في الساعات الماضية أعلنت بعض الدول عن مزيد من الإصابات بفايروس "كورونا"، بينما أعلنت دول أخرى مثل فرنسا وفييتنام عن انتهاء المرض فيهما، ومن جهتها منظمة الصحة العالمية كشفت أن انتشار فيروس كورونا يأخذ منحنى تنازلياً على نحو مضطرد بعدما بلغ ذروته ما بين 23 كانون الثاني الماضي والثاني من شباط، ما يعني أن الاجراءات اللازمة "لقمعه" وتعاون الناس مع السلطات المعنيّة أمران يجعلان من محاربة "الفايروس" أمرا ممكنا، فماذا عن اللبنانيين؟.
يُعرف عن اللبنانيين بشكل عام عدم امتثالهم للنظام، وانحيازهم دائما نحو مخالفة القوانين، وهذا الأمر الذي ينعكس في شخصية كل مواطن، يجعل ثقافة "الوقاية" التي يُفترض أن تُطبق في مثل هذه الأزمات، مفقودة، ولعلّ خير مثال على ذلك يمكن أن نشاهده في المقاهي.
إن المقاهي التي تجمع الناس في أوقات كثيرة من النهار، والليل، هي أولى أسباب سهولة انتقال هذا الفايروس، فالمقهى بحسب الطبيبة في الأمراض الجرثوميّة جنان خريباني يعتبر مكانا مناسبا للفايروس كونه يشهد ازدحاما للناس، وتقول في حديث للنشرة: "ما نعلمه عن الـ"كورونا" هو أن من بين طُرق انتقاله: الاحتكاك المباشر بين الناس عن طريق النفس، والسعال، والعطس عندما ينتقل الرذاذ، وبالتالي كلما كانت الأماكن مزدحمة ومغلقة كلما كبر احتمال الانتقال".
تشير خريباني إلى أن الطاولة أو الكرسي في المقهى قد يشكلان مقرّا وممرا للفايروس بحال لمسهما أحد الحاملين للفايروس أو تطاير رذاذ السعال عليهما، لافتة النظر إلى أن فترة حياة الفايروس على الأسطح لم تُحدد بشكل دقيق بعد إلا أنها تستمر لساعات، وكلما كان السطح رطبا كلما عاش الفايروس لمدة أطول.
إن هذا الحديث ينقلنا إلى "النارجيلة"، حيث انتشرت اخبار عن كونها "عُشّا" للفايروس، ما يجعل انتقال المرض عبرها أمرا سهلا، خصوصا وأنّها في المقاهي تُستعمل من قبل أكثر من شخص في فترات قصيرة. بعد "الكورونا" انتشرت "النرابيج"(أنبوب من جلد أو مطاط يستعمل للتدخين بالنرجيلة) البلاستيكية، أو حتى "الخاصة" اذ يُحضر روّاد القهوة "نربيجهم" الخاص معهم، ولكن الفايروس بحسب خريباني لا ينتقل عبر "النربيج" وحسب بل عبر كل أجزاء "النارجيلة"، مشيرة إلى أن الحلّ الأمثل للوقاية يكون عبر تنظيف النارجيلة بعد كل استعمال، أو الاكتفاء بما يُستعمل في المنزل الخاص بكل شخص.
تؤكّد خريباني أنْ لا داعي للخوف والهلع، ولكن بنفس الوقت لا يجوز التعامل بخفّة مع الفايروس، وأفضل سبل الحماية منه تكون عبر تحمل مسؤوليّة تجاه النظافة الشخصيّة، وتجاه المجتمع، لأنّ ذلك يؤثر على الشخص نفسه وعلى الآخرين.
إن هذا الواقع الذي ينطبق على المقاهي الصغيرة او المتواضعة، والتي على القيمين عليها وعلى روّادها مسؤوليّات كبرى في سياق محاربة انتشار "الكورونا"، لا ينطبق على قطاع المطاعم والمقاهي الكبرى في لبنان، الذي يُشهد له جودته وريادته.
وفي هذا السياق يؤكّد نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان طوني الرامي أن ما قبل "الكورونا" سيكون كما بعدها بالنسبة لهذا القطاع، لأنّ سلامة الغذاء فيه بأعلى مستوياتها، حيث رُفعت بعد العام 2014 الى 85 بالمئة، وأصبح في المؤسسات فرقاً مختصة تعمل في ملفّ سلامة الغذاء، مشددا على الاطمئنان لمستوى سلامة الغذاء بالمطاعم والمقاهي، ولأن الحلقة الغذائيّة من المصدر الى شوكة الزبون تملك الوعي والإدراك.
ويضيف الرامي: "بالنسبة الى النارجيلة فهي مصدر لانتقال العدوى، أيّ عدوى، بحال لم يكن الاهتمام بنظافتها على أفضل حال، ولكننا في هذا الإطار نعمل على تنظيفهابعد كل استعمال". ويدعو الدولة للقيام بواجباتها عبر إصدار المراسيم التطبيقية لقانون سلامة الغذاء، وتعيين الهيئة العليا له، لتحصين نفسها تجاه أيّ استحقاق.
اذا لا شكّ أن مواجهة انتشار "الكورونا" بحاجة الى جهود الجميع، في الدولة والشارع، والأهم بحاجة الى الوعي والثقافة وتحميل المسؤوليات.