اشار الاب اثناسيوس شهوان الى انه "أمام الأحداث التي نمر بها في هذا الوطن يستذكرني شعار صحيفة "الجنان" التي أصدرها المعلّم بطرس البستاني عام ١٨٧٠م وهو "حب الوطن مِن الإيمان"، كما في العام نفسه صدر عن الآباء اليسوعيين صحيفة "البشير"، وقد كتب فيها رئيس الرهبنة اليسوعيّة آنذاك الأب أمبروسيوس مونو: "جُعِلت الصحف لسد منافذ الرذيلة وفتح أبواب الفضيلة"، لافتا الى ان "ولادة الصحافة في لبنان كانت على يد خليل خوري عام ١٨٥٨م الذي أصدر "جورنال" "الأخبار"، وقد كتب هذا الصحفي الكبير:" نلتمس من كل مهذّب يرغب نفع البلاد أن يشرّفنا بوضع اسمه في هذه القائمة" أي قائمة المساهمة في شراء الصحيفة والداعم في انتشارها خدمة للكلمة الصادقة.
وأوضح الاب شهوان انه "هكذا انطلقت الكلمة المكتوبة من وطننا الحبيب، وبات لها روّادًا كبار وأساتذة ودكاترة فلسفة وآدب وتاريخ وعلوم على أنواعها، أمثال أسد رستم (١٨٧٩-١٩٦٥م) وشارل مالك (١٩٠٦- ١٩٨٧م) وغسان التويني (١٩٢٦-٢٠١٢م) وغيرهم، وبات لبنان علمًا في الكلمة المكتوبة يرفرف على قمم جبال العالم بأسره ويعلو اسمه في أعلى المنابر، ويكتب دباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمن اللجنة التي كانت برئاسة اليانور روزفلت زوجة فرانكلين روزفلت، وأعني هنا الدكتور شارل مالك الذي شغل منصب مقرر للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في عام ١٩٤٧م وعام ١٩٤٨م، وذلك عندما أصبح رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة"، مضيفا :"صحيح أن كثير من الصعاب تضرب هذا الوطن على كل الأصعدة المختلفة، تربويًّا وسياسيًّا ووطنيًّا وأخلاقيًّا واقتصاديًّا وغيرها، إلّا أن إيماننا يبقى راسخًا لأن الله قادر أن يحوّل اليباس إلى جنّة مثمرة، وأمام ما قاله الرب بلسان أشعياء النبي:
" يُزْهِرُ إِزْهَارًا وَيَبْتَهِجُ ابْتِهَاجًا وَيُرَنِّمُ. يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَجْدُ لُبْنَانَ" (أش ٢:٣٥) يقول القدّيس غريرغوريوس النصيصي (٣٣٠-٣٩٥م) "بدخول الرّب إلى القلب وحلول الروح القدس فيه يُنتزع العقم الداخلي وتغرس جنة الرب المثمرة التي تفرح قلب الله "، فحتمًا إذا اصطلح الإنسان أوّلًا اصطلح الوطن".