أخذت السلطات الصينية قراراً بوضع سكان مقاطعات معينة بالحجر الصحي، أو بشكل أدقّ، بالعزل المنزلي، بعد انتشار فايروس الكورونا بشكل هستيري. منذ أربعين يوما يقبع هؤلاء الصينيون في منازلهم، ويُمنع عليهم مغادرتها، فهل نُضطر في لبنان لاعتماد سياسة العزل المنزلي قريبا؟ وما هي أهميته وأنواعه وكيف يمكن أن نستفيد منه على مستوى لبنان؟.
يختلف العزل الصحي الذي يتم في المستشفى عن ذلك الذي يحصل في المنزل، فالأول يضم المصابين، والثاني يضمّ كل من يُشتبه بأنه قد يكون مصابا، وكل من احتكّ بمصابين، وكل من كان في دولة موبوءة وعاد الى لبنان، لان اعتماد العزل المنزلي في أسرع وقت ممكن هو الحل الوحيد الذي قد يمنع انتشار الكورونا على حوالي 70 بالمئة من اللبنانيين.
يرى طبيب الجراحة العامة وأمراض الكبد وفيروسات الكبد محمد حجيج أن التعاطي مع فيروس كورونا يتمّ على مراحل (الإحتواء، التأخير، التخفيف)، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن لبنان بات في المرحلة الثالثة أي محاولة التخفيف. ويقول: "انتهينا من مرحلة الاحتواء عندما أصبح الفايروس داخل لبنان ولم تعد الإصابات محصورة بمن يأتي من الخارج، وبعدها حاولنا تأخير انتشار المرض عبر قرارات مثل إقفال المدارس، وذلك لكي لا نسبّب حالة ضغط كبير على القطاع الصحي، أما المرحلة الثالثة فهي بعد انتشار المرض، وهي ما دخل فيها لبنان، ويحاول من خلالها تخفيف أعداد المصابين، وذلك لا يكون الّا باعتماد العزل المنزلي".
"من المفترض أن تظهر العوارض على المصاب خلال 4 أيام من إصابته، ولكن هناك من يحتاج الى أكثر من ذلك، وهناك من قد لا تظهر عليه العوارض أبدا، إنما يكون ناقلا للمرض دون علمه به"، يقول حجيج، مشيرًا إلى أن المصاب قد يكون حاملًا للمرض قبل أن يظهر فحصه إيجابيًا بـ 24 ساعة تقريبًا، لأن الفايروس قد يكون متكاثرًا في الرئتين، لكنه لم يصل بعد إلى المعدل المطلوب في الجهاز التنفسي الأعلى ولذلك لم تكن نتيجة الفحص إيجابية، وهنا تكمن الخطورة، وضرورة العزل المنزلي.
يحذر حجيج من أن عدم التوجه نحو العزل المنزلي، كما فعلت الصين، وغيرها من الدول، سيؤدّي لانتشار المرض في لبنان بأرقام كبيرة جدا، مشددا على ضرورة تعاون المجتمع مع الدولة، لان المسؤولين الصحيين لا يستطيعون تنفيذ هذا الأمر وحدهم، كاشفا أن هناك دولا تنفّذ العزل المنزلي بالقوّة وتعاقب من ينتهكه.
يرى حجيج أن غلطة المسؤولين الوحيدة في لبنان، والتي تكرّرت في الولايات المتحدة الأميركية هي أننا نقوم بالفحوصات لمن يعاني من العوارض، ولذلك فإن الاعداد قليلة، إنما بحال أُتيحت الفحوصات أمام الجميع فسنجد أن الأعداد المصابة أكبر بكثير، وهذا ما تنبّهت له الولايات المتحدة الأميركية حيث ستُجري مليون ونصف المليون فحص هذا الأسبوع، ومثلهم الأسبوع المقبل.
باتت إجراءات العزل ضروريّة، وهناك مسؤوليات على الجميع، إذ لا يمكن استمرار التجمّعات، وعلى المؤسّسات الخاصّة اتخاذ قرارات جريئة قبل وقوع المصيبة لا بعدها، لكي لا نتحول الى "إيطاليا" ثانية و"إيران" ثانية، ونصبح ملزمين بالحجر على مدن كاملة. ويشير حجيج الى أنه بغياب العلاج الفعال، فإن الحجر كالنموذج الصيني هو الافضل، وإلغاء كل ما يؤدّي للاختلاط، وهذا لن ينجح اذا لم يتعاون المجتمع اللبناني، الذي للأسف ليس متعاونا حتى اليوم.
لا خطر على الحوامل، فالأم لا تنقل الفايروس لجنينها، وحملها لا يعني تضررها من الفايروس بشكل أكثر، كذلك هناك 80 بالمئة من الحالات تُشفى لوحدها دون تدخل طبي، والخوف هول على الـ20 بالمئة الباقية وهم من كبار السنّ والمرضى، لان انتشار المرض يعني عدم قدرة القطاع الصحي على "علاج" كل المصابين، وعندها يصبح خطر الموت على فئة الـ20 بالمئة كبيرا.
لا يوجد أي دليل طبّي على أن الحرارة اذا ارتفعت سيضعف الفايروس، ولا قدرة لإنتاج لقاح قبل أشهر، لذلك فالحلول واضحة: الوقاية، والمسؤوليّة، والعزل المنزلي، وفي حال انتشار فيروس كورونا بشكل سريع وكبير في لبنان، يجب اعتماد الحجر المنزلي للأفراد (بإستثناء كبار السن) ممن يعانون من عوارض خفيفة أو لاعوارض عليهم، كي يتسنى للمستشفيات استقبال الحالات الصعبة التي تحتاج عناية طبية دقيقة.