عامر إلياس الفاخوري (56 عاماً)، عميل إسرائيلي برتبة "جزّار مُعتقل الخيام"...
صفة العمالة هذه لا يُمكن محوها، حتى ولو مرَّ الزمن العشري على الجرائم المُوجّهة إليه، والتي ارتكبها اعتقالاً وتعذيباً وقمعاً، خاصة خلال العام 1988، ما أدّى إلى استشهاد الأسيرين إبراهيم أبو عزّة وبلال السلمان، وتعذيب أسرى بينهم الأسير علي عبدالله حمزة، الذي تبين أنه استشهد داخل المُعتقل في العام 1985، وتم تسليم جثته إلى الأمن العام في بنت جبيل في تاريخه، وفق تقرير "هيومن رايتس واتش" وافادة الشاهد إبراهيم كلش.
في ضوء قرار "المحكمة العسكرية الدائمة" في بيروت برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، التي أصدرت حُكمها أمس (الإثنين)، بكف التعقُّبات عن العميل الفاخوري، مِمَّا أُسنِدَ إليه لمرور الزمن العشري، وفقاً للمادة 10 أصول المُحاكمات الجزائية، هذا القرار يُصبح نافذاً، لأنّ المحكمة عندما أحالت على النيابة العامة العسكرية بشخص مُفوّض الحكومة القاضي بيتر جرمانوس، طلب وكلاء الدفاع عن الفاخوري، لم
يرد هذا الطلب كما جرت العادة في غالبية الملفّات، بل ترك أمر التقدير للمحكمة.
اجتهاد المحكمة
وذكرت مصادر واسعة الاطلاع لـ"اللـواء" أن جلسة مُحاكمة العميل فاخوري، كانت مُقررة يوم الخميس في 5 آذار الجاري، وقدم وكلاء الدفاع دفوعاً شكلية وطلب إخلاء سبيل، وتم تحديد الجلسة يوم الخميس في 12 الجاري، لكن تعطلت الجلسة، وبعد ورود تقرير رسمي من قبل لجنة طبية بناء لطلب قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، أكد اصابة الفاخوري بالسرطان، وأن حالته الصحية خطيرة، وفي ضوء عدم رفض القاضي جرمانوس للدفوع الشكلية، ومع تعذر سوق العميل الفاخوري لتدهور حالته الصحة، التي بلغت أوجها خلال الساعات الماضية، تم تقريب موعد الجلسة من الخميس 19 الجاري إلى أمس (الاثنين)، حيث قرّرت هيئة المحكمة بالاجماع:
1- قبول الدفع بمرور الزمن وكف التعقبات عن المتهم عامر إلياس الفاخوري بالنسبة إلى جرائم المواد 549 و549/201 و569 عقوبات لسقوط دعوى الحق العام بمرور الزمن العشري سنداً للمادة 10 أ.م.ج.، وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن محكوماً أو موقوفاً بداعٍ آخر.
2- ردّ كل ما زاد أو خالف.
3- حفظ الرسوم وابلاغ من يلزم.
واستندت المحكمة في اجتهادها إلى تطبيق أحكام مرور الزمن وفق أحكام قانون أصول المُحاكمات الجزائية على جرائم مُماثلة متى توافرت شروطه القانونية، فالمحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن ماهر صفي الدين، قد أصدرت بتاريخ 16/11/2001 حكماً بجريمة مقتل المُعتقلين إبراهيم أبو عزة وبلال السلمان عمداً بحق العميل أنطوان يوسف الحايك بعد رميه قنبلة دخانية سامة داخل زنزانتهما (وهي الواقعة الجرمية عينها التي يُلاحق على أساسها المُتهم الفاخوري في الملف الراهن والتي لم يُلاحق بها مع العميل أنطوان الحايك في حينه)، وقد قضى الحكم بإسقاط دعوى الحق العام عنه بمرور الزمن العشري سنداً للمادة 10 أ.م.ج لجهة جرم المادة 549 عقوبات وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مُـدّة عشر سنوات بحقه، بعد التخفيف والادغام، بجرائم المواد 273 عقوبات بفقرتها الأخيرة و569 عقوبات بفقرتها الثانية، وأن الحكم قد أبرم لجهة مرور الزمن على دعوى الحق العام بجرم المادة 549 عقوبات القاضي طربيه رحمة بتاريخ 30/1/2003 قضى بإسقاط الدعوى العامة عن المُتهم انطوان يوسف الحايك لجهة الجنايتين المُسندتين إليه بمرور الزمن العشري واطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بداع آخر (يراجع حكم المحكمة العسكرية الدائمة رقم 6409/2001 تاريخ 16/11/2001 في الدعوى رقم 4393/2000، وحكم محكمة التمييز العسكرية رقم 13/2003 تاريخ 30/1/2003، غير منشورين).
وحيث أن المادة 10 أ.م.ج اعتبرت في بندها الثاني أن مرور الزمن مُـدّة عشر سنوات على الجناية هو
سبب من أسباب سقوط دعوى الحق العام، واعتبرت في الفقرة الثانية منها أن مرور الزمن يبدأ في الجرائم الآتية من تاريخ وقوعها وفي الجرائم المُستمرة من تاريخ انتهاء الحالة الجريمة.
