شهدت المعارك العسكرية في الشمال السوري تطوراً لافتاً تمثل يقصف روسي صاروخي ضد رتل عسكري تركي اسفر عن مقتل اكثر من 34 من نخبة الجيش التركي الامر الذي ادى الى شبه انتفاضه سياسية وحزبية في الداخل التركي تدعو الى انسحاب القوات التركية رافضة الانغماس في الوحل السوري او الدفاع عن تنظيمات متأسلمة مدرجه على لائحة الارهاب الدولي
اتهام وزارة الدفاع الروسية للقوات التركية بتواجدها في مراكز التنظيمات الارهابية يكشف و بوضوح عن نوايا اردوغان في الشمال السوري لجهة عدم التزامه باتفاق استانا حيث ينص الانفاق بوجوب ابقاء الجيش التركي ضمن مراكز المراقبة التركية وليس خارحها وهنا يبرز السؤال
عن حقيقة مهمة الجيش التركي خارج نقاط المراقبه المنصوص عليها في اتفاق استانا وما سبب تواجده ضمن مراكز التنظيمات الارهابيه العاملة على الارض السوريه ؟
بات واضحاً ان تركيا اردوغان لا تسعى الى تنفيذ اي من الاتفاقات المبرمة لان اهداف اردوغان التوسعية تنطلق من خلفية ايدولوجية طامحة الى اعادة امجاد السلطنة العثمانيه تتطابق الى حد التوأمة مع اهداف العدو الاسرائيلي التوسعية المتمثلة بنتنياهو
وبما ان الاهداف التوسعية بين نتنياهو واردوغان باتت واضحة و متطابقة لجهة احتلال الارض العربية السوريه الامر الذي يكشف عن السبب الحقيقي لتواجد الجيش التركي داخل الارض السوريه وعن سبب تزامن الغارات الاسرائيلية المتكررة على سوريه مع تحرك الجيش التركي
ما يحصل في الشمال السوري ليس عملا عسكرياً عابراً لأن الاحداث الجاريه في الميدان قد تعيد رسم خرائط واقاليم تحدد مستقبل القوى ليس في سوريه وحسب بل وعلى امتداد المنطقة برمتها
ربما البعض يصف هذا الكلام بالمبالغة بيد ان الساعات الاخيره ولغاية كتابة هذه السطور سادت مواقف تركية لا تخلو من لغة التحدي لروسيا ترجمها رجب اردوغان تؤكد وصفنا للوضع القائم ذلك ان اردوغان وفي جلسة سرية لقيادات حزبه المسمى بالعدالة اماط خلالها اللثام عن الاسباب الحقيقية لتواجده العسكري في سوريه والذي ينطوي على اطماع اردوغانية توسعية قائمه على اسس تصحيح خطأ تاريخي عمره 100 عام وكان يعني استعادة اراضي السلطنة العثمانية واضاف امام اعضاء القيادة في حزبه ان تركيا لا تعترف بسوريه وبأن مدن حماه وحمص والحسكه وحلب التي وصفها بالعزيزه والموصل في العراق وصولاً الى مصراطه و طرابلس الغرب في ليبيا ومصر والحجاز وبيروت وحتىً جزيرة القرم التي لم تسلم من الانضمام الى احلامه العثمانية معتبرا القرم وسكانها ضمن المساحة الحقيقة لتركيا
بيد ان اللافت في كلام اردوغان انه تناسى استعادة امجاد السلطنه العثمانيه على مدينة القدس ولم يبد اي نية لتحريرها من الاحتلال الاسرائيلي كما انه لم يأت على ضرورة استعادة فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي
إردوغان اعتبر يوم السبت الماضي أن بقاء قواته في الشمال السوري بأكمله امر ضروري للامن القومي لتركيا فيما لا يعتير اردوغان ايواء تسليح وتمويل عشرات الآلاف من الفصائل الارهابية المسلحة المدرجة على لائحة الارهاب الدولي تشكل اي خطر على الامن القومي التركي تماما كما يعتبر نتنياهو استمرار احتلاله للجولان السوري وايواء ومساندة الارهابيين ضروره لضمان امن العدو الاسرائيلي الامر الذي يضع روسيا بوتين في مواجهة مشروع اسرائيلي تركي مشترك و موحد النوايا بقيادة اردوغان نفسه
وهذا ما يفسر تصريح مسؤول عسكري في وزارة الدفاع الاسرائيلية حين قال نحن على استعداد لتقديم المساعده العسكرية لاردوغان وفي حال طلبها ولن نقف مكتوفي الايدي امام ما يحصل
على صعيد الداخل التركي فان العشرات من الشخصيات التركية الوازنة في المعارضه القت باللائمة على اردوغان محملة اياه المسؤوليه عن مقتل ما لا يقل عن 34 عنصراً من نخبة الجيش التركي كما دعت الى انعقاد البرلمان التركي لمناقشة الجدوى من تواجد الجيش التركي في سوريه
الدعوه لانعقاد البرلمان التركي جاءت على لسان "فائق أوزتراق" نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال قليتشدار أوغلو" وذلك لبحث تداعيات ما حصل ولتجنيب الجيش التركي المزيد من الخسائر
اما وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار" كان أكثر وضوحاً ليلة الخميس الماضي، عندما تحدَّث إلى قناة "سي أن أن" التركية، وأعلن عن النيات التركية التي يترجمها الجيش عملياً منذ أن سمح له بوتين بدخول جرابلس في شهر آب من العام 2016، وبعد ذلك إلى عفرين، ثم شرق الفرات.
خلوصي اكار وفي ردّه على سؤال مباشر حول الموعد الذي ستخرج تركيا من سوريا قال: "سنخرج بعد إعداد الدستور الجديد وإقراره، وإجراء انتخابات نزيهة وحرة، وتشكيل حكومة تمثّل الجميع، وإقامة دولة ديموقراطية يأخذ كلٌّ مكانه فيها، ونحن أيضاً سنأخذ مكاننا هناك".
الأميرال المتقاعد “توركار أرتورك” اتهم إردوغان صراحة بالعمل لاحتلال الشمال السوري وإقامة كيان انفصالي أو حكم ذاتي إخواني في المنطقة وأضاف "لهذا السبب إردوغان يتضامن ويأوي ويسلح المسلحين الإسلاميين في إدلب"
ومما قاله الأميرال المتقاعد،" توركار أرتورك" إنَّ الوزير خلوصي أكار يعكس، من خلال أقواله، "الرؤية العقائدية الخطيرة للرئيس إردوغان الخاصَّة بسوريا، ويبدو أنه لن يتراجع عنها ما دام يترجم نياته بإرسال نصف الجيش التركي إلى إدلب وشرق الفرات وغربه، وكأن الشمال السوري جزء من تركيا
المفاجأه كانت ارسال الجيش التركي العديد من الطائرات المسيرة التي قصفت الكثير من مواقع الجيش السوري على جبهتي حلب وإدلب، حيث استشهد عدد من الضباط السوريين من اصحاب الرتب العاليه ومعهم العديد من عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني. الامر الذي اعتبر غض طرف روسي بالسماح للطائرات المسيرة التركية بشن غارات على القوات السورية والحلفاء ما يفسر نية روسيه بعودة الحوار بين موسكو وأنقرة من دون أن يمنع ذلك إردوغان من مهاجمة بوتين شخصيا وفي تحد واضح لبوتين متوجهاً اليه بالقول
ليكن لك ما تريد من قواعد في سوريا ولكن أنا لن أخرج من هناك إلا إذا طلب مني الشعب السوري ذلك
تتحدث المعلومات عن سلم روسي مؤقت وضع لاردوغان نزولا عند رغبة الاوروبيين يضمن له نزولاً امناً من اعلى الشجره مقابل التزامه تنفيذ مقررات استانا وسوتشي بعد اكتفىاء إردوغان بما حصل واعتباره كرد بتغطية من بوتين وتجيير نتائجه في الداخل التركي ليتباهى بإنه انتقم لقتلى الجيش التركي كما أنه نجح في إقناع أو أجبار بوتين على لقائه في القمة الرباعية مع ميركل وماكرون في إسطنبول،
ومن المتوقع وفق المعلومات العودة إلى مبدأ تسيير دوريات تركية روسية مشتركة في المناطق التي يطالب إردوغان بانسحاب الجيش السوري منها، مؤكداً ضرورة إعلان إدلب منطقة آمنة.
وفي حال حصول ذلك فسوف يعلن إردوغان نفسه منتصراً ليتنفس الصعداء في مواجهة خصومه في الداخل بعد أن حمّلوه مسؤولية مقتل الجنود الأتراك وتوريط تركيا في مزيد من االمخاطر داخلياً وخارجياً.
بيد ان القرار الروسي واضح وهو الاتجاه الى حسم مسألة تواجد الارهاب في محافظة ادلب بالكامل اما بالاتفاق مع تركيا واما بالتدمير الممنهج لقواعد الارهاب هناك
ومع الاعتراف بان الرئيس الروسي بوتين لا ينوي اسقاط اردوغان في الداخل التركي انما بوتين يسعى لاضعافه وانهاكه الى ابعد الحدود فهو اي بوتين يتعامل مع اردوغان تجاه سوريه بصورة مطابقة لتعامله مع نتنياهو فكلاهما يحتلان اراض سوريه مع تواجد روسيا العسكري الحليف الاستراتيجي لسوريه
بعد صدور بيان المركز الاستشاري الايراني في سوريه وتضمينه تنويه بالامتناع عن استهداف القوات التركية في سوريه التزاماً منها باتفاق استانا على الرغم من وقوع القواعد التركية تحت مرمى نيران القوات الحليفة للجيش العربي السوري اضحى اردوغان امام خيارين لا ثالث لهما فاما ان يمتشق السلم الروسي و البدء بعملية النزول بشكل امن او ان لا امن لتواجده العسكري في سوريه وفي حال اعتمد اردوغان الخيار الثاني فلن يجد مفراً من استقبال المزيد من نعوش قتلى القوات التركية لتترافق مع انتفاضة داخلية وقتها لن يعود بوسع اردوغان سوى قراءة سورة الواقعه وحينها يدرك بان سوريه هي من اصحاب اليمين واما اردوغان سيجد نفسه من اصحاب الشمال