يضاعف رئيس الحكومة حسان دياب جهوده لإنجاز البيان الوزاري مع نهاية هذا الأسبوع تمهيداً لطرحه على مجلس النواب لنيل الثقة اللبنانية والعربية التي قطعتها ممارسات وزير الخارجية السابق جبران باسيل الذي لم يبق تقريباً وزير خارجية عربي إلا واختلف معه، ولا سيما وزراء دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما انعكس سلباً على حركة الودائع العربية إلى المصرف المركزي من أجل تثبيت سعر صرف الدولار.
أما بالنسبة للثقة الدولية، فدياب حريص على عدم إغضاب الدول التي ستتبرع بالأموال والمساعدات لتعويم الوضع النقدي والاقتصادي منعاً للانهيار إذا لم تتوافر الشروط.
وأفاد أحد الوزراء المقربين من دياب «الشرق الأوسط»، بأن الفقرة المتعلقة بالمقاومة ليست بالأمر السهل، وقد لا ترضي أوروبا وأميركا؛ لذا تتكثف المشاورات ويجهد دياب لإقناع القوى السياسية بجعل الأولوية في البيان الوزاري لتنشيط الوضعين النقدي والاقتصادي وإعطائهما الأولوية نظراً إلى خطورة انهيارهما.
وذكر المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط»، أن الفقرات التي أصبحت نهائية أو شبه نهائية في مشروع البيان الوزاري هي المتعلقة بإنشاء حكومة إلكترونية وحل المجالس ووضع قانون جديد للانتخابات ونظام للشيخوخة وآخر للضمان الصحي الشامل.
ويستهل مشروع البيان الوزاري بمقدمة تؤيد الانتفاضة الشعبية، وفي نصها: «أتت هذه الحكومة نتيجة نقمة شعبية على كل مساحة الوطن، صرخ خلالها اللبنانيون من وجعهم من جراء عيشهم الذليل في بلد لا يؤمّن لهم أدنى متطلبات العيش الكريم. وأعلن الشارع مطالبه بوضوح منذ اليوم الأول ورغبته في تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة سيادية من اختصاصيين قادرين مستقلين عن الأحزاب التي تولت السلطة لعقود، وذات صلاحيات تشريعية استثنائية، وذلك كخطوة أولى لبناء دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية والازدهار الاقتصادي والتوازن البيئي والدولة المدنية. إنها ولا شك مرحلة صعبة ودقيقة في تاريخ لبنان؛ إذ إننا في خضم أزمة اقتصادية، مالية، ونقدية تؤثر على جميع أطياف المجتمع، وتولد كارثة اجتماعية ضحيتها الأولى هم الفقراء، وتجعل ممن تبقى من الطبقة الوسطى فقراء أيضاً».
ويشير نص «المسودة» الذي حصلت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن «أعمال الحكومة تقتصر على محاور، أهمها (وقف التدهور المالي)؛ و(تعزيز شبكة الأمان الاجتماعية)، و(وقف مزاريب الهدر ومكافحة الفساد)؛ و(إعداد قانون عادل للانتخابات النيابية)». ويوضح أن وقف التدهور المالي يتم باتخاذ إجراءات عدة، من بينها «اعتماد سياسة جريئة لإدارة سعر صرف الليرة اللبنانية؛ وذلك منعاً لانهيارها التام، وإصدار مرسوم اشتراعي ينظم عملية ضبط حركة رأس المال (Capital Control) ،ويضع أسُساً وفترة زمنيّة لها، واعتماد أعلى درجات الشفافية فيما يتعلق بكشف حسابات المصرف المركزي لتحديد وضعية رؤوس الأموال المودعة لديه من قبل المصارف وموجوداته كافة».
وفي ملف إعادة هيكلة القطاع المصرفي، يتحدث البيان عن «منع أي هندسة مالية مستقبلية لتعويض نقص الربح وتحميل أصحاب المصارف وكبار المودعين العبء الأكبر، الذين استفادوا من السياسات المالية في الماضي»، إضافة إلى «تشديد الضوابط لمنع المصارف من التعرّض لاستثمارات خطيرة»، و«التحقيق الفوري بالتحويلات إلى الخارج التي حصلت بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) ونشر نتائجها، بالإضافة إلى مساءلة المصارف عن استنسابية التعامل مع المودعين»، و«التفاوض على أي إجراء استثنائي إضافي لازم».
كما تلتزم الحكومة «تعزيز شبكة الأمان الاجتماعية»، عبر «مكافحة الفقر المدقع ومساعدة الأسر الأكثر فقراً»، و«اعتماد نظام صحي شامل لتغطية جميع اللبنانيين»، و«ضمان شيخوخة لجميع اللبنانيين»، و«اعتماد نظام ضريبي جديد منصف لفائدة الطبقة الوسطى والفقيرة»، إضافة إلى «دعم شركات القطاع الخاص وتحديداً المتوسطة والصغيرة الحجم ومعالجة الخلل البنيوي للاقتصاد اللبناني لنقله من اقتصاد رَيعي إلى منتج يخلق فرص عمل مستدامة ويزيد التصدير ليعالج بالتالي أزمة ميزان المدفوعات وأزمة الميزان التجاري»، و«إعادة تقييم مشاريع البنى التحتية المقترحة على مؤتمر سيدر، بناءً على جدواها الاقتصادية، والحاجة إليها، وأثرها البيئي (المحارق، سد بسري، الخ...)، وعدالة توزيعها على المناطق الأقل إنماء».
كما تلتزم الحكومة «وقف مزاريب الهدر ومكافحة الفساد؛ وذلك باتخاذ الإجراءات التي تشمل الإدارة عبر تعزيز وتطبيق مفهوم التدقيق الداخلي في صلب عمل الإدارات والمؤسسات العامة كافة».