مع بداية الإسبوع الحالي، تتطلع الأوساط السياسية إلى إنتهاء ​حكومة حسان دياب​ من إنجاز ​البيان الوزاري​، لتنتقل بعد ذلك إلى ​مجلس النواب​ للحصول على الثقة، التي باتت مضمونة بعد أن أكدت قوى الأكثرية النيابية، التي سمّت دياب لرئاسة الحكومة، أنها ستمنحها اياها، مقابل حجبها عنها من جانب القوى التي إختارت الذهاب إلى المعارضة.

في ظل هذا الواقع، تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول كيفية تعامل قوى المعارضة مع الحكومة الجديدة، في المرحلة المقبلة، لا سيما أنها ستستعى إلى الإستفادة من الواقع الحالي لكسب المزيد من النقاط السياسية، لكن في هذا الإطار ينبغي التنبه إلى مسألة جوهرية، تكمن بنجاح رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ في تأمين نوع من الهدنة السياسية مع كل من رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​.

ما تقدم، تأكد بشكل حاسم في جلسة مناقشة الموازنة العامة، التي ساهمت مشاركة نواب كتلتي "المستقبل" و"اللقاء الديمقراطي" في تأمين نصابها لإقرارها، وهذا الأمر ما كان ليتم من دون التنسيق بين بري والحريري وجنبلاط، وهو ما سيترجم لاحقاً في جلسة الثقة التي من المقرر أن تشارك فيها الكتلتين أيضاً، مقابل إحتمال مقاطعة تكتل "الجمهورية القوية" وبعض النواب المستقلين.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن هناك ما يشبه الإتفاق السياسي بين قوى الأكثرية، تحديداً "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، وكل من "المستقبل" والإشتراكي"، لتأمين ظروف نجاح حكومة دياب في الحد من الأزمة الراهنة، لافتة إلى أن الحريري يحافظ على خط العودة مع "الثنائي الشيعي"، نظراً إلى أنه يدرك جيداً أن مهمة رئيس الحكومة الحالي مرحلية، وبالتالي هو يدرك أن عودته إلى السراي الحكومي لا يمكن أن تتم من دون موافقة هذا الثنائي، في ظل توتر علاقاته مع "​التيار الوطني الحر​".

بالتزامن، توضح هذه المصادر أن الحريري بات يدرك جيداً أن مشكلته الحقيقية ليست مع "حزب الله" و"حركة أمل"، خصوصاً أن الثنائي لا يزال حتى الآن يفضل وجوده في رئاسة الحكومة على غيره من الشخصيات السياسية، بالرغم من من الدعم الذي يسعى إلى تقديمه إلى دياب في الوقت الراهن، نظراً إلى أن ما حال دون عودته إلى رئاسة الحكومة يكمن بموقف حلفائه الخارجيين، بالإضافة إلى موقف بعض الجهات المحلية التي حالت دون تأمين الغطاء المسيحي لتسميته، خصوصاً "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية".

في هذا الإطار، تشير المصادر نفسها إلى بعض الدلائل التي تؤكد على أن مهمة حكومة دياب ستكون محصورة بالسعي إلى الحد من تداعيات الأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية، حيث النقاش الذي سيطر على مداولات صياغة البيان الوزاري كان حول البنود التي تتعلق بهذه التداعيات، بينما ما يتعلق بالأمور السياسية لم يكن محل سجال، خصوصاً في ظل تركيبتها التي تقترب من اللون الواحد، في حين أنه بات من الواضح أن مجلس الوزراء لن يذهب إلى إستفزاز الحريري أو جنبلاط في أي إجراءات أو تعيينات تستهدف المسحوبين عليهما.

بناء على ما تقدم، السؤال الأساسي الذي يطرح في بعض الأوساط يتعلق بكيفية التعامل مع الملفات السياسية الأساسية، لا سيما تلك التي ترتبط بالظروف الدولية والإقليمية، والتي كان أبرزها الإعلان الأميركي عن ما بات يعرف بـ"صفقة القرن"، مع ما تحمله من تداعيات على الأوضاع اللبنانية.

حول هذا الموضوع، تشير المصادر السياسية المطلعة إلى أن الملفات السياسية الأساسية ستكون خارج مجلس الوزراء، وتؤكد أنها لن تكون محصورة بقوى الأكثرية النيابية، أي "التيار الوطني الحر" و​8 آذار​، حيث تلفت إلى أنها التوجه هو لأن تكون موضع نقاش مع الحريري وجنبلاط، وذلك عبر رئيس المجلس النيابي تحديداً، لكنها في المقابل لا تنكر إحتمال أن يعود رئيس الجمهورية العماد ميشال إلى خيار طاولة الحوار الوطني، التي تجمع مختلف الكتل النيابية في القصر الجمهوري في بعبدا.