لم يتمكّن طلب رئيس الجمهورية ميشال عون توحيد المعايير لتسعير تذاكر السفر بالليرة اللبنانية من وضع حدّ للأزمة التي نشأت في هذا الخصوص، فبالأمس أصدرت شركة طيران الشرق الأوسط قراراً أوقفت فيه شراء التذاكر من مكاتب الشركة حيث كانت تتقاضى الدولار على السعر الرسمي أي 1520 تقريباً وفرضت على المواطنين أن يشتروها عبر مكاتب السفر أو أونلاين والدفع بالدولار أيضاً وسعر الصرف بحسب السوق... وهذه فضيحة بحدّ ذاتها.
نظام IATA
يُعتبر اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) بمثابة حلقة وصل تجارية تجمع الخطوط الجوية العالمية، حيث يُمثل حوالي 260 شركة نقل جوي أو ما نسبته 83% من إجمالي حركة الملاحة الجوية ولبنان هو احد الدول التي تدخل في هذا النظام. وتلفت مصادر مطلعة أن "IATA هي من تضبط نظام الحجوزات في العالم وحتى عبر الانترنت لمن يريدون حجز تذاكر السفر والدفع يكون بعملة البلد الذي هم فيه وبالتالي في لبنان يفترض أن يدفع المسافر للشركة الوطنية اللبنانية بالليرة اللبنانية حتى ولو عبر نظام IATA... ولكن ماذا فعل مدير عام طيران الشرق الاوسط محمد الحوت"؟.
مخالفة مزدوجة
تشرح المصادر أن "مكاتب السفر يتعاملون مع شركة طيران الشرق الاوسط منذ زمن بالدولار، وهذه مخالفة ارتكبت من الطرفين، من المكاتب لأنهم قبلوا الدفع بهذا الشكل، ومن MEA لأنها كانت تتقاضى منهم بالدولار"، مشيرةً الى أنه "في ذات الوقت لم يكن هناك مشكلة لأن سعر الصرف كان مثبتا على 1515 ليرة ،ولكن الصرخة تعالت عندما بدأ يرتفع السعر".
تضيف المصادر: "قبل لقاء أصحاب مكاتب السفر بالرئيس عون كان المشهد كالتالي: MEA تبيع تذاكر السفر في مكاتبها على السعر الرسمي كونها شركة تابعة للدولة، وقانون النقد والتسليف يفرض التسعير بالعملة الوطنية، وبنفس الوقت تبيع مكاتب السفر بالدولار أو تتقاضى منهم حسب سعر الصرف بالسوق"، وتؤكد المصادر أنه "وبعد قرار الرئيس عون انتفض الحوت وأوقف الشراء عبر مكاتب MEA بحجة أنه لم يعد يتحمّل فرق الدولار"، وهنا تسأل المصادر "ما هو واقع شراكة الميدل ايست وما هو مصروفها حتى تتخذ هذا الاجراء"؟.
في هذا السياق، يشرح المحامي وديع عقل الذي يتابع ملف شركة طيران الشرق الاوسط أن "رواتب وأجور موظفي شركة طيران الشرق الأوسط تدفع جميعها بالليرة اللبنانية هذا أولاً، فما هو مصروفها حتى تذهب لإتخاذ اجراء التسعير بالدولار"؟، لافتاً أيضاً الى أن "صيانة الطائرات في مطار بيروت تُدفع أيضاً بالليرة"، وتُجبى الضريبة في المطار بالعملة الوطنيّة أيضا".
في المقابل يلفت عقل الى أن "MEA تدفع بالعملة الاجنبية ثمن المحروقات إضافة الى قطع الغيار الخاصة بالطائرات كما والضريبة التي تدفع خارج لبنان وهذا كلّ مصروف شركة طيران الشرق الأوسط"، ولكن الأهم من هذا كلّه والذي يعدّ أساسياً بالنسبة الى MEA، وبحسب ما يؤكد عقل أنها "ليست بحاجة الى التسويق كونها الشركة الوحيدة التي حصلت على الامتياز من الدولة"، وهذه نقطة مهمّة لأن تكلفة التسويق غالباً ما تكون باهظة والشركة المذكورة ليست بحاجة لها لأن لا منافس لها".
رغم هذا كلّه لا يزال مدير عام شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت يبرّر قراره بنقل التسعير الى العملة الاجنبية بحجة أنه لم يعد قادراً على تحمّل فرق سعر الدولار. وهنا تعتبر المصادر أن "تبرير اتخاذه هذا القرار غير مقنع وحتى غير صحيح، والسبب أن لديه مصدرا للعملة الأجنبية وهو التذاكر المُباعة خارج لبنان"، لافتةً الى أن "اللبناني الذي يعيش في أميركا ويريد القدوم الى لبنان يشتري بحسب عملة البلد الذي هو فيه، في فرنسا باليورو، في بريطانيا بالباوند وهذه أموال يمكن تصريفها على الدولار ولا مشكلة فيها... فأين هو هذا المصدر، لماذا لم يأتِ محمد الحوت على ذكره وأين هي الاموال"؟.
تذهب المصادر أبعد من ذلك لتقول إن "من يملك القسم الأكبر من الاسهم في شركة طيران الشرق الاوسط هو مصرف لبنان والذي يملك مخزونا نقديا من العملة الاجنبية وبالتالي كيف يمكن للميدل ايست أن تدّعي أن لا مخزونا لديها بالعملة الاجنبية أو حتى أنها لا تستطيع تحمل فرق الدولار"؟.
كثيرة هي الدول التي حصلت فيها أزمات من أنغولا الى السودان وغيرها، ولا أي مرة شركة الطيران الرسمية كانت تتقاضى الا بالعملة الوطنية، كذلك مرّت على لبنان أزمات كثيرة منذ الحرب وحتى في ذلك الوقت لم تمتنع شركة طيران الشرق الاوسط MEA عن القبض بالليرة اللبنانية... فهل يريد محمد الحوت تحدي الدولة بقراره؟!.