ليست الشركة العقاريّة التي تعدّت على مجرى المياه في الناعمة هي الوحيدة التي تسببت بالفيضان الذي حصل في بداية كانون الأول الجاري، وهذا ما أكده التقرير الفني المفصل الذي جاء نتيجة للكشف الميداني، الذي أجرته وزارة الطاقة والمياه عبر المديرية العامة للموارد المائيةوالكهربائية. التقرير الذي حصلت "النشرة" على نسخة منه، يفنّد المخالفات التي سببت حصول الفيضان على الشكل التالي :
أولاً-تنفيذ طريق على طول المجرى يبدأ من الاوتوستراد الساحلي حتى مطمر الناعمة ضمن الاملاك العامة النهرية من دون مراعاة الشروط القانونية والفنية، لجهة تأمين سيلان المياه، ان بإنشاء أنابيب (قساطل) لا يزيد قطرها عن المتر الواحد أو عبر عبارات ذات مقاطع هندسية صغيرة ومتنوعة.
ثانياً-تضييق المجرى بسبب التعدّيات عليه عبر إقامة أقنية مكشوفة، وعبّارات صغيرة وتحويله احياناً الى أنابيب لا يتجاوز قطرها المتر الواحد من قبل اصحاب العقارات للمرور الى عقاراتهم، او من البلدية المعنية من دون مراعاة الشروط القانونية والفنية.
ثالثاً-استباحة المجاري المائية من قبل مشروع افراز ضخم قرب مطمر الناعمة، وتنفيذ طرقات تتقاطع مع المجرى من دون ايّ مسوّغ قانوني وفني، ودون تأمين سيلان المياه فيه، بالإضافة الى تدحرج كميات كبيرة من الردميات والحصى من كسّارة ضخمة موجودة في المنطقة الى المجاري المائية حيث شكلت عائقاً لجريان الماء، مع الاشارة أن هذين المشروعين المذكورين تسببا بنزع الغطاء النباتي من مساحة شاسعة في هذه المنطقة وقد ساعد بسرعة تدفق المياه الى المجرى.
رابعاً-بالإضافة الى ما ورد أعلاه لوحظ وجود عشرات المخالفات والتعديات على المجرى من الاوتوستراد حتى مطمر الناعمة، الامر الذي يتطلب اجراء عمليّة مسح شاملة للمجرى وتدقيق لتحديد الجهات التي قامت بها وماهيتها.
تقرير وزارة الطاقة والمياه الذي رفع الى لجنة الأشغال النيابية، لم يتحدث فقط عن الأسباب، بل إقترح حلولاً أبرزها:
- اعداد دراسة فنية هيدرولوجية وهندسية على مستوى الحوض للمجرى لاقتراح الحلول المناسبة، على ان يتم تعميم وتطبيق هذا المفهوم على كافة الاحواض.
- ازالة جميع التعديات على كامل المجرى من قبل المحافظ والبلدية المعنية، بما فيها تنظيف كامل المجرى وازالة جميع المنشآت المخالفة، والادعاء على كل من اعتدى وتسبب بهذا الفيضان بالنسبة لهذا المجرى وجميع مجاري المياه في لبنان.
- ازالة الحاجز الترابي عند تقاطع الاوتوستراد مع القناة المنشأة بمحاذاة الشركة العقارية المتعدية، لتسهيل الجريان الطبيعي.
- الايعاز الى اصحاب مشروع الافراز (مشروع الريشاني) فورا بإجراء ما يلزم لتثبيت التربة ومنع وصول ردميات هذا المشروع الى المجرى، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وصول مخزون الكسارة الموجود الى المجرى.
- مراسلة وزارة الداخلية والبلديات للطلب من جميع البلديات مراقبة مشاريع الافراز والمشاريع القائمة، ومنعها من التسبب بوصول ردمياتها الى الطرقات والمجاري، كما عدم السماح لأي كان من رمي النفايات والردميات على طول المجرى.
- الطلب الى "سوكلين" اجراء ما يلزم لمنع انجراف البازلت الموضوع عند بعض المواقع على جانب المجرى ومنع وصول الردميات من داخل المكب.
- مراسلة مجلس الانماء والاعمار بشأن المشروع الجاري تنفيذه للقيام بالتشدد بالمراقبة من قبلهم ومن قبل الاستشاري والزام المتعهّد بالتقيّد بأحكام دفاتر الشروط والمواصفات الفنية ولا سيما السلامة العامة وحماية البيئة، بالإضافة الى ضرورة اعادة النظر بشأن اي تمديدات منفّذة من قبلهم ومراجعة اي تخطيطات مستقبلية وفقاً للأصول.
إذاً، التقرير واضح والمخالفون معروفون بالأسماء، فهل سيأتي يوم يحاسبون فيه على فعلتهم؟!