تمييز القاضي عويدات
حسناً كانت خطوة مُدعي عام التمييز في لبنان القاضي غسان عويدات، بأن أعلن أنه سيصدر اليوم (الثلاثاء) قراراً لتمييز الحكم، والطلب من مُفوض الحكومة لدى "محكمة التمييز العسكرية" القاضي غسان الخوري التقدم بطلب نقض الحكم.
وهذه الخطوة لا تعني الاستمرار بتوقيفه إذا لم يكن موقوفاً بجرم آخر.
مهما صدر من قرارات، لا يُمكن أنْ تسقط عن الفاخوري تهمة العمالة، وهو ما بات ضرورياً أنْ يتم تعديل المواد القانونية، بحيث لا يتم تقدير المواد القانونية نسبة لآثار التعامل مع العدو، بل ضرورة إنزال عُقوبة الإعدام بمَنْ يتعامل مع العدو، وتنفيذ هذه الأحكام حتى لا يتم اعتبار العمالة كوجهة نظر، لأنّ العميل الذي يخون وطنه، لا جنسية ولا طائفة ولا منطقة يجب أنْ تحميه.
فما اختاره هو جنسية وطائفة العمالة وخيانة الوطن، التي أدّت إلى سُقوط ضحايا بين شهيد وجريح وأسير، وفي الكثير من الحالات، كان بعضهم مَنْ يتّصلون بصلة القربى أو الصداقة مع مَنْ باع وطنه ونفسه للعدو وعاونه على فوز قوّاته.
هذا يستوجب اعتماد مادّة وحيدة، من دون النظر إلى ما تُسفِر عنه المعلومات التي يُزوّد بها العدو - أي عدم البحث عن أسباب تخفيفية، وهذه المادّة هي 275، التي تنص على "كل لبناني دسَّ الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليُعاونه بأي وجه كان على فوز قوّاته عوقب بالإعدام".
بعد قرار "المحكمة العسكرية" بحق العميل الفاخوري حُرّاً، والذي يرقد في المُستشفى، ما زالت تتردد الأحاديث الدائمة عن تدهور حالته الصحية، ودخوله في غيبوبة، وأنّه يُعاني من السرطان؟
ما هي حقيقة الاستجابة السياسية للضُغوطات الأميركية، كرسالة حُسن نوايا، خاصة أنّ المعلومات تُشير إلى أنّ السفيرة الأميركية الجديدة دوروثي شيّا، بعد تقديم أوراق اعتمادها رسمياً في لبنان، طلبت من المسؤولين اللبنانيين الإفراج عن العميل الفاخوري، بعدما كان قد سبق الأمر تسريب معلومات بأنّ الإدارة الأميركية ستفرض عقوبات على كل مَنْ ساهم بتوقيف العميل الفاخوري.
الأسئلة المطروحة؟
لكن الأسئلة المُطروحة هي، هل كل تلك الأمور مُصادفات، في ظل المُطالبة الأميركية الدائمة بالإفراج عنه، وتسليمه إلى الولايات المُتّحدة الأميركية لأنّه يحمل الجنسية الأميركية؟
ماذا عن عدم استجوابه، بل إنّه بقي نزيلاً دائماً في المُستشفى؟
ما هي هذه المُصادفة أنّه بعد توقيفه من قِبل الأمن العام اللبناني، يوم الخميس في 12 أيلول/سبتمبر
2019، بناءً لإشارة النيابة العامة العسكرية، وتحويله إلى القضاء العسكري، وفي الدعوى المرفوعة لدى محكمة النبطية، لم يحضر الجلسات، بل كان يتم التذرّع بوضعه الصحي ودخوله المُستشفى؟
ما هي حقيقة الوضع الصحي للعميل الفاخوري، ونقله إلى الولايات المُتّحدة، قبل بدء تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية بإغلاق "مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي"، اعتباراً من يوم غد (الأربعاء) في إطار حملة مُوَاجهة فيروس "كورونا"؟
كيف ظهرت هذ الأعراض بعد توقيفه في لبنان؟
التساؤلات المشروعة تطرح أُحجية عن حقيقة مرضه الحقيقيّ؟
هل وصلت المُخابرات الأميركية أو الإسرائيلية إليه، عبر عملاء لإعطائه موادَّ تُؤدّي إلى عوارض بتدهور حالته الصحية، لإخراجه من لبنان ومن ثم علاجه؟
أم أنّ هذه المواد هي للتخلّص منه وطمس "كنز المعلومات" عن المهمّة، التي كانت مُوكلة إليه في عودته إلى لبنان، والمدروسة والمُنسّقة بتفاصيلها وترتيباتها كافّة، بعدما كان قد سبق ذلك من الانتظار والمُرافقة والترتيبات اللوجسّتية لتحرّكاته، تنظيف ملفّه بتاريخ 10 نيسان/إبريل 2017، سحب بلاغ الاستقصاء رقم 303، المعروف بشموله أسماءً بالتعامل والإرهاب، وشمل 51 عميلاً!
لا شك في أنّ مُهمّة العميل الفاخوري، الحاصل على الجنسيتين الإسرائيلية ثم الأميركية، كانت هامّة،
كيف لا وهو صديق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ظهر في صورة وديّة معه؟
مهما حصل، يبقى عامر الفاخوري عميلاً برتبة "جزّار مُعتقل الخيام"!