مع تفاقم انتشار وباء الكورونا، في الساعات الأخيرة في عدد من المناطق اللبنانية (تسجيل 67 حالة في غضون 24 ساعة)، تعالت الاصوات لضرورة اعلان حالة الطوارىء وعدم الإكتفاء بحالة منع التجول الذاتي وقبلها حالة التعبئة العامة. فهل ان اعلان حالة الطوارىء ضروري ويحد من انتشار الفيروس؟
يحدد المرسوم الاشتراعي الرقم 52 الصادر في عهد الرئيس الراحل شارل حلو في 5 آب/أغسطس 1967، إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية في جميع الأراضي اللبناني أو في جزء منها "عند تعرض البلاد لخطر داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة"، علماً أن إعلان حالة الطوارئ يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وفق البند 5 من المادة 65 من الدستور اللبناني.
وتضيف المادة الثالثة من المرسوم الإشتراعي انه فور اعلان حالة الطوارىء او المنطقة العسكرية "تتولى السلطة العسكرية العليا (اي قيادة الجيش) صلاحية المحافظة على الامن وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة، ويفهم بذلك قوى الامن الداخلي والامن العام والجمارك ورجال القوى المسلحة في الموانئ والمطارات ومخافر الاحراج وفي وحدات الحراسة المسلحة ومفارزها بما فيهم رجال الاطفاء وتقوم هذه القوى بواجباتها الاساسية وفقا لقوانينها الخاصة وتحت امرة القيادة العسكرية العليا". ولهذه القيادة اتخاذ تدابير مشددة واستثنائية حددتها المادة الرابعة من المرسوم نفسه وفقا لما يلي: فرض التكاليف العسكرية بطريق المصادرة التي تشمل: الاشخاص والحيوانات والاشياء والممتلكات، تحري المنازل في الليل والنهار، اعطاء الاوامر بتسليم الاسلحة والذخائر والتفتيش عنها ومصادرتها، فرض الغرامات الاجمالية والجماعية، ابعاد المشبوهين، اتخاذ قرارات بتحديد اقاليم دفاعية واقاليم حيطة تصبح الاقامة فيها خاضعة لنظام معين، فرض الاقامة الجبرية على الاشخاص الذين يقومون بنشاط يشكل خطرا على الامن العام واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المعيشة لهؤلاء الاشخاص ولعائلاتهم، منع الاجتماعات المخلة بالامن، اعطاء الاوامر في اقفال السينما والمسارح والملاهي ومختلف اماكن التجمع بصورة موقتة، منع تجول الاشخاص والسيارات في الاماكن وفي الاوقات التي تحدد بموجب قرار، منع النشرات المخلة بالامن واتخاذ التدابير اللازمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والنشرات المختلفة والاذاعات والتلفزيون والافلام السينمائية والمسرحيات، تطبيق القواعد العسكرية المتعلقة بالاعمال الحربية عند تسيير الجنود لاعمال مسلحة وفي استعمال الاسلحة والمعدات بجميع الطرق التي تمكنهم من القيام بالمهمة الموكولة اليهم.
من الواضح أن كل من ينادي بتطبيق حالة الطوارىْ يستند الى المادة التي تجيز لمن يتولى المسؤولية منع تجول الاشخاص والسيارات، الا ان التدقيق في الظروف التي تؤدي الى اعلان حالة الطوارىء في البلاد تقودنا الى انه اجراء تقوم السلطات في احوال سياسية معينة او عند وقوع احداث امنية خطيرة اما في حالة انتشار وباء ما فاللجوء الى خيار "التعبئة العامة في البلاد" يبقى الخيار الصحيح والقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بتاريخ 15 اذار/مارس 2020 باعلان التعبئة العامة لمدة 15 يوما، يشي بأنه قرار عملي شرط تفعيله، فهذا الاعلان والذي يؤخذ بناء على انهاء المجلس الاعلى للدفاع والذي ينظم احكامه قانون الدفاع الوطني الصادر في 16 ايلول/سبتمبر 1983 بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 102 يمكن بموجب المادة الثانية منه تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات (الفقرة ج) ومصادرة الاشخاص والاموال وفرض الخدمات على الاشخاص المعنويين والحقيقيين وفي هذه الحالة تراعى الاحكام الدستورية والقانونية المتعلقة باعلان حالة الطوارىء (الفقرة دال).
ان تطبيق هذه المادة بحذافيرها يؤدي إلى تحويل قرار منع التجول الذاتي إلى قرار ملزم، اذ انها تنظم وتراقب النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات. كما أن هذا الاعلان (التعبئة العامة) يسمح بفرض رقابة على المواد الاولية، إستيراداً وتوزيعاً.
وحينما نتكلم عن التطبيق المشدد لاحكام المرسوم 102 يعني ان تعمل القوى المسلحة والبلديات على منع التجوال بالقوة كما اقفال جميع الاماكن التي من الممكن ان يتجمع فيها الناس من حدائق عامة (حرج بيروت ) وشواطىء وجبال ومنتزهات وملاعب وامكنة اللهو. كما فرض غرامات مرتفعة من قبل السلطة التنفيذية على كل مخالفة لاحكامه وذلك عبر اصدار مراسيم بهذا الخصوص.
كما على وزير الصحة اعلان حالة التعبئة الصحية العامة في اسرع وقت ووضع كل الامكانات الطبية تحت تصرفه مع امكانية مصادرة كل المراكز المجهزة او التي من الممكن تجيزها وترفض التعاون مع السلطات المختصة.
اضافة لكل ذلك صرف مستحقات البلديات المالية ومراقبة اعمالها بشكل يومي لكي تقوم بعمليات متابعة محاربة الوباء ان عبر تفعيل عمليات التعقيم او مساعدة الناس للبقاء في منازلهم وتأمين حاجياتهم خصوصا لكبار السن.
من دون ان ننسى الدور الكبير المفترض ان تقوم به وزارة الاقتصاد ان بمراقبة الاسعار او تحديد بعضها او حتى مصادرة اخرى ضرورية في حال لزم الامر.
لذا يمكن القول إن اعلان حالة الطوارىء، لن يقدم شيئا من اجل محاربة تفشي فيروس الكورونا. المطلوب ان يعي اللبنانيون خطورة الوضع، وان تحسم الحكومة خطواتها عبر اجراءات عملية لا عبر مطولات كلامية وبالتاكيد وقف المزايدات والارشادات التي لا لزوم لها في هذا الوقت.