البَعل من السّاميّة "ربٌّ أو سيّدٌ أو زوجٌ"، هو إله عبده الكنعانيّون وله قدّموا الذبائح البشرية والحيوانيّة وغيرها من ثمار الأرض، ليردّ غضبه عنهم. وكهنة البَعل هم خُدّام الإله بَعل الذين تسمّوا باسمه وخضعوا وأخضعوا له جماعة العابدين؛ فأفسدوا عقولهم باعتقاداتٍ وأساطير وقِصَصٍ وخرافات لا تنتهي، وطوّقوا حياتهم وحركاتهم بأفعال السّحر والشعوذة والرّقى والتقسيم والتعزيم، وبكلام باطلٍ قائمٍ على الدَجل والنفاق. ومن سِمات كهنة البَعل، أنّهم يلجأون إلى أسلوب التّخويف والتّهويل والتّرهيب كوسيلة للدعوة إلى الرّجوع إلى البَعل، تحت طائلة غضب الإله وعقابه وانتقامه.
وللأسف الشديد، فإنّ أزمة الوباء العالمي، قد أظهرت أنّ من بين كهنة الكنيسة مَن هُم خُدّام البَعل، حتى ولو وقفوا على المذابح! ومَن تثقّف بثقافة البَعل وتَلَوهَت بِلاهوت البَعل، حتى ولو تكلّموا باسم الله! ومَن أقام نفسَه مُعلِّماً(1طيم3-7)، وسيّداً ورقيباً وحسيباً، ومُتسلّطاً على النّاس ككهنة البَعل! وكهنة البَعل هؤلاء، يُطلّون برؤوسهم في وقت الأزمات والضّيقات، شأنهم شأن البِدَع، ليخوّفوا النّاس، وليُهوّلوا عليهم ويُروّعوهم بسيف القصاص الإلهيّ، وليُفسِدوا القطيع، من دون حسيبٍ ولا رقيب!.
مرفوضون كهنة البعل الذين يُهوّلون بالله، ويَسوقون الناس بسياط الخوف والرّعب، بحجّة دعوة الناس إلى الإيمان القويم! ومرفوضٌ مَن يستعمل الله كورقة ضغطٍ على الناس! مرفوضٌ مَن يستغلّ خوف الناس وضعفهم وحاجتهم إلى الطُمأنينة، لعرضِ عضلاته "الرّوحيّة"!. ومرفوضٌ مَن يتسلّل إلى البيوت، في وقت الأزمات، ليعرض بضاعته ذات الصلاحيّة المُنتهية، وكذلك من يسبي العقول إلى الباطل! مرفوضٌ مَن يتحدَّث عن "ضربات الله القاسية"، وعن" لعنة السّماء"، وعن العقاب الإلهي"، وعن "القصاص والإقتصاص" وعن" تجربة الله" للبشرية! ومرفوضٌ مَن يُشيطن الكنيسة ليُظهر برّ ذاته وحكمته وحصافته وسموّ معرفته!. مرفوضٌ من يُسطّح الإيمان ويُسخّف العقيدة، ومرفوضٌ من يزرع الشكّ في النفوس، ويُفسِد صفاء إيمان المؤمنين!.
مَن يُهوّل بالله لا يعرف الله "لأنّ الله محبّة"(1يو4: 8). ومَن يستغلّ اسم الله ليُسمّم العقول والنفوس، ويُحرّض على العُصيان، لا يعرف الله لأنّ الله نقاوة وصفاء وسلام. الله "البُعبع"، الله "الكيدي"، الله "الغضوب"، الله "اللّاعِن"، الله "السّادي"، الله الذي لا شُغل له سِوى الإقتصاص من البشر وإنزال أبشع العقوبات بهم، ليس أب ربّنا يسوع المسيح، "أبُو الـمَرَاحِمِ وإِلـهُ كُلِّ تَعْزِيَة! الَّذي يُعَزِّينَا في كُلِّ ضِيقِنَا، لِنَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُم في كُلِّ ضِيق، بِالتَّعْزِيَةِ الَّتي يُعَزِّينَا اللهُ بِهَا"(2قور1:3). وكلُّ كلامٍ وسلوكٍ خارجٍ عن إطار الله الرّحمة والتعزية وإحياء الرّجاء في النّفوس، مرفوضٌ ومردودٌ إلى أصحابه، ويجب أن يكون مرفوضاً من البشرية كلّها.
إنّ إلهاً كالبَعل يستحقّ منّا أن نَستفرغه من باطننا، من أحشائنا، من أفكارِنا، ونطرده من قُدس أقداسنا، ونُطهّر كنيستنا من كهنته. الله المحبّة هو إلهي وإلهنا وإله البشريّة كلّها؛ الله الذي لا يُفرّق بين أبنائه وبناته ولا بين دينٍ وآخر، ولا بين بارٍّ وخاطئ، وبالتأكيد، الذي يموت عن الجميع من أجل أن يحيا به الجميع(2قور5: 15). وخُدّامه الأُمناء هُم على مثاله؛ رائحتهم من رائحته وكلامهم من كلامه، وسلوكهم من سلوكه، وحياتهم من حياته، وموتهم من موته، وقيامتهم من قيامته.
إنّ اسوأ ما يمكن للعقل البشري أن يتصوّره، هو استغلال الناس في ضيقاتهم وبلاياهم وفي حاجاتهم إلى مُنقِذ، للإنقضاض عليهم باسم البَعل بحجّة دعوتهم إلى الفردوس الوهميّ، الذي لن يصلوا إليه إن هُم أصغوا إلى كهنة البعل. ولكن الأسوأ من هذا الأسوأ، هو استعمال الشيطان حجّةً لدعوة الناس إلى الله. وأمّا بالنسبة لي، فأنا أفُضّل ألاّ أؤمن بإله، من أن أؤمن بإله البَعل الذي يُقدّمه لي كهنة البَعل... فهل مِن سامِعٍ يسمع؟ وهل مَن يُطهِّر الكنيسة من كهنة البَعل؟... والسّلام.