الفرح العارم الذي عبّر عنه أهالي مدينة حلب بتحرير الجيش السوري وحلفائه، ما تبقى من ريف حلب، يعكس انتصاراً كبيراً وعزيزاً طالما انتظروه، منذ بدء غزوة الإرهاب التكفيري الهمجي لقسم كبير من محافظة حلب، وتفكيك وسرقة معاملها وإرسالها إلى تركيا، لا سيما أنّ حلب اشتهرت في كونها الأهمّ في الشرق الأوسط لناحية صناعة النسيج والأدوية.. إنّ هذا الانتصار الكبير يحقق العديد من النتائج الهامة، التي تطال المستويات كافة، الأمنية والاقتصادية والسياسية…
أولاً، تحقيق الأمن والاستقرار لأهالي حلب، الذين عانوا كثيراً من اعتداءات الإرهابيين التكفيريين على مدى ٩ سنوات، وصمدوا ودفعوا تضحيات كبيرة لإحباط المخططات الاستعمارية الأميركية التركية للسيطرة على حلب وتقسيم سورية… لهذا فإنّ استكمال تحرير محافظة حلب توّج الصمود الأسطوري لأهلها الذين تمكسوا بهويّتهم العربية السورية ورفضوا الخضوع للإرهابيين والاستسلام لمخططاتهم…
ثانياً، تمكين أصحاب المصانع من إعادة بناء معامل النسيج والأدوية والهندسة إلخ… وعودة العمال لاستئناف عملهم، من جديد، بما يمكّن حلب من العودة إلى دورها الصناعي الذي يشكل دعامة أساسية للاقتصاد السوري، الذي استهدف في الحرب الإرهابية الكونية بقيادة الولايات المتحدة لإعادة سورية إلى القرون الوسطى، وجعلها بلداً متخلفاً تابعاً وخاضعاً وعميلاً لواشنطن ومن يدور في فلكها…
إنّ تحرير ريف حلب وما يعنيه من تحرير لآلاف المعامل يشكل انتصاراً هاماً للصناعة السورية ويوفر الظروف المواتية للنهوض بها من جديد…
ثالثاً، يعيد التواصل بين حلب وبقية المدن السورية الأمر الذي ينعكس إيجاباً على حركة تنقل المواطنين ووضع حدّ لمعاناتهم والأعباء التي كانوا يتكبّدونها نتيجة الاعتداءات الإرهابية من ناحية، ونتيجة إقفال الأوتوستراد الدولي الذي يربط حلب بحماة وحمص وطرطوس ودمشق من ناحية ثانية..
إنّ عودة فتح هذا الأوتوستراد تسهّل حركة انتقال السلع والبضائع والمنتجات الزراعية والصناعية، وتخفف من الأكلاف الباهظة التي ترتبت عليها نتيجة اضطرار سيارات النقل إلى سلوك طرق التفافية طويلة للوصول إلى حلب او الانتقال منها الى بقية المناطق السورية…
رابعاً، يؤدّي إلى البدء بورشة عودة حلب إلى دورها الصناعي المتقدّم في هذا التوقيت، مما يسهم في مساعدة الدولة الوطنية السورية على الحدّ من الأضرار التي سبّبتها الحرب الاقتصادية الأميركية لمحاولة تركيعها.. بعد فشل الحرب الإرهابية في إخضاعها وإسقاطها في شباك المشروع الأميركي الاستعماري…
خامساً، يشكل إنجاز تحرير كامل محافظة حلب انتصاراً عسكرياً وسياسياً كبيراً وهاماً على قوى الإرهاب التكفيري، والدول الداعمة لها، وفي المقدّمة تركيا برئاسة رجب أردوغان، الذي بنى أحلامه على إسقاط حلب لتحقيق أطماعه في استعادة أمجاد السيطرة الاستعمارية العثمانية الغابرة…
إنّ هذا الانتصار إنما يسدل الستار على ما تبقى من رهانات أردوغان، ويلحق هزيمة كبيرة بمخططاته.. ويزيد من مأزق فشل رهانه على صمود الإرهابيّين، ويجعله امام حقيقة التسليم بالهزيمة، عاجلاً أم آجلاً…
سادساً، يسقط آخر الرهانات الاستعمارية على إطالة أمد استنزاف الدولة السورية، بما يخدم أمن كيان الاحتلال الصهيوني، واستمرار النهب الأميركي لنفط سورية.. إنّ اندحار الإرهابيين عن ما تبقى من محافظة حلب، يسرّع في انهيار ما تبقى لهم من مواقع وسيطرة في محافظة إدلب، والانتقال لفتح معركة طرد القوات الأجنبية المحتلة لأجزاء من الأرض السورية، وفي المقدمة القوات الأميركية، وبالتالي استعادة ثروات سورية النفطية…
من هنا فإنّ استكمال تحرير محافظة حلب إنما يقرب سورية كثيراً من لحظة الانتصار الكبير في حربها الوطنية ضدّ قوى الإرهاب والدول الاستعمارية الداعمة لها، وبالتالي استعادة الدولة السورية سيطرتها على المناطق التي فقدتها منذ تسع سنوات، واستطراداً عودة الأمن والسلام إلى كلّ ربوعها، لتبدأ بعد ذلك ورشة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإرهابية الكونية.