تبحث الدولة اللبنانية عن وسيلة تُعيد إليها إيراداتها المالية بعد المعاناة التي بدأت في تشرين الأول، ولم تنته بعد. الخزينة العامة تعاني من نقص في الاموال، لأن القطاعات التي تُدخل المال شبه متوقفة، واللبنانيون يعيشون بظل "عصيان مدني" مقنّع، فهم لا يمكنهم دفع المتوجبات عليهم، وبعضهم لا يريد دفعها.
تحدثنا سابقا عن الخسائر الماليّة الضخمة التي يتكبدها الاقتصاد اللبناني يوميا، كذلك بالنسبة للخزينة العامة، الأمر الذي يؤثر على موازنة 2020 المبنيّة على أساس إيرادات معينة، فكما ضُربت موازنة 2019 بعد اختلالها في الأشهر الثلاثة الاخيرة، ستُضرب موازنة 2020 بسبب الاختلال الّذي تعانيه الخزينة حاليا.
تُدفع فواتير المياه عادة مع كل نهاية عام، ورغم أنها تصدر خلال الأشهر الأولى من السنة، يحاول المواطن تأجيلها قدر المستطاع. صدرت الفواتير عن مؤسسات المياه في لبنان وعددها أربع وهي مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان ومركزها مدينة بيروت، مؤسسة مياه لبنان الشمالي ومركزها مدينة طرابلس، مؤسسة مياه البقاع ومركزها مدينة زحلة، ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي ومركزها مدينة صيدا، ولكن الفواتير بنسبة كبيرة جدا منها لم تُدفع بعد، بحسب ما علمت "النشرة" من اكثر من مصدر في مؤسسات مياه لبنان الجنوبي وجبل لبنان وبيروت.
تكشف المصادر أن نسبة كبيرة من اللبنانيين طلبت من الجباة استمهالهم فترة من الزمن، وهذا أمر طبيعي بسبب ما نمرّ به، مشيرة الى أن البعض الآخر طلب التقسيط، وواقفت المؤسسات عليه وبدأت بتطبيقه، مشددة على أن الدولة كلها تعاني من نقص بالإيرادات، لا مؤسسات المياه فقط، إنما هذه المؤسسات قد تكون بحاجة للمال أكثر من غيرها لأجل الاستمرارية.
لا تنتهي معاناة مؤسسات المياه هنا، اذ علمت "النشرة" أن الوضع السلبي الذي يعانيه لبنان، وتعانيه مؤسسة كهرباء لبنان بشكل خاص، دفع بالاخيرة لتقليص ساعات التغذية بالتيار الكهربائي لمؤسسات المياه، ما جعلها تتراجع عن تقديم خدماتها، كذلك تحتاج مؤسسات المياه لكثير من الأموال لتشغيلها، فهي بحاجة الى الفيول، والأهم الى مواد كيميائية تطهّر المياه قبل إرسالها الى المنازل، وهذا ما لم تتمكن بعض المصالح او الدوائر في مؤسسات المياه من الحصول عليه، لولا تدخّل الصليب الأحمر الدولي.
إن المشاكل التي تعانيها مؤسسات المياه لم تظهر للعلن بعد، وذلك بسبب تدخل الصليب الأحمر الدولي الذي ينفّذ بحسب ما علمت "النشرة" مشاريع تعاون مع عدد من المؤسسات والمصالح، لتأمين أبسط حاجاتها للإستمرار. وفي هذا السياق تشير المتحدثة بإسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي في لبنان رونا حلبي الى أن التعاون بدأ مع نهاية العام الماضي، من خلال القسم الخاص بالمياه والسكن في الصليب الأحمر الدولي، لافتة النظر في حديث لـ"النشرة" الى أن التعاون بدأ من الجنوب مع مصلحة مياه لبنان الجنوبي.
وتضيف الحلبي: "كانت المصلحة في الجنوب بحاجة الى مواد مطهّرة فتمكنّا من تقديمها اليها، وبعدها بفترة زمنية بسيطة احتاجت الى الفيول لتشغيل المولدات، فقدمت اليهم، ومن ثم انتقل التعاون الى البقاع حيث قدمنا 3 مولدات كهربائية لتشغيل 3 محطات أساسية، وفي الشمال احتاجت مؤسسة المياه هناك الى مواد كيميائيّة مطهّرة، سيحصلون عليها خلال أيام، كما سنقدم لهم مولدات كهربائية".
تؤكد الحلبي أن عقد التعاون بمجال الفيول يستمر حتى نيسان المقبل، ليصار بعدها للوقوف على حاجات المؤسسات وتحديد مجالات التعاون، اما المواد المطهّرة فهي تكفي الجهات التي حصلت عليها لموسم كامل.
تمكنت مؤسسات المياه من الصمود بفضل تدخل الصليب الأحمر الدولي، ولكن السؤال الأساسي هو ما الذي سيحصل بحال توقفت المساعدات، أو عظُمت الحاجات؟.