لم تتأثر ليلة رأس السنة هذا العام بما يعاني منه لبنان إقتصادياً ومالياً لناحية إطلاق الرصاص الذي بدأ منذ الساعة الـ١١،٥٠ تقريباً ولم يتوقف إلا بعد الساعة الـ١٢،٣٥.
لقد صُرف مبلغ لا بأس به من قبل عدد من اللبنانيين فقط، لأنهم قرروا ألا يغيّروا عادتهم السيّئة وأطلقوا الرصاص في الهواء. إذا سألت مطلقي النار يقولون إنه إبتهاجاً بحلول العام الجديد، لكنّه سرعان ما يتحوّل الى مصيبة لدى أهل الجرحى الذين أصيبوا برصاصات طائشة.
في السنوات القليلة الماضية بدأت القوى الأمنيّة تتشدّد أكثر فأكثر مع مطلقي النار أكان ذلك ليلة رأس السنة أو بعد صدور نتائج الإمتحانات الرسمية أو غيرها من المناسبات، لكن هذا التشدّد يبدو أنه لا يزال يحتاج الى تعاون المواطنين مع القوى الأمنيّة كي يعطي نتائج أفضل على صعيد طيّ صفحة هذه الآفّة المؤذية.
وإنطلاقاً من معادلة كل مواطن مسؤول، يتبيّن أنّ القانون يحاسب كل شخص شاهد اعتداء على السلامة ولم يبلّغ عنه، والعقوبة غرامة حدّها الأدنى ٢٠٠ ألف ليرة والأقصى مليوني ليرة. وفي هذا السياق يشرح مرجع قانوني المادة 128 من قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي جاء فيها: "على كل شخص شاهد اعتداء على الأمن العام أو على سلامة الإنسان أو حياته أو ملكه، أن يخبر بذلك النائب العام الاستئنافي أو أحد مساعديه، الذي يتبع له محل حصول الجريمة أو محل إلقاء القبض على مرتكبها أو محل إقامته. وإن امتنع من دون عذر مشروع عن الإخبار فيلاحق أمام القاضي المنفرد الجزائي، الذي يتبع له محل حصول الجريمة ويعاقب بغرامة حدّها الأدنى مئتا ألف ليرة والأقصى مليونا ليرة".
هذا لناحية الشاهد على إطلاق الرصاص، أما الفاعل، فيجب ملاحقته على فعلته الممنوعة والتي يعاقب عليها كونها تشكل جرماً في قانون العقوبات، خصوصا إذا كان السلاح غير مرخّص. فعندما يجرح أو يقتل أحدٌ بهذا الرصاص الطائش يمكن الادّعاء على مطلق النار بجرم القتل قصداً، انطلاقاً من أنّ إطلاق الرصاص رغم احتمال إصابة الاخرين به، يسمى جرمًا محتملاً. وفي هذا السياق تنص المادة 189 من قانون العقوبات المتعلق بالجريمة ونيّتها على الآتي: "تعدّ الجريمة مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل، إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة". وفي شرح قانوني لهذه المادة، فعندما يقدم مطلق الرصاص في الهواء على فعلته، يجب أن يكون قد توقع أن هذا الرصاص قد يصيب أحدا ما بالصدفة، ومع ذلك عندما أطلقه فقد قبل بالمخاطرة تحقيقاً لنزوة شخصية ورغبة خاصة ولم يبالِ بحياة الآخرين، ويكون في الحقيقة ارتكب جرم المادة 547 من قانون العقوبات التي تنص على أنه: "من قتل إنساناً قصداً عوقب بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة".
هذه العقوبات لم تقتصر فقط بحسب القوانين والنصوص على من أطلق النار وقتل أحداً، فمن يطلق النار في الهواء من دون أن يتسبب بقتل أحد، تنطبق عليه المادة 75 التي تعتبر هذه الحالة جنحة وليس جناية، وعقوبتها تتراوح 3 بين أشهر وثلاث سنوات، وعادة اطلاق النار في الهواء لا تتجاوز عقوبته الأشهر.
إذاً، القوانين التي تضع حداً لهذه الآفة المزمنة، موجودة، وبدلاً من الإستنكار والتضامن مع أهل الضحية، فليطالب اللبنانيون بتطبيقها اليوم قبل الغد، وقبل أن يقتل المزيد من المدنيين الأبرياء، وكل ذلك تحت عنوان الإبتهاج!.