عَلِمت صحيفة "الشرق الأوسط" من مصادر ماليّة ومصرفيّة أنّ "استمرار الخلاف حول الـ"كابيتال كونترول" والتعيينات المالية سيضع مجلس الوزراء في جلسته اليوم، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، في حال انتهى اللقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب من دون تجاوز الخلاف حول هذين الملفَين، أمام خيارين".
وأوضحت أنّ "الخيار الأوّل يقود حتمًا إلى عدم إقحام مجلس الوزراء اليوم في تأزُّم سياسي من العيار الثقيل، وهذا يستدعي ترحيل التعيينات الماليّة والمصرفيّة عن الجلسة، بذريعة إعطاء فرصة لمزيد من التشاور، وهذا الأمر ينسحب أيضًا على الـ"كابيتال كونترول"، خصوصًا أنّ دياب كان على عِلم بموقف بري، وبالتالي لا صحّة لما أشيع بأنّه فوجئ بطلب وزير المال غازي وزني بسحب مشروع القانون الخاص بالـ"كابيتال كونترول" المتعلّق بالسحوبات والتحويلات بالعملات الصعبة من التداول".
ولفتت المصادر الماليّة والمصرفيّة، إلى أنّ "الخيار الثاني يكمن في إصرار الرئيس عون ومعه عدد من الوزراء على طرح هذين البندين في الجلسة، ما يؤدّي إلى انفجار الحكومة من الداخل، وهذا ما لمّح إليه رئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية في تغريدة، حذّر فيها من لجوء البعض إلى الانصراف لمنع انتشار فيروس "كورونا" لتهريب صفقة في التعيينات لتمرير المحاصصة".
من جهتها، ذكرت مصادر سياسيّة أنّ "موضوع التعيينات كان قد نوقش في لقاء بَعيد عن الأضواء بين دياب والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي الوزير السابق النائب علي حسن خليل، انتهى إلى سوء تفاهم"، مشيرةً إلى أنّ "تمرير التعيينات لمصلحة حصر الحصّة المسيحيّة برئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل سواء مباشرةً، أو من خلال رئيس الجمهورية سيدفع فرنجية إلى الخروج من الحكومة".
وسألت عن "الأسباب المؤدية إلى تجيير الحصّة المسيحيّة لمصلحة باسيل، إضافة إلى إصراره على أن يكون شريكًا في الحصّة الخاصّة بالمسلمين، وهل يوافق "الثنائي الشيعي" على استبعاد فرنجية من التعيينات؟ رغم أنّ حضوره في الحكومة أمّن لها غطاءً مسيحيًّا في غياب حزبَي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية"؟".
كما رأت المصادر السياسيّة أنّ "لِطلب بري بسحب مشروع القانون، مجموعة من الأبعاد السياسيّة، ومنها أنّ تشريع الـ"كابيتال كونترول" بقانون يتعارض مع مقدّمة الدستور الّتي تنصّ على تمسُّك لبنان بنظام اقتصادي حر، وبالتالي فإنّ فرض قيود على السحوبات والتحويلات يشكّل خرقًا للدستور". وركّزت على أنّ "المتضرّر الأوّل من قونَنة المشروع هم العدد الأكبر من المودعين من الطائفة الشيعية، في ضوء ما يتردّد بأنّ حجم الودائع الشيعية في المصارف اللبنانية يفوق وبنسبة عالية جدًّا الودائع العائدة للمودعين من الطوائف الأُخرى. وبالتالي سيكونون على رأس لائحة المتضرّرين، إضافة إلى أنّ بري ليس في وارد الدخول مع المودعين في مشكلة على خلفيّة تقديمه للرأي العام، وكأنّه يرعى فرض القيود على ودائعهم".
وبيّنت أنّ "عليه، فإنّ بري لا يزال يتمسّك باقتراحه بأن يُبحث الـ"كابيتال كونترول" بين وزير المال وحاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، الّذي لا يحبّذ إسناد مثل هذه المهمّة المشتعلة إليه في ظلّ شعوره بأنّ الجميع تخلّوا عنه، وأنّ هناك مَن يُصرّ على استهدافه". ووجدت أنّ "هذه المسألة ستبقى عالقة إلى حين ابتداع المخارج لها"، مؤكّدةً في المقابل أنّ "غزوة فيروس "كورونا" ستدفع حتمًا باتجاه تأخير البحث في الخطّة الاقتصاديّة الإنقاذيّة، في ضوء ارتفاع منسوب العجز في موازنة العام الحالي، ليس بسبب الركود الّذي أصاب البلد بعد انطلاق "الحراك الشعبي"، وإنّما في التعطيل الّذي أحدث شللًا عامًّا في البلد، بعد أن صُبّت الجهود على مكافحة هذا الوباء القاتل".
إلى ذلك، تساءلت المصادر نفسها: "كيف السبيل إلى وضع الخطّة الاقتصاديذة، ما دام لبنان يمتنع عن سداد الفوائد المترتّبة على استحقاق سندات الخزينة، من دون أن يتوصّل إلى إعادة هيكلتها مع الدائنين انطلاقًا من دعوتهم لتقدير الظروف الّتي يمرّ فيها، والّتي ازدادت تعقيدًا بسبب انتشار "كورونا"، على أن يتعهّد بسدادها"، متسائلةً أيضًا عن "الموانع الّتي تقف حائلًا دون الالتفات إلى "صندوق النقد الدولي" طلبًا لمساعدته".