عام 2011 وُلدت حكومة برئاسة نجيب ميقاتي حُسبت على فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر آنذاك، ففُتحت عليها نار جهنم، ولم يوفّر خصومها مناسبة الا وهاجموها فيها، في الداخل اللبناني وفي الخارج، حتى أن قوى 14 آذار آنذاك دعت الدول الغربية والعربية لعدم التعامل مع تلك الحكومة، بغضّ النظر عن تداعيات هذا الأمر على لبنان. اليوم، التاريخ يُعيد نفسه ولو بأشكال مختلفة.
منذ أيام دعا أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الى "رمي" الخلافات السياسية جانبا، والتفرّغ للمعالجة الاقتصادية، لان البلد متى "سقط" سيعني سقوط الجميع معه، كذلك دعا الى التوقف عن تسمية الحكومة، بحكومة حزب الله، لأنها لا تضرّ الحزب بل تضرّ لبنان، ولكن هذا الكلام رغم أهميته لم يلقَ آذانا صاغية لدى بعض اللبنانيين.
ترى مصادر قيادية في قوى 8 آذار أن مهاجمي حكومة حسان دياب، قبل ولادتها وبعدها، يعلمون بحجم الضرر الذي يتسبّبون به، وربما هذا ما يسعونلتحقيقه، اذ يريدون سقوط لبنان بشكله الحالي، ظنّا منهم أن لبنان الجديد سيكون في مكان سياسي آخر، يختلف عما هو عليه اليوم. وتضيف المصادر: "قبل ولادة الحكومة، لا بل منذ اليوم الاول لتسمية دياب، أُعلنت الحرب عليه، وبالتالي لا تتعلق المسألة بأسماء وزراء، أو شكل الحكومة، إنما بحسابات سياسية بحت، يقودها أحزاب في قوى 14 آذار، وليس كل أحزاب هذا الفريق، وحركات تنضوي تحت لواء "الحراك الشعبي".
اليوم، يقول الواقع أن لا بديل عن الحكومة الموجودة حاليا، والتي أظهرت جدّية بالعمل لم تكن متواجدة لدى أيّ حكومة سابقة، ولو أنه بالإمكان تسجيل الكثير من الملاحظات على عملها، وبالتالي من يريد مصلحة لبنان عليه أن يدعمها ويتمنى لها النجاح، وعليه حتى أن يستثمر علاقاته الخارجية لدعمها، ولكن هناك من يقوم بالعكس تماما، اذ يدعون المجتمع الدولي الى المقاطعة كونها ما يريدون الترويج له أنها حكومة حزب الله ولا تمثل الناس بالشارع، لا بل يصرّحون بأن المجتمع الدولي غير قادر على الثقة بها، رغم أن ما سمعه دياب شخصيا من سفراء دول العالم الذين التقوه كان مغايرا تماما، وأهم ما فيه هو ان الموقف من حكومته سيكون بحسب عملها.
تشير المصادر الى أنّ هذا الخطاب السياسي لأحزاب في 14 آذار، دون تسميتها، لن يغيّر الأجندات التي تعمل بها الدول الغربية، بسبب مصالحها،ولكن بالمقابل يُظهر "قلّة" المسؤولية الوطنيّة لدى بعض هذه القوى، مشدّدة على أن هذا الفكر لن يبني وطنا ولو أنهم ينادون بذلك يوميا. وتكشف المصادر أن علاقة الحكومة بالمجتمعين العربي والدولي لم تتضّح بعد، ولكن مما لا شكّ فيه أن أحدا لا يصدق القائلين بأنها حكومة حزب الله، وأحدا لا يتعامل معها كذلك، حتى أشدّ خصوم الحزب، أي المملكة العربية السعوديّة.
حمل رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني عروضاً إيرانيّة لمساعدة لبنان في قطاعي الكهرباء والدواء، علما أن هذه العروض ليست بجديدة، ولكن إيران أعادت طرحها، بعد رفض لبنان لها أكثر من مرة سابقا. وفي هذا السياق تكشف المصادر أن الإيرانيين كعادتهم لا يبيعون وعودا في الهواء، ومن يتّهمهم هو نفس الفريق الذي كان يرفض أيّ مساعدة إيرانيّة للبنان منذ العام 2005 حتى اليوم، بحجّة العقوبات حينا، ومخططات إيران أحيانا، مشيرة الى أن لبنان إن أراد التعاون مع طهران في مجال الأدوية مثلا فإن هذا الأمر يُمكن استثناءه من العقوبات بحال طلبتبيروت ذلك.
وترى المصادر أن حجّة هذا الفريق اليوم أن قبول المساعدات الإيرانية قد يُزعج الدول الخليجية والولايات المتحدة الأميركية، أمر يثير الريبةومردود متسائلة أين هي المساعدات الفعليّة لإنقاذ البلد الغارق في مصيبة اقتصاديّة وماليّة وهم لا يحرّكون ساكنًا منذ ما قبل تقديم عروض المساعدات الايرانيّة، وكون الفريق نفسه يتحدّث يوميًّا عن عدم ثقة المجتمع العربي، وحتى الغربي بالحكومة الحاليّة، فكيف يمكن لدول لا تثق بالحكومة أن تساعدها؟.
إمتحان الحكومة "عربيا" بات وشيكا، وما قيل عن جولة عربية لحسان دياب، وإن لم تؤكده مصادره، سيحدد الموقف من حكومته، ولكن هل تكون "الدوحة" أولى محطات دياب العربيّة بعد الدعوة التي تلقّاها من سفيرها، أم يجب أن تكون البداية من السعوديّة، مع العلم أن تواصل دياب مع المملكة انطلق منذ الأسبوع الاول الذي نالت فيه حكومته الثقة.