فيما عجلات تشكيل الحكومة تدور بسرعة لإطلاق الاعلان وبعدها جلجلة صياغة البيان الوزاري فالثقة التي قد تكون معلقة.
كانت المشاهد الصادمة التي عاشها اللبنانيون على مدى ليلتين ومن في الاغتراب على شاشات التلفزة ووسائل التواصل تهز الناس وتربكهم... في لحظة يشعر المتابع ان فصولاً من تاريخ لبنان الجميل تندثر وتطوى وان مجهولاً آتٍ لا محالة قد ينسف كل معالم لبنان على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية...
***
ثورة الغضب التي أطلقها اللبنانيون منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي أطلقت العنان لتحركات الناس الموجوعة والمقهورة والجائعة والمعدمة... لكنّها عرَّت في الوقت نفسه الجمهورية الكرتونية التي عشنا في ظلالها على مدى سنوات طوال...
صحيح اننا عشنا فورة ذاك النظام إن في جمهوريته الأولى وإن في جمهوريته الثانية، لكننا اليوم شئنا أم أبينا ندخل في صفحات جديدة لتاريخ لبنان الحديث. جمهورية الطائف تلفظ انفاسها الأخيرة ومعها كل ممارسات وموازين القوى التي رافقت مرحلة الولادة... الى أي جمهورية نحن ذاهبون؟
لا نعرف ولكن حكماً الى جمهورية تصوغ دعائمها حناجر الشعب الثائر.
صح أم غلط لا نعرف ولكن ما نعرفه اننا لن نعود الى صيغة الجمهورية نفسها التي خنقت اللبنانيين على الصعيد المالي والنقدي.
***
فهل ما جرى ويجري جزء من مخطط لخنق البلاد وأخذها الى مكان آخر لا نريد التوسع به الآن؟
أما على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي فنحن ولا شك، ذاهبون الى نموذج جديد...
سنعيش على مدى سنوات في حالة من النمو ما دون الصفر. حالات البطالة سترتفع ارقامها، نسب الفقر ستزداد، اقفال المؤسسات سيتصاعد مع الوقت.. وهذا ما قد يهدد الامن الاجتماعي بالانفجار.
نعم هذا ما نحن واصلون اليه.
والجميع يعرف من أوصلنا اليه.. ولن نكرّر اللازمة هنا... من المسؤولون المباشرون على مدى 30 عاماً وبدّعوا آخر ثلاث سنوات؟
ما يهمنا اليوم هو معرفة كيف سنتكيّف مع الواقع الجديد على كل الصعد؟ وهل أية حكومة مهما كبّرت الاصلاح قادرة على أخذنا الى الأمام؟
وهل الاسماء التي سقطت على الحقائب مستقلة كما طالب بها شعب لبنان الثائر؟
وهل هي فعلاً حكومة تكنوقراط؟
وأبعد من ذلك، ولنفترض ان هذه الحكومة تمكنت من بناء جسر ثقة مع الناس، هل هي وحدها قادرة على التكيّف مع الواقع الجديد في لبنان بعد 17 تشرين الأول؟
أليس كل النظام السياسي الذي سقط بحاجة الى وجوه جديدة تواكب الجديد؟
أليست الانتخابات النيابية المبكرة ضرورة وأولوية الى جانب الهمّ النقدي والمالي الكبيرين؟
***
أليس التجديد في كل المؤسسات ضرورياً وأساسياً لمواكبة ما يطمح اليه الناس؟ ما يجري منذ شهر ولغاية اليوم لا يبشر بالخير للأسف:
ما نعيشه تسويات واسقاطات لتفاهمات على حساب الناس وعلى حساب صرخاتهم وكأن لا شعبَ ثائراً غاضباً ولا من يثورون.
***
لا نريد ان نكون متشائمين ولا نريد ان يطلق الرصاص والسهام على الحكومة فور ولادتها. نريد ان نعطيها فرصة لأن ما يعيشه البلد لم يعد يحتمل.. ولكن هل الاسماء المتداولة والمعروضة أوحت للشعب الغاضب الأصيل بالثقة؟ هنا لبّ الموضوع.
المطلوب اسماء لهم استقلاليتهم الكاملة ولا للتبعية أو المحاصصة؟
هذا يمكن ان يوصلنا الى نتائج تنهض بالبلد، وتحقيق جزءٍ من احلام شعب افترش الساحات والشوارع؟
ان الشعب اللبناني الثائر والغاضب له الحق المطلق بالاقتناع والقبول والثقة بالحكومة التي طالب فيها أو...
لننتظر ونرَ...