حرص الإيرانيون على "صورة" الردّ العسكري على اغتيال قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني، فمن حيث الزمان انطلق الصاروخ الأول في نفس التوقيت التي نفّذت فيها الولايات المتحدة الأميركية عملية الاغتيال، ومن حيث المكان، جاء الرد الإيراني على قاعدة "عين الأسد" العسكرية الأميركية، أي القاعدة التي انطلقت منها الطائرات الأميركيّة لاستهداف موكب سليماني. فما الذي تمثّله هذه القاعدة وما هي الصواريخ الإيرانية التي اعتُمدت في الهجوم؟.
في العام 1987 انتهت الأعمال في إنشاء هذه القاعدة وسميت بـ"القادسية" وهي تتسع لـ5000 عسكري مع الملاجئ، المخازن المحصّنة، ثكنات عسكريّة وملاجىء محصنة للطائرات بالإضافة إلى المرافق الخدماتية مثل المسابح الأولمبيّة المفتوحة والمغلقة، ملاعب كرة قدم، سينما، مسجد، مدرسة ابتدائيّة وثانوية، مكتبة، مستشفى وعيادة طبّية، ومن ثم تحولت مع الأميركي الى قاعدة "عين الأسد".
تقع قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار، وهي الأكبر في غرب العراق. هي قاعدة جوية عراقيّة ومقر قيادة الفرقة السابعة العراقية للمشاة، وتمثل أهمية إستراتيجية وعسكرية. قبل الدخول الأميركي الى العراق كانت قاعدة للطائرات المقاتلة وللهليكوبتر التابعة للجيش العراقي، أما مع الاجتياح الأميركي فتحولت الى مقر للمارينز، حتى تاريخ 2011، أي تاريخ الخروج الأميركي من العراق.
مع تطور الأحداث العراقية ودخول "داعش" على خط المعارك فيه، دخل الضباط الأميركيون مجددا الى قاعدة "عين الأسد" عام 2014، وضجّت في ذلك العام وما تلاه بالجنود الأميركيين والخبراء والأدوات العسكرية والحربية، والأهم تواجد الرادار الأميركي الاكبر في المنطقة، والمخصص لعمليات التجسس.
تجدر الإشارة الى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد ذكر هذه القاعدة منذ ساعات عندما قال أن لدى بلاده قاعدة جوية باهظة الثمن بشكل استثنائي، وكلّفت مليارات الدولارات لبنائها، مهدداً بعدم مغادرتها إلا في حال تمّ تعويض كلفتها. كما كان قد زارها يوم 26 كانون الأول 2018 برفقة زوجته ميلانيا ترامب للاحتفال مع الجنود بعيد الميلاد المجيد.
أما بالنسبة الى الصواريخ المستعملة في الهجوم الإيراني، فقد أشارت وكالة تسنيم الإيرانية الى أن القوّات الإيرانية استخدمت صاروخي "ذو الفقار" و"قيام" في الهجوم على "عين الأسد".
في العام 2016 كشفت إيران النقاب عن صاروخ باليستي أرض-أرض "ذو الفقار"، وهو نسخة مطورة عن صاروخ الفاتح 110، ويبلغ مداه 700 كلم، وطوله 8.86 مترًا ويصل قطره إلى 61 سنتمترًا ويتجاوز وزنه 450 كيلوغراماً، مع رأس حربي انشطاري، وقد استعملته القوات الإيرانية في العام 2018 في سوريا، عندما استهدفت، من أراضيها، معاقل تنظيم "داعش" في البوكمال السوريّة، ردًّا على هجوم "الأهواز" الذي نفذه التنظيم في أيلول 2018، وأسفر عن مقتل 24 شخصا، مع الإشارة الى أنّ بعض التقارير الإعلاميّة تحدثت عن استعماله أيضا في العام 2017 ضد تنظيم "داعش" في محافظة دير الزور.
ويعتبر الصاروخ من الصواريخ التكتيكية، وهو يطلق بشكل مائل، من قاعدة ثابتة أو متحرّكة إلى هدفه على مرحلة واحدة، وهو صاروخ نقطي خفيف لا يكشفه الرادار.
أما صاروخ "قيام" فهو من الأجيال الحديثة في الترسانة البالستيّة الإيرانيّة، ويصل مداه إلى 800 كيلومتر، ويصل وزن الرأس التفجيري فيه الى 645 كيلوغراما، ووزنه الإجمالي يصل الى 6380 كيلوغراما، وهو يعتبر أول صاروخ في إيران يُنتج دون أجنحة توجيه، ويعتمد على الدفع الموجّه، ما يؤدّي إلى زيادة سرعته في العمليّات وخفض الفترة المحدّدة لإعداده، وتمّ الكشف عنه عام 2010.
يمتاز هذا الصاروخ بقدرته العالية على إصابة الأهداف بدقّة، وهو يعمل بالوقود السائل عبر عمليّة احتراق من مرحلة واحدة، كما يمكنه حمل رؤوس حربيّة متنوعة، ويمكن إطلاقه من منصّات بريّة ومن على متن السفن الحربيّة، اضافة الى إمكانيّة إطلاقه من الغوّاصات.
لم تُعلن الإدارة الأميركيّة بعد حجم الخسائر او قرارها تجاه ما جرى، فهل يتم الردّ على الردّ، وإن حصل، هل تندلع الحرب أم تبقى إرادة عدم نيّة أحد الوصول اليها هي الأقوى؟.