لن تنتهي أزمات الشعب اللبناني قريبا، ففي كل أسبوع تنفجر بوجه اللبنانيين أزمة جديدة، وهذا الأسبوع حان موعد أزمة "الخبز" لتعود الى الواجهة مجددا، بعد أن "خفُت" وهجها لأسابيع عدة.
في تشرين الأوّل الماضي بدأ الصراع بين نقابة أصحاب الأفران من جهة، ووزارة الاقتصاد من جهة ثانية، فالنقابة بحسب قولها لم يعد بإمكانها تحمّل الخسائر الناتجة عن فرق سعر الدولار بين السعر الرسمي وسعر السوق، ووزارة الاقتصاد تؤكّد أنّ كلفة إنتاج ربطة الخبز كافية لحصول أصحاب الأفران على الأرباح اللازمة.
انتهى العام الماضي على تهديدات الإضراب، ويوم الاثنين يُنفّذ الإضراب المفتوح، بحسب ما أعلن رئيسإتحاد نقاباتالمخابزوالأفران كاظمابراهيم، حيث أكد على أن الإضراب لن يقتصر على يوم واحد بل هو مفتوح حتى تحقيق المطالب. وتشير مصادر الاتحاد عبر "النشرة" الى أن أصحاب الأفران لا يريدون تجويع الناس كما يتّهمونهم، بل يريدون تحصيل أبسط حقوقهم كأصحاب مصالح، وهي عدم الخسارة، مشددة على أن أصحاب الأفران لا يطالبون بحلول تؤدّي الى زيادة أرباحهم، بل كل ما يريدونه من الدولة هو الحلّلمشكلةسعرصرف الدولارالذيوصلالىالـ2500، لكي لا تخسر الأفران.
يؤكد إتحاد نقابات المخابز والأفران بحسب المصادر أن أصحاب الأفران راكموا الخسائر طوال الفترة الماضية التي تغير فيها سعر صرف الدولار، وباتت أكبر مع كل ارتفاع لسعر الدولار في السوق السوداء، ومع ذلك لم يتوقّفوا عن العمل بشكل كامل، بل صدّقوا الوعود باقتراب الحل، ولكن بعد 3 أشهر تقريبا لم يُبصر أيّ حلّ النور، لا بل كل ما قامت به وزارة الاقتصاد كان تسطير محاضر الضبط بحقّ أصحاب الأفران الذين عمدوا الى تقليص وزن ربطة الخبز قليلا كي لا يخسروا المزيد من الأموال.
"نعم لا يمكن لنا أن نحظى بعاطفة اللبنانيين أو تأييدهم لأن مسألة الرغيف تمسّ وجدانهم"، تقول المصادر، مشيرة الى أن اللبنانيين يملكون كل الحقّ برفض الإضراب، وحماية رغيف الخبز، أساس لقمة العيش، ولكن بنفس الوقت فليضعوا أنفسهم مكان صاحب الفرن الذي يعمل ويخسر، مشددة على أن واجب الدولة حماية لقمة خبز اللبنانيين، وواجبنا أن نقدّم لهم خبزا مناسبا، ولكن أصحاب الأفران لا يمكنهم تأدية دور الدولة.
صباح الاثنين لن يتوفّر الخبز في الأفران والدكاكين، بانتظار تدخّل وزارة الاقتصاد، وفي هذا السياق علمت "النشرة" من مصادر أن اللبنانيين تجمعوا ليل الاثنين امام الأفران والدكاكين في اكثر من منطقة لبنان، من شمال لبنان الى جنوبه، مشيرة الى أن بعض أماكن بيع الخبز عمدوا الى تحديد كمية الخبز التي يُمكن للمواطن الحصول عليها، وذلك لأجل حصول أكبر عدد ممكن من اللبنانيين على الخبز الموجود في السوق، ولكن ماذا بعد؟.
لم يقتنع أصحاب الأفران بدراسات وزارة الاقتصاد التي تؤكد أن كلفة إنتاج ربطة الخبز 1000 غرام تتراوح بين 939 و971 ليرة لبنانية، ويعتبرون أن كلفتها تصل الى 1450 ليرة، ولكن هذا كله لا يهم اللبنانيين، بل ما يهمهم هو استمرار عيشهم الكريم، وعدم "اعتبار الذلّ" جزءا من حياتهم اليومية.
الأكيد أنه لا يمكن للدولة تثبيت سعر الخبز، وترك سعر الدولار حرّا، ولا يمكن للأفران تحصيل حقوقها على حساب اللبنانيين. على الدولة دعم شراء القمح لأن تلاعب سعر الدولار سيؤدّي لتلاعب سعر القمح، وبالتالي كلفة إنتاج الخبز، وعلى الأفران التي تخسر فعلا أن تُقفل لا أن تبتزّ الناس. أيها التجار، أيها المسؤولون، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.