رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها أنه "من الواضح أن تركيا تحاول رسم خطوط حمراء جديدة لها في محافظة إدلب السورية بمعزل عن الاتفاقات الموقعة مع الجانب الروسي في "سوتشي" و"أستانا"، وهي تستخدم في سبيل ذلك كل الوسائل السياسية والعسكرية، والتملص من الالتزامات، لعلها تحمل موسكو على القبول بمطالبها، وخصوصاً ما يتعلق بالجماعات الإرهابية التي تعمل في خدمة مشاريعها ومخططاتها".
ولفتت الصحيفة الى أن "تقدم الجيش السوري في إدلب، واسترداد مدن وبلدات رئيسية تشكل معاقل للإرهابيين، استفز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ فأطلق تهديدات واتهامات ضد دمشق وموسكو، وأقدم على دفع المزيد من قواته جنوباً في محاولة لوقف تقدم الجيش السوري باتجاه مدينة إدلب، كما أوعز لـ"جبهة النصرة" في غرب حلب بقصف المدينة، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى مدنيين في شرقها"، مؤكدا أن "هذه المواقف التصعيدية أثارت أيضاً غضب موسكو التي رأت فيها رسائل مباشرة موجهة إليها، فردت للمرة الأولى بخمس غارات على مدينة الباب، الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة، كما قصفت محيط رتل عسكري تركي بالقرب من مدينة كفر حلب في ريف حلب الجنوبي الغربي، كذلك واصلت الطائرات الروسية دعمها الجوي للجيش السوري".
وأشارت الصحيفة الى أن "وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قام بزيارة المواقع العسكرية التركية على الحدود السورية في محيطي إدلب وحلب، ومن هناك أطلق تصريحاً اتهم فيه روسيا بـ"الكذب"، مضيفا: "لقد أبلغنا الروس مسبقاً مرتين بتحركات الجيش التركي في المنطقة".
وشددت الصحيفة على أن"الرئيس التركي أردوغان فقرر زيارة أوكرانيا؛ ليوجه من هناك رسالة سياسية ذات مغزى إلى روسيا؛ حيث أعلن أن تركيا لم ولن تعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم إليها في 18 آذار 2014"، مضيفا: "اعتبرت موسكو هذه الزيارة مقصودة، وكذلك التصريحات التي صدرت عنه، من بينها أيضاً تهديده بإلغاء اتفاقات "أستانا" و"سوتشي"، والملفت أيضاً أن أردوغان اجتمع خلال وجوده في أوكرانيا مع جميل قرمللي أوغلو، زعيم أتراك القرم، وبحث معه تفاصيل الدعم التركي لهم"، مؤكدا أن "الرد الروسي على استفزازات أردوغان، ومحاولاته طرح أوراق جديدة؛ لمساومة الكرملين، جاء من وزارة الخارجية التي دعت إلى تفعيل المذكرة الروسية - التركية الموقعة في سوتشي يوم 17 أيلول 2018، وخاصة الفصل بين "المعارضة المعتدلة" والإرهابيين في إدلب"، مشيرة الى أن "مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا، فأكد أن تصعيد التوتر في إدلب ناجم عن تكثيف مسلحي "هيئة تحرير الشام"، جبهة النصرة هجماتهم على القوات السورية والروسية"، معتبرة إن "الاجتماعات حول سوريا في مجلس الأمن تنعقد عندما يقع الإرهابيون في خطر؛ جرّاء عمليات الجيش السوري وعدّد العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت المدنيين والقوات السورية والروسية، مؤكداً أن من حق وواجب سوريا مكافحة الإرهاب"، مضيفة: "هناك أزمة فعلية بين روسيا وتركيا تحتاج إلى مراجعة؛ لكن يبدو أن أردوغان ركب رأسه وقرر مواجهة الدب الروسي في سوريا، فهل ينجح؟".