُلزمة الَّتي دعا إِليها –وفي الوقت المُناسب– رئيس الجمهوريَّة العماد ميشال عون؟… وفي المُقابل، أَلا يستحقُّ اللُّبنانيُّون أَنْ يُعلِّقوا أَملاً في ولادة حكومةٍ تكون على قدر تطلُّعاتهم وتُلبِّي مطالبهم؟.
إنَّ الشُّرفاء من الحراك الشَّعبيِّ يميلون إِلى منحه هذه الفُرصة، ما دام الهدف "أَكل العنب وليس قتل النَّاطور"، وفي هذه الحال فإِنَّ الكُرة باتت في ملعب ما سيأْتي به دياب من تسمياتٍ وزاريَّةٍ...
غير أَنَّ أَصواتًا بدأَت تصدر من هُنا وهُناك، تُحاول إِرهاب النَّاس بـ"عظائِم الأُمور الَّتي ستحدث بداية العام الجديد"… فيُحدِّثونك عن "انهيارٍ حتميٍّ في آذار المقبل، لأَنَّ أَمام الدَّولة اللُّبنانيَّة في تلك الفترة التزاماتٍ تقع في خانة سداد خدمة الدَّين"…
إِذا ما كُنَّا لطفاء مع هؤلاء، على درجةٍ عاليةٍ، فإِنَّنا نردُّ عليهم بعبارة: "كذب المُنجِّمون ولو صدقوا"… ونقول "مُنجِّمين" لأَنَّ "المُنغمسين" في الإِشاعات الَّتي يُروَّج لها، ضمن حملةٍ من الافتراءات… لا بُدَّ من أَنْ يكونوا مُنجِّمين، إِذا كانت إِشاعاتهم محض شخصيَّة، أَو إِنَّهم مأْجورون، يُرهبون النَّاس تنفيذًا لمُخطَّطٍ إِنَّما هم فيه في موقع "الدُّمى" الطَّيِّعة لِمن يُحرِّكها ذات اليمين وذات اليسار، وهي لا عقل لها ليُرشدها إِلى تجنُّب سوء السَّبيل!...
لستُ هُنا في وارد الحديث السِّياسيِّ مع بُزوغ فجر السَّنة الميلاديَّة الجديدة، وكلِّ ما يُرافقها من دعواتٍ إِلى استقبال الآتي من الأَيَّام بقُلوبٍ بيضاء انتُزعت منها الضَّغينة انتزاعًا، غير أَنَّني أَرجو أَنْ يُقرأَ ما كتبتُ مِن زاوية شهادة الحقِّ، ورسالة السَّلام!…