كشف المعلّق الأمني في موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، عن خيبة سادت في المؤسّستين السياسية والأمنية في تل أبيب، جرّاء استمرار تعاظم قدرات محور المقاومة، والتعاون الذي برز بين أطرافه في مواجهة الجيش التركي وحلفائه.
تعود هذه الخيبة إلى الآمال التي كانت تعقدها تل أبيب على أن تؤدي الضغوط الاقتصادية وغياب القائد الشهيد قاسم سليماني، إلى فتح نافذة فرصة يمكن أن تدفع طهران إلى إعادة النظر في سياساتها الإقليمية، وفي سوريا تحديداً. لكن استمرار
التعاون بين طهران ودمشق أدى إلى تبخّر هذه الآمال، واستبدلت بارتفاع منسوب القلق من مسار التطورات.
ليست هذه المرة الأولى التي تعبر أوساط المؤسّستين السياسية الأمنية في كيان العدو الصهيوني، عن الشعور بالخيبة من انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه في محافظة إدلب، ضد الجماعات الإرهابية المأجورة والجيش التركي الذي رمى بكل قوته لدعمها وتمكينها من الصمود واستعادة مدينة سراقب الإستراتيجية، لكن من دون جدوى.. على أن تكريس هزيمة الإرهابيين وسقوط وتهاوي مخططات الرئيس التركي رجب أردوغان، عبرت عنه نتائح لقاء القمة الذي جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تجسد باتفاق الطرفين على تثبيت الوقائع الميدانية الجديدة وتعزيزها سياسيا، ما جعل قادة المؤسّستين المذكورتين في كيان العدو يصابون بالخيبة والاحباط واليأس من الرهان على الجيش التركي لاطالة حرب الاستنزاف ضد الجيش العربي السوري وحلفاؤه..
لقد أعرب المسؤولون الصهاينة في السنوات السابقة على اثر انتصارات سورية في الغوطة الشرقية وحلب وغيرها من المناطق الحيوية التي كان يجري تحريرها من الإرهابيين، عن قلقهم المبكر من نتائجها، وكانوا يؤكدون ان انتصار الرئيس بشار الأسد على التنظيمات الإرهابية المسلحة يشكل هزيمة استراتيجية ل "إسرائيل".. اليوم يمكن القول إن هذه الهزيمة الإستراتيجية التي ستمنى بها تل أبيب، باتت قاب قوسين، حيث يقترب كثيرا موعد تحقيق الانتصار النهائي لسورية وحلفها المقاوم وروسيا على الحرب الإرهابية الاستعمارية الأمريكية الغربية الصهيونية التركية والعربية الرجعية، وبالتالي تقترب معها ولادة معادلات جديدة في المنطقة والعالم، تنطلق من موازين القوى المتولدة من هذا الانتصار الكبير التاريخي والاستراتيجي.. والذي يترافق ويتزامن مع انتصارات تحققها أطراف محور المقاومة ضد القوى الاستعمارية وادواتها الرجعية في العراق واليمن، فيما إيران الثورة نجحت في إحباط كل المؤامرات والضغوط والحروب الإرهابية الاقتصادية والأمنية التي استهدفتها، وهي تزداد قوة وتماسكا وثباتا على مبادئها وثوابتها في مقاومة الهيمنة الاستعمارية ومساندة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني..
على أن انتصار سورية أدى إلى انهيار كل احلام ورهانات القادة الصهاينة على إسقاط الدولة الوطنية السورية، وفك عرى التحالف السوري الإيراني، ومحاولة تحويل سورية من دولة مستقلة حاضنة للمقاومة وداعمة لقضية فلسطين، الى دولة تابعة عميلة للاستعمار الغربي معادية للمقاومة وتتآمر على قضية فلسطين.. وسقوط هذه الأحلام والرهانات الصهيونية، هو الذي جعل من خطة القرن لتصفية قضية فلسطين تولد ميتة.. لان قضية العرب الأولى لا يمكن أن تموت طالما بقيت سورية قلقة للعروبة والمقاومة، ومحور اساسي في جبهة المقاومة الممتدة من لبنان مرورا بدمشق وصنعاء وبغداد، وغزة، ووصولا إلى طهران.. هكذا بدلا من ان تؤدي الحرب الإرهابية إلى تقويض واضعاف محور المقاومة، ادت عمليا إلى..
اولا، تعزيز قوة وتماسك محور المقاومة، واتساع جبهة المقاومة التي باتت تحاصر كيان العدو الصهيوني، من الجهات الأربعة، بمنظومة من الصواريخ التي أسهم القائد الشهيد قاسم سليماني في توفير تقنيات تصنيعها لكل أطراف محور المقاومة، الأمر الذي ساعد على إلحاق الهزائم بقوى العدوان والإرهاب التي استهدفت القضاء كل قوى المقاومة..
ثانيا، تمتين اواصر وعرى التحالف السوري الإيراني، وتعمده بدماء الشهداء الذين سقطوا، من ضباط وجنود الجيش العربي السوري وحرس الثورة الإسلامية الإيرانية، خلال مواجهتم الإرهابيين التكفيريين..
ثالثا، ازياد قوة وخبرة وإمكانيات المقاومة في لبنان، وتحولها إلى قوة إقليمية باعتراف الأعداء.. وهو ما جعل لبنان اكثر مناعة في مواجهة كيان الاحتلال الصهيوني واطماعه في أراضي وثروات لبنان.. فالمقاومة اليوم هي التي توفر الحماية لاستثمار ثروة لبنان من النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية الخالصة، ولولاها لكانت تل أبيب وبدعم أمريكي استولت على جزء هام من هذه الثروة المكتشفة لاسيما في البلوك رقم ٩..
رابعا، تموضع أطراف محور المقاومة إلى جانب الجيش العربي السوري على الجبهة مع القسم المحتل من هضبة الجولان العربية السورية...
هذه النتائج هي التي ادت إلى سيطرت مناخات الخيبة في أوساط المؤسّستين الأمنية والسياسية في كيان العدو، وتجعل منسوب القلق لديهما يزداد ويعمق مأزق الكيان الاستراتيجي والتكتيكي..