في الأيام الأولى من العام ٢٠٢٠ شن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط هجوماً عنيفاً عبر تويتر على رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري. جنبلاط كتب عن "سقوط الأقنعة" وعن أن "تفاهم البوارج التركية والإتصالات بين البرتقالي والأزرق خرّب البلد". هجوم سرعان ما رد عليه الحريري بتغريدة مضادة كتب فيها "فعلاً الأقنعة سقطت واللعبة إنكشفت، في ناس عندن عمى بالسياسة ونظرن مروكب عالأزرق، رافضين يفوتوا عالحكومة من الباب وراكضين يفوتوا من الشباك".
هذا السجال الإفتراضي بين حليفي الأمس، إقتصر على هاتين التغريدتين، وكأن الرجلين كانا على علم مسبق بأن الظروف السياسية ستجمعهما قريباً، وهذا ما حصل فعلاً عندما زار جنبلاط الحريري في بيت الوسط في العشرين من كانون الثاني الفائت. زيارة بيت الوسط، تؤكد المصادر المتابعة، أنها أسست لإعادة تفعيل العلاقة التي لم تنقطع أصلاً بين تيار المستقبل والحزب الإشتراكي، وهنا تكشف المعلومات عن تنسيق سُجّل بين كليمنصو وبيت الوسط، قبل جلسة إقرار الموازنة في مجلس النواب، وقد إتفق الفريقان على المشاركة في الجلسة، وعلى تصويت المستقبل ضد الموازنة على أن يمتنع نواب الإشتراكي عن التصويت وهكذا حصل. رفع مستوى التنسيق بين المستقبل والإشتراكي، سيستكمل اليوم في اللقاء الذي سيجمع في مركز الحزب الإشتراكي في وطى المصيطبة، مسؤولي القطاعات والمناطق من الفريقين. لقاء، من شأنه، أن يعزز التقارب السياسي ويحصنه بتنسيق ميداني ومناطقي. وعما إذا كان الهدف من هذا التنسيق، العودة الى إحياء تحالف "١٤ آذار" يقول مستشار جنبلاط رامي الريس لـ"النشرة" "لسنا في وارد العودة الى إعادة إحياء جبهات سياسية، فالظروف السياسية تغيرت والحسابات اختلفت، والظرف الدقيق الذي يعيشه لبنان يحتاج الى العقلانية". الريّس يؤكد أن "الحزب الإشتراكي يريد أن يمارس المعارضة البنّاءة" ويقول "صحيح أننا خارج الحكومة، ولكن البلد يحتاج الى جهود الجميع".
وعن هذه المعارضة البناءة، تكشف المعلومات أن رئيس الحكومة حسان دياب إتصل بالنائب السابق وليد جنبلاط وتمنى عليه أن يكلف شخصيةً تكون على تنسيق معه للتشاور في الكثير من الملفات وعلى رأسها تلك الإقتصادية والمالية، وقد سمّى جنبلاط الريّس، الذي تؤكد المصادر المتابعة أنه التقى دياب ولأكثر من مرة ضمن إطار المهمة الموكلة اليه.
وكما في جلسة الموازنة، كذلك في جلسة الثقة المرتقبة الأسبوع المقبل، يدور حديث بين المستقبل والإشتراكي، حول عدم إعطاء الثقة لحكومة دياب، وهذا ما سيصدر رسمياً عن إجتماعات كتلتي المستقبل واللقاء الديمقراطي في الأيام المقبلة.
إذاً، المياه عادت الى مجاريها بين المختارة وبيت الوسط لكنها لم تعد بعد بين معراب وبيت الوسط، حيث العلاقة مقطوعة منذ اليوم الذي لم تسمّ فيه القوات الحريري لتشكيل الحكومة. علاقة القوات مع المستقبل، يؤكد الإشتراكيون أنهم لن يدخلوا على خطها في محاولة لترتيب الوضع، كل ذلك لأن قناعتهم ثابتة بأن المرحلة المقبلة هي للمعارضة البناءة وتقديم الخطط لا للجبهات السياسية عير المفيدة راهناً.