في مرحلة سابقة من الزمن كانت الوظيفة بالمصرف حلم اللبناني، تماما كما كانت وظيفة القطاع العام، أو وظيفة "الدولة" كما تُعرف، ولكن ما يمرّ به هذا القطاع منذ تشرين الثاني الماضي حتى اليوم أرهق الموظفين، وجعل "التوتّر" سمة العمل، وأصبح الخوف من التعرّض للاعتداء، هاجسا يوميا لموظفي المصارف الذين هم على تماس يومي مع المواطنين، ولكن الآن أصبح الخوف مضاعفا، بعد أن دخلت "الكورونا" على خطّ "تخويف" الموظفين.
علمت "النشرة" من مصادر مطّلعة أنه تمّ عزل 7 موظفين في أحد المصارف بسبب تخالطهم مع مصاب بالكورونا في سهرة منزليّة، بالإضافة الى عزل 13 آخرين بسبب اختلاطهم بالسبعة المشكوك بأمرهم، مشيرة الى أنّ المبنى الذي تواجد به هؤلاء، في منطقة الدورة، أُفرغ وتم تطهيره وتعقيمه. وتضيف المصادر: "في منطقة رأس النبع، تمّ الاشتباه بحالة مصابة بالكورونا في أحد فروع المصارف هناك، فتم تعقيم الفرع واتخاذ الاجراءات الممكنة، واستمر إقفال الفرع لأكثر من يوم واحد".
أما في منطقة الحمرا، فتكشف المصادر أنه تم أيضا الاشتباه بحالة "كورونا" في مصرف لبناني كبير، وتم التعامل مع المسألة بجدّية وحذر. كل هذه الحالات، وغيرها، جعلت الموظفين يعيشون في قلق كبير، وهذا القلق يسري على إدارة المصارف أيضا، التي تتحمل مسؤولية موظفيها من جهة، ومسؤولية عملها من جهة اخرى.
ليس من المنطقي اتّهام المصارف باتهامين معاكسين، فالبعض اتّهمهم بأنهم يريدون الإقفال لوقف خدماتهم الماليّة، وضرب سعر صرف الليرة اللبنانية، ثم اتّهمهم هذا البعض نفسه بأنهم لا يريدون الإقفال اليوم بسبب "الكورونا"، ولكننا في هذا التقرير لن نتطرق للمواقف من المصارف وطريقة عملها وإجراءاتها، بل نحاول مقاربة الموضوع من شقّه الصحي المتعلق بالوباء الذي يغزو العالم.
وفي هذا السياق، تشير المصادر الى أنّ عمل المصارف اليوم يحتلّ أهمية كبيرة في حياة اللبنانيين، وبالتالي لن يكون خيار الإقفال سهلاً، او أقلّه لن تكون المصارف أول من يُقفل من الشركات الخاصة والإدارات العامة، ولكنها بالمقابل لن تترك الأمور على حالها، ومن يعمل بالمصارف يُدرك ذلك.
تكشف المصادر عن إجراءات احترازية تم اعتمادها، للتخفيف من خطر وصول الفايروس الى الموظفين، ومنها تركيب عوازل بين الموظف والزبون بشكل يمنع التواصل المباشر بينهما، حتى تسليم الأموال سيتم دون احتكاك مباشر، تنظيم دخول الزبائن الى المصرف، بحيث تم إدخال كل ثلاثة معا، او بحسب مساحة الفرع، على ألاّ يحصل التزاحم، إلزام الزبائن بارتداء الكمامات للدخول الى المصرف، تجهيز الفروع بكل معدات التعقيم والتطهير والوقاية، من كمامات وقفازات ومطهرات، إستخدام شركات خاصة لتعقيم المصارف وفروعها مرتين في الأسبوع، منح الإذن لأي موظف يشعر بعوارض معينة أن يعزل نفسه في منزله على حسابه الخاص لمدة 14 يوما، على أن يُبلغ إدارته للتنسيق معها.
ترى المصادر أنّ هذه الإجراءات قد تكون كافية للمرحلة الحالية، مشددة على أن إدارة المصارف لن تُبقي أبوابها مفتوحة بحال زاد حجم الخطر، أو انتشر الفايروس على نطاق واسع في لبنان، أو بحال أعلنت الحكومة حال الطوارىء الصحية في البلد.
أما بالنسبة الى جديد هذه الإجراءات بحسب ما علمت "النشرة"، وهي التي ينتظرها موظفو المصارف، قرّرت الإدارات، تطبيق مبدأ المناوبة على الموظفين، بحيث يعمل كلّ منهم أسبوعا ويبقى في منزله أسبوعا آخر، وفي بعض المصارف 15 يوما، مقابل 15، كما سيتم منع التواصل المباشر بين الموظفين والزبائن، وسيتم استلام معاملات الزبائن على أبواب الفروع، وتسليمهم إياها بعد انتهائها بنفس الطريقة.
كل هذه الإجراءات ستكون موقتة الى حين حصول أمرين، إما إعلان حال الطوارىء، وإما انتفاء خطر "الكورونا".