هي السلطة الرابعة التي بفضلها وصلت الكلمة إلى حيث يجب أن تصل، فجنودها لا يعرفون الراحة، يعملون ليل نهار، جاهزون دوماً حتى في أيام العطل والأعياد، لإيصال كلمة الحق والحقيقة.
إن قارنتم خارطة العالم اليوم، بخارطة قديمة جداً، ستلاحظون كم من دولة إختفت من الوجود، لماذا؟ ربما كانت ضعيفة عسكرياً، ولكن الأكيد أنها كانت تفتقد حرية التعبير، ولم يكن لديها أقلام تكتب بحرية وبضمير لتطالب بحقها وتوصل صوتها.
ما حدث مع زميلنا شربل لبكي صدمنا، فبعد أن غادر لبكي بالأمس مكاتب موقع "الفن" والذي هو من ضمن مجموعة "البريد والنشرة"، عند إنتهاء دوام عمله في منتصف الليل، أوقفه حاجز لقوى الأمن الداخلي في فرن الشباك أثناء توجهه إلى منزله في عمشيت، حيث كان داخل سيارة صديقه الذي جاء خصيصاً ليوصله إلى بيته، وذلك في ظل التعبئة العامة التي فرضتها الحكومة، ومنع التجول ليلاً بسبب إنتشار فيروس كورونا.
عنصر قوى الأمن طلب بطاقة لبكي الشخصية وبطاقة صديقه وأوراق السيارة، وعندما أعطى لبكيرجل الأمن بطاقته الصحفية الصادرة عن موقعنا، قال له رجل الأمن إنه صحافي وليس إعلامياً، وتوجه إلى صديق لبكي بالقول إنه ليس من ضمن عمله أن يوصله إلى منزله، وعلى لبكي أن ينتظر الى حين إنتهاء حظر التجول، أي حتى الساعة الخامسة صباحاً ليعود إلى منزله، وبعدها عاد وسمح لهما بالمغادرة قائلاً لهما :"إن لم أوقفكما أنا، سيوقفكما غيري".
هنا نسأل رجل الأمن:"كيف فرّق بين كلمة صحافي وكلمة إعلامي؟ وهل إرتكب الزميل لبكي جريمة ليتم التحقيق معه وتوقيفه في الشارع في منتصف الليل بعد أن كان أصر على مواصلة عمله حتى في أصعب الظروف وعرّض حياته للخطر"؟.
على المسؤولين عن القوى الأمنية أن يُفهموا عناصرهم جيداً من هو الصحافي، فنحن من خلال بطاقتنا الصحفية قمنا بتغطية أهم الأحداث العالمية في عدة بلدان، وكان يتمّ تسهيل أمورنا وإحترامنا بشكل كبير لأننا نحمل هذه البطاقة، والقاموس لا يعترف بكلمة "إعلامي"، بل يعترف بكلمة "صحافي" الذي يجيد صياغة وتحرير الخبر وينقل الصورة بأحرف يكتبها بإحتراف عالٍ، في حين أن إعلامي، هي كلمة مستحