قد لا يمرّ أسبوع من دون بيان أو تصريح يصدر عن نقيب أصحاب محطات المحروقات سامي البراكس، بهدف التهديد والوعيد تارةً بالإضراب، وتارةً أخرى برفع سعر صفيحة البنزين، بحجة أن أصحاب المحروقات يخسرون من جراء إرتفاع سعر صرف الدولار، ومن نسبة الـ١٥ بالدولار التي يدفعونها للموزعين والشركات المستوردة، والتي يعتبرونها جائرة وظالمة كونهم يبيعون الزبائن بالليرة اللبنانية.
تهديدات البراكس التي كانت مؤذية بإضراباتها في الأسابيع التي سبقت إنتفاضة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، وخلال شهر كانون الأول الفائت، تحولت في الأسابيع الماضية الى قنابل صوتية لا أكثر ولا أقل، من دون إضرابات، كل ذلك لأسباب منها يتعلق بالنقابة ومنها ما هو مرتبط بموزّعي المحروقات أو أصحاب الصهاريج.
صباح أمس كان من المقرر أن تعتصم نقابة أصحاب المحطات أمام وزارة الطاقة والمياه، لكن الإعتصام لم يحصل وإنتهت الأمور بإجتماع بين ممثلي النقابة والموزعين ووزير الطاقة ريمون غجر، وفي المعلومات، فمن دفع في إتجاه إلغاء الإعتصام هو ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، الذي يعتبر أن الحوار مع الوزارة قد يكون مفيداً لأصحاب المحطات والموزعين أكثر بكثير من الإعتصام، وبحسب المصادر المتابعة للقاء فقد سمع الوفد من الوزير غجر بأنه غير قادر على تغيير جدول الأسعار أو تخفيض الضريبة التي تتقاضاها الدولة من البنزين إلا بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب.
تهديدات البراكس لم تعد قابلة للترجمة العمليّة على الأرض، لأنه لا يملك أكثرية داخل النقابة، وهنا تقول مصادر مطّلعة من النقابة بأن النقيب حاول في الجمعية العمومية الأخيرة، التسويق لإعلان الإضراب المفتوح، لكن محاولته سقطت سريعاً لأن أصحاب محطّات المحروقات لا يتحملون التبعات المادية للإضراب في ظل الأزمة التي يعيشها لبنان. كذلك حاول البراكس أن يهدد الدولة ووزارة الطاقة بإصدار جدول أسعار للمحروقات والبيع على أساسه، الأمر الذي تمّت مواجهته بمعارضة شرسة داخل النقابة، قادها أبو شقرا كممثل للموزعين والمحطات، ودعمتها أكثرية ساحقة من أصحاب المحطات. أكثرية ترفض رفضاً قاطعاً مخالفة القوانين بإصدار جدول أسعار مخالف للجدول الذي يصدر عن الوزارة، وتعرف تماماً أن مخالفة قانونية كهذه ترتب عليهم محاضر ضبط بعشرات الملايين تسطّرها بحقّهم مصلحة حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد، وتُحال على القضاء الذي يحدد قيمتها بأحكام تصدر عنه.
إذاً، بين البراكس وأصحاب المحطات والموزعين، "مش ماشي الحال"، فالأكثرية تفضّل الحوار، وتريد إعطاء فرصة للحكومة الجديدة بعيداً عن التصعيد والإضرابات، بهدف الوصول الى إقرار شروطها. كذلك، تعتبر هذه الأكثرية أن المواطنين لا يمكنهم أن يتحمّلوا أزمة محروقات جديدة، فهمومهم وهواجسهم كثيرة وهي كافية لكي تجعل حياتهم حياة إستثنائية بظروف صعبة. لذلك، لا يتوقّع المتابعون في يوم من الأيام بأن يدعو البراكس الى التصعيد وأن يلتزم أصحاب المحطات.