ينظر الكثير من المتابعين إلى خطاب رئيس الحكومة حسان دياب، مساء السبت الماضي، الذي أعلن فيه تعليق لبنان سداد إستحقاق 9 آذار من اليوروبوند، على أساس أنه نقطة مفصلية تنقل البلاد من مرحلة إلى أخرى على المستوى الإقتصادي، على وقع ما سيتم الإعلان عنه، في الأيام المقبلة، من إجراءات مرافقة، نظراً إلى أن هذا القرار لم يكن هو ما ينتظره المواطنون فقط، بل ما ستقوم به الحكومة من خطوات بالتزامن للحدّ من تداعياته من جهة، وتأمين ظروف نجاحه من جهة ثانية.
حتى الساعة، يبدو أن الإنقسام السياسي الذي برز عند ولادة الحكومة سيرافق كل الخطوات الأخرى التي ستقوم بها، لا بل هو قد يتوسع أكثر ليصل إلى طاولة مجلس الوزراء، في ظل الخلاف حول كيفية التعامل مع صندوق النقد الدولي، إلا أن ما ينبغي التوقف عنده هو أنه على الهامش هناك معركة سياسية كبرى تخاض عنوانها "حزب الله"، الذي في الأصل ينظر بعين الريبة إلى أيّ إجراء يتعلّق بالتعاون مع الجهات الخارجية التي تدور في الفلك الأميركي.
في هذا السياق، برز في الأيام الماضية سعي من قوى سياسية أساسية في البلاد إلى التركيز على أن مفتاح الخروج من الأزمة هو بيد "حزب الله"، لناحية أن المطلوب منه الإنسحاب من الحروب القائمة في الإقليم وتسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانيّة، بالتزامن مع التشديد على أنّ لبنان لا يملك أيّ خيار آخر بديل عن الذهاب إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي تثير حوله مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، الكثير من علامات الإستفهام، على قاعدة أن المطلوب تحميل الحزب المسؤولية عن كل السياسات الخاطئة التي ارتكبت على مدى سنوات، في أغلبها كان خارج السلطة التنفيذية.
من وجهة نظر هذه المصادر، ما تقدم لا ينفصل عن السعي القائم محلياً، منذ بداية الحراك الشعبي في السابع عشر من تشرين الأول الماضي، إلى محاولة تصوير الحزب على أساس أنه العائق أمام التغيير المنشود، بالتزامن إلى محاولة بعض الجهات الخارجية إلى تظهير المشهد على أساس أنه إستهداف للحزب، وهو ما عبّرت عنه بشكل واضح المواقف الأميركية المتعددة، خصوصاً تلك التي كان يطلقها وزير الخارجية مايك بومبيو.
في هذا الإطار، تلفت هذه المصادر إلى أنّ التعامل مع الأزمتين الماليّة والإقتصاديّة من منطق الإنقسام السياسي لن يساعد في المعالجة، بل على العكس من ذلك سيقود إلى المزيد من التعقيد، لا سيما مع بروز عدة عوامل تصب في هذا الإتجاه، أبرزها إعلان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنها ستُصدر حكمها في جريمة إغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري منتصف أيار المقبل، الأمر الذي يؤدي إلى إنفجار أزمة جديدة عنوانها سياسي بالدرجة الأولى.
إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر السياسية المطلعة أن هذه الحملة من المتوقع أن ترتفع حدتها في الأيام المقبلة، وهي ستكون مدعومة من جهات خارجيّة ومحليّة تركز على بعض العناوين دون غيرها، وربما لا تتوقّف عند المشاركة في الحروب الخارجيةّ بل تشمل الإشارة إلى دورها في منع ضبط الحدود البرية والبحرية والجويّة، وبالتالي تحميله مسؤولية عمليات التهريب التي تحصل عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية.
في المحصّلة، هي معركة سياسيّة بامتياز تؤشر أن المرحلة المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر، لا سيما إذا ما استمرت أو ارتفعت حدّتها عمّا هو معتاد، لكن الأكيد أنّها لن تساعد في الحدّ من تداعيات الأزمة أو معالجتها.