لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في كلمة له حول آخر المستجدّات المحليّة والدوليّة، إلى "أنّني أريد أن أدخل الى هذا التطور الهائل والكبير في فيروس "كورونا"، لنحدّد فيه المسؤوليات ونتحمّل المسؤوليّات. يجب أن نعتبر أنفسنا في خضم معركة، وهذه ليست معركة في بلد بل حرب عالميّة ومعركة عالميّة تخوضها دول وشعوب العالم، وتشكّل أولويّة عمل الحكومات واهتمام الشعوب".
وركّز على أنّ "في هذه المعركة هناك عدوًّا ومستهدفين، وعلى المستهدفين مواجهة العدو. في أي معركة كما نستفيد من تجربة المقاومة وكلّ تجارب الحروب، والعدو يجب أن يكون شخصًا واضحًا. المشكلة أنّ فيروس "كورونا" المستجد بالنسبة للعالم ما زال عنصرًا مجهولًا في أغلب جوانبه، وإلى الآن يتمّ تحليله للوصول إلى علاج أو لقاح". وبيّن أنّ "هذا العدو لا يزال في خصوصيّاته مجهولًا وتهديده واسع ويطال حياة الناس".
وأوضح السيد نصرالله أنّ "حدود تهديد الفيروس لا تقف عند قرية أو مدينة أو دولة أو قارة، إنّما كلّ الكرة الأرضية، ولا تقف عند حدود العدو"، مشدّدًا على "وجوب أن نعرف العدو على حقيقته وحقيقة تهديده، لنواجه لا لنستسلم ولنصاب بالخوف والهلع. الأخطر في هذا التهديد ليس فقط تهديده للاقتصاد أو تعطيل العام الدراسي، بل تهديد للحياة. العام الدراسي يمكن تعويضه والتراجع الاقتصادي كذلك، أمّا الّذين نخسرهم فهؤلاء غادروا".
وذكر أنّ "في مقابل هذا العدو والتهديد، القرار يجب أن يكون بالمواجهة. هذا العدو تحوّل إلى وباء عالمي، والخيار ليس الإستسلام أو الإحساس بالهزيمة والعجز، وإنّما يجب أن يكون القرار المواجهة والمقاومة وخوض المعركة وتحمّل المسؤوليّة بروحيّة من يريد أن ينتصر". وأشار إلى "أنّنا عندما نتحدّث عن المسؤوليّة، فهي يجب أن تكون عامة وشاملة. المسؤوليّة في لبنان تتوجّه إلى كلّ الدولة، الرؤساء والحكومة بكلّ وزاراتها وليست فقط وزارة الصحة العامة، القضاء، مجلس النواب، الجيش اللبناني، القوى الأمنية، البلديات وكل ما ينتسب إلى الدولة من قطاعات يجب أن يحمل المسؤوليّة".
وأكّد أنّ "الشعب يجب أن يتحمّل المسؤوليّة، الموجودون على الأراضي من غير اللبنانيين أي اللاجئون والنازحون والمقيمون من غير جنسيات. كلّ من هو موجود فعلًا هو شريك في المواجهة، ويجب أن يتحمّل المسؤوليّة بمقدار ما يتصل به. الكل مطلوب منهم مهام معيّنة"، مركّزًا على أنّ "هذه المعركة أشمل وتحتاج إلى جهد كلّ فرد في تحمّل المسؤوليّة، وقد تختلف عن المعركة العسكريّة أو السياسيّة؛ هنا الكل مسؤول". وشرح أنّ "بطبيعة الحال في مقدّمة هذه الجبهة مثلما في المعركة العسكريّة يكون الجيش والقوى الأمنية، في المعرك السياسيّة يكون الزعماء السياسيون. هنا وزارة الصحة وبعض الوزرات والمستشفيات الحكومية والخاصة والأطباء والممرضون، وكلّ ما يتّصل بالعمل الصحي والتمريضي هو في الخط الأمامي، ويجب أن ننظر إليهم على أنّهم ضباط الخط الأمامي".
كما بيّن نصرالله أنّ "بانتظار أن يكتشف العالم علاجًا لهذا الوباء، هدف المعركة يجب أن يكون منع الإنتشار والحد من الخسائر البشرية كحدّ أدنى. كلّ ما له قيمة دون الحياة الإنسانيّة يمكن أن نجد تعويضًا له"، لافتًا إلى أنّ "الأولويّة للحفاظ على الناس وعلى بقائهم على قيد الحياة. الشق الأول منع الإنتشار قدر الإمكان، والشق الثاني هو معالجة الحالات المصابة". ونوّه إلى أنّ "صحيحًا أنّه لا يوجد دواء ولكن يمكن معالجة الحالات المصابة، وهذا الهدف قابل للتحقّق من خلال معالجات وتدابير وإجراءات، الّتي إن قام بها الأفراد والعائلات والشعوب، فيمكن منع الإنتشار أو الحد منه بدرجة كبيرة. التجربة الصينية وبعد نتائجها المعلنة تؤكّد ذلك".
وأفاد بأنّ "في الشق الثاني وهو معالجة وشفاء الحالات، فأصحاب الإختصاص يؤكّدون أنّ نسبة الشفاء عالية وعمليًّا لدينا عشرات الآلاف من الّذين تماثلوا للشفاء في الصين وإيران وفي أماكن أُخرى من العالم. إذًا الهدف الّذي نحدّده واقعي وعملي وممكن التحقق، وهو يحتاج الى قرار وإرادة والصبر والتنفيذ والدقة في المتابعة وتحمّل المسؤوليّة". ولفت إلى أنّ "في إطار هذه المعركة الّتي هي جزء من الحرب العالمية، الأمر الأوّل أنّنا نحتاج إلى التعاون والتكتاتف، وأن نخوض المعركة بروح إنسانيّة ووطنيّة، يجب أن يتعاون أهل البلد والدولة والحكومة والشعب وسائل الإعلام وشبكات التواصل في هذه المعركة، وأن تكون الروح الحاكمة إيجابيّة. السلبيّة تؤدّي إلى المزيد من الخسائر وتعبّر عن إنحطاط أخلاقي. المطلوب روح التعاون وأن نتصرّف بكامل المسؤوليّة".
وشدّد على أنّ "لا مانع أن ينتقد أي منتقد، لكن يجب الإبتعاد عن أي لغة تثير الأحقاد. نحن أمام معركة إنسانية بالكامل، والتأكيد على المسؤوليّة الإنسانيّة والأخلاقيّة في هذه المواجهة، وما أريد أن أضيفه هو المسؤوليّة الشرعيّة الدينيّة". وفسّر "أنّنا في لبنان مسلمون ومسيحيون وحتّى لو لك يكونوا متديّنين نؤمن بالله والقيامة ويوم الحساب. المسلمون والمسيحيون يعرفون أنّ الله أمر في تعاليمه بالحفاظ على النفس البشرية وإعتبرها أعلى شيء في القيمة"، مشيرًا إلى أنّ "الحفاظ على النفس البشرية هو في أعلى سلّم الواجبات، وإذا كنّا نؤمن بيوم الحساب فيجب أن نخاف الله ونحن نخوض هذه المعركة".
إلى ذلك، رأى نصرالله أنّ "الواجب الحفاظ على نفسك وحياتك وسلامتك وعائلتك وسلامة الناس من حولك. هذا واجب ديني آلهي شرعي، وهذا الواجب ستسألون عنه يوم القيامة ومن يتخلّف عنه يرتكب معصية ولا يدخل في دائرة المستحبّات". وركّز على أنّ "هذا الرادع الديني من أقوى العوامل المساهمة في الإنتصار بهذه المعركة. في هذه المواجهة، نحتاج إلى الشفافيّة والصدق، وأي شخص في لبنان يشعر أنّه أصيب بهذا الفيروس أو ظهرت عليه العوارض يجب أن يكون صادقًا وأن يكشف عن الأمر للجهات المعنية ويذهب إلى المستشفى ويخضع للفحص وإلى الحجر الصحي المنزلي. هذا ليس أمرًا مستحبًّا بل واجبًا عقلًا وأخلاقًا ودينًا وشرعًا. التستر على هذا الأمر معصية لأنّه يؤدي إلى القتل".
وأكّد أنّ "المُصاب يجب أن يكشف عن ذلك، ومن يعلم لا يجب أن يتستر"، منوّهًا إلى "أنّني أريد أن أشهد أنّ وزارة الصحة العامة منذ اليوم الأوّل كانت شفّافة، وكلّ ما قيل عن وجود حالات تمّ التستر عليها من قبل وزارة الصحة أو "حزب الله" غير صحيح، وهو كذب وإفتراء". ووجد أنّ "أكبر كاذب في معركة "كورونا" هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، مشدّدًا على أنّ "أهم نقطة بالتدابير المتّخذة للحدّ من انتشار "كورونا" هو البقاء في المنزل ببساطة والخروج عند الضرورة ويُمكن الصلاة في المنزل، ولا تقول أنك ضجرت واعتبر نفسك بحالة حرب. التدابير الوقائيّة ستسري حتّى على مراسم تشييع الشهداء".
كما أشار نصرالله إلى أنّ "الأطقم الطبيّة والإسعافيّة هي في الخط الأمامي، وأتمنّى على الحكومة أن تنظر بشكل إستثنائي لدعم طاقم "مستشفى بيروت الحكومي"، وأي صرف يجب أن يؤجّل لصالحهم، ويجب التفكير بهديّة إضافيّة لأنّ حجم المخاطرة والضغط أكبر من الظروف العاديّة"، معلنًا "أنّنا نضع كلّ إمكانيّاتنا وكادرنا الطبي والصحي وكل ما نملك من طاقة بشريّة ومؤسّسات وإمكانيّات ماديّة في تصرّف الحكومة ووزارة الصحة".
ودعا إلى "إعطاء الأولويّة المطلقة بهذه المعركة من قبل الدولة والشعب ووسائل الإعلام ومؤثرين"، موضحًا أنّ "خطة إعلان الطوارئ مسؤوليّة الحكومة، ويجب البحث عن بديل للناس الّتي ستصبح بلا رواتب، هذا جزء من المعركة. إذا عالجنا الجزء الأوّل وتجاهلنا هذا الجانب، قسنذهب إلى الخسارة في الجانب الاجتماعي وفي مواجهة انتشار الفيروس".
من جهة ثانية، دعا المصارف إلى أن "تتصرّف بمسؤوليّة"، متوجّهًا إليها بالقول: "لديكم أموالًا طائلة وجنيتم أرباحًا هائلة والآن يجب أن تتحمّلوا المسؤولية. أنتم أوّل من يجب أن يمد يد العون للحكومة وللقطاع الصحي وللتكافل الإجتماعي من أجل أن يصمد الناس وينتصر البلد". وركّز على أنّ "في الموضوع المالي والاقتصادي، إنّ حكومة حسان دياب قبلت أن تتحمّل المسؤوليّة وأعلنت أنّ أولويّتها الإنقاذ المالي والاقتصادي وهي عاكفة على هذا الأمر، وما زالت تحتاج إلى وقت حتّى تنجز خطّتها. بالنسبة إلى موقف "حزب الله"، نحن لم نقدّم خطّة للحكومة. نحن لدينا خطّة ورؤية وأفكار وناقشنا خلال سنوات ولكن لن نقدم خطة"، مبيّنًا أنّ "الّذي يجب أن يقدّم خطّة هو الحكومة، ونحن لسنا مسؤولين وليس صحيحًا أن نحمل مسؤوليّة من هذا النوع. يجب أن نكون أمام خطّة تشاركيّة".
إلى ذلك، أعلن نصرالله أنّه "لا مشكلة لدينا بأن تلجأ الحكومة إلى أي استشارة أو نصحية من أي أحد في العالم، ولا نتحفّظ على ذلك. أي جهة تريد أن تقدم مساعدة غير مشروطة، قرض ميّسر أو مساعدة، لا مانع لدينا ضمن الضوابط السياسيّة المعتمدة". وأكّد "أنّنا ضدّ أي شرط بتقديم مساعدة بفرض ضريبة على الطبقات الفقيرة. الشروط المرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد واستقلاليّة القضاء والشفافية هي شروط ممتازة طالبنا بها". وذكر أنّ "من جملة الخيارات تقديم المصارف دعمًا ماليًّا لإنقاذ القطاعات الزراعيّة والإنتاجيّة من الإنهيار. الإستحقاق الحقيقي أمام لبنان ليس الإحتلال بل الوضع المالي والاقتصادي، وجماعة المصارف يجب أن تبادر وأن يكونوا أصحاب مسؤوليّة وطنيّة وإحساس إنساني وأن يبادروا".
وأعرب نصرالله عن إدانته "العدوان الأميركي على عسكرات ومواقع ومنشآت مدنية للجيش العراقي وللحشد الشعبي، ما قاموا به اجتياح لسيادة العراق. الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاميكي بدأت تلاقي الأجوبة المناسبة وستلاقي الاجوبة المناسبة من الشعب والحكومة والاحزاب العراقية".