أكد المحامي أنطوان نصرالله، في حديث لـ"النشرة"، أن "جلسات مناقشة الموازنة غير دستوريّة، ويشوبها مخالفات فاضحة، خصوصاً أننا لسنا في عقد عادي لمجلس النواب، كما أنّه لم يتم فتح عقد إستثنائي"، مشيرا إلى "عدم إمكانية الحكومة الحالية ممارسة صلاحيّاتها إلا في اطار تصريف الأعمال فقط"، معتبراً أن "ما حصل في مجلس النواب هو تخفيض لأهميّة الموازنة رغم المخاطر التي نعيشها في ظل الوضع الراهن"، مشدداً على أنّ "المادة 64 من الدستور واضحة جدّا، وتنص في البند الثاني منها على أنّ الحكومة لا تُمارس صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد إستقالتها أو إعتبارها مستقيلة، إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال".
ورأى المحامي نصرالله أن "الفضيحة تكمن في أن رئيس الحكومة حسان دياب حضر جلسات مناقشة الموازنة بصفة مُراقب، بينما كان بإمكانه إنتظار نيل حكومته الثقة ومن ثم الذهاب الى نقاشها"، مشيراً إلى أن السعي كان لإقرار الموازنة قبل 31 كانون الثاني الجاري، لافتاً إلى أن "المجلس النيابي الذي يضم في غالبية أعضائه نواباً مدّدوا لأنفسهم في السابق، والمجلس الذي لا يستمع لإرادة الشعب اللبناني، ويسكت عن عدم تطبيق الحكومات المتعاقبة لـ58 قانونا، هو مجلس نتوقع منه كل شيء".
ورداً على سؤال عن المخرج الدستوري الذي كان من المُفترض إتّباعه في مثل هذه الحالة، أوضح نصرالله أنه "كان على الحكومة أن تُسرع في إنجاز بيانها الوزاري لتنال الثقة من مجلس النواب، ويصار بعدها إلى عقد جلسة لمناقشة مشروع الموازنة"، مؤكدا أنه "بإمكان الحكومة في هذه الطريقة أن تتبنّى ما أعدّته الحكومة السابقة"، مضيفاً: "في السابق بقي البلد لمدة 10 سنوات من دون موازنة، وكان بإمكانهم الإنتظار لمدة قصيرة ومحددة بدل القيام بمخالفة الدستور"، معتبراً ان "كل ما وصلنا اليه هو نتيجة غياب المجلس النيابي عن القيام بدوره، وكل الكتل النيابية سواءً التي حضرت الجلسات أو تغيّبت عنها تتحمّل مسؤولية التلاعب بالمهل الدستورية وتحويل الدستور اللبناني إلى وجهة نظر"، مشيراً الى أن "هناك إمكانية للطعن في حال تقدم بذلك 10 نواب من المجلس، ولكن كلنا نعلم كيف جرى تعيين المجلس الدستوري الموكل اليه البت بهذه الطعون".
من جهة أخرى، لفت نصرالله إلى أن "مرحلة التسلم والتسليم بين الوزراء إنتهت، وبدأت مرحلة العمل، ولا يمكن ان يتم منح الحكومة فرصة مئة يوم لأن واقع البلد المأزوم لا يحتمل المزيد من إهدار الوقت"، معتبرا أنه "بحسب الظاهر فإن الأمور تبدو وكأنها تدار بطريقة تقليديّة، ولم نرَ أي فكرة مُبدعة، بل رأينا عددًا من الوزراء يعيدون كلام أسلافهم من الوزراء السابقين".
وأشار نصرالله إلى أنّ "من هم في السلطة يسمحون لأنفسهم بالتواصل مع الخارج ويسعون لإرضائه، بينما لو تواصل أحد غيرهم يتم تخوينه"، معتبراً أن "الجهات الخارجيّة تنتظر ماذا ستقدم الحكومة سواء في بيانها الوزاري أو في طريقة ادائها"، موضحاً أن "كل المؤشرات في السنوات الخمس الماضية كانت تؤكد أننا سنصل إلى هذا الحال المتعثر إقتصاديًا وماليًا، وهنا نسأل ماذا قدّمت هذه الطبقة السّياسية لتدارك الأزمة؟ بالطبع لا شيء".
وتوقع نصرالله أن تكون هناك عوائقَ أمام عمل الحكومة لن تستطيع السيطرة عليها، معتبرا أن "هناك تراكما في الوعي لدى الناس وهذا أمر مطمئن أدى الى كسر الحواجز"، مؤكداً على أهميّة الاستمرار في الضغط الشعبي والقانوني والإعلامي.