فيما كان الثوار ليل الأحد يقطعون جسر فؤاد شهاب المعروف من قبل الجميع بجسر الرينغ كانت معظم التلفزيونات المحلية التي هبت في السابع عشر من تشرين الاول 2019 لتنقل تحركات الثورة، كانت هذه التلفزيونات تغيب عن التغطية المباشرة وكأن لا الثوار ولا ثورتهم ولا مطلبهم تعنيهم.... بدا المشهد من بعيد حزيناً ومقلقاً لا بل مريباً... الناس تنتظر ماذا سيفعل الثوار الذين لم تخمد همتهم فيما اخبارهم وتحركاتهم باتت غير معروفة مرئياً...
لكن نظراً لأهمية الاصوات التي تسارعت في المنطقة، تعثرت الحكومة قبل ان تتألف والسبب الرئيسي هو العودة الى حكومة تكنوسياسية في ظل احتدام الصراع والتداعيات المتوقعة في العالم العربي لذا لا يمكن لحزب الله التخلي عن وزارة الخارجية ونقطة على السطر.
***
أين نحن؟ وكيف نتعاطى مع أسوأ أزمة مصيرية يعيشها لبنان في تاريخه الحديث...
- ثورة امتدت ثلاثة أشهر تطالب بتغيير حقيقي.
- حكومة تولد وسط توتر اقليمي خطير.
- انهيار مالي واقتصادي واجتماعي هو الأكثر قساوة منذ نشوء دولة لبنان وهو ينذر بأن يتفاقم في الاسابيع المقبلة لعدة اسباب...
اذا كان البعض ممن هم في السلطة يعيش لغاية اليوم حالة انكار للواقع وكأن لا شيء حاصلاً فهذا لا يعني ان البلد ليس بحاجة الى خريطة طريق واضحة لا تكسر الثوار ولا تكسر الوطن..
من الأكيد ان ليس الثوار من ضربوا لبنان ودمروا اقتصاده ونهبوا مؤسساته وافقروا شعبه والأكيد ان معظم السياسات، التي اتبعت على مدى السنوات
الثلاثين الماضية ومن طبقّها ومن ارتكب فيها الموبقات والسيئات، هي المسؤولة عما آلت إليه الاوضاع.
ومن الأكيد ان الثوار يريدون ان يلمسوا شيئاً حقيقياً بعد كل تعبهم وسهرهم وصراخهم... يريدون محاسبة حقيقية.... يريدون تسريع الخطى نحو فتح ملفات الفساد، يريدون تغييراً في الادارة، وفي طريقة إدارة المال العام ومؤسسات الدولة، يريدون قضاء نزيهاً لا يتدخل فيه أحد، يريدون استعادة المنهوب من تعبهم، يريدون مالهم الذي تقرصنه المصارف يريدون الكهرباء من دون انقطاع، يريدون حلولاً لأزماتهم اليومية الحياتية وهي أدنى الحقوق التي نزلوا من أجلها...
***
ليس لهم وليس لدينا رفاهية الوقت... الأيام تمرّ ولم يعد بالامكان الاستمرار في الانتظار... ومع ذلك وحين كان الثوار يتابعون غضبهم تعثرت فرصة تشكيل الحكومة كما سبق وذكرنا... كما تعثر العمل الحكومي نهائياً، ما دام سعد الحريري توقف عن تصريف الأعمال وما دام وزراء حكومة تصريف الأعمال لا يقومون بالحد الأدنى المطلوب لخدمة الناس على قاعدة "يا رايح كتر القبايح" وما دامت البلاد بحاجة للحد الأدنى من العمل على صعيد الأمور الأساسية للناس في مأكلهم وشربهم وعملتهم وشؤونهم اليومية..
***
وما دام الوضع الأقليمي ذاهباً الى تدهور أكثر ولا يسمح ببقاء البلاد في مهب الريح... صار لزاماً التعاطي بحكمة مع أي تحرك في المرحلة المقبلة.
***
فما هو الحد الأدنى للبلاد والعباد الذي يعيد منح البلد "نفساً" للتعاطي بروية مع ما يجري حولنا...
الجميع يريدون للبنان الاستقرار ولا مصلحة لأحد بوقوع فوضى في لبنان تغرق المنطقة أكثر فأكثر في المجهول والدماء والوحول...
والمطلوب خطوات سريعة وجدية تجنب لبنان وشعبه المصير الغامض ولا سمح الله إنهيار الهيكل على رؤوسنا جميعاً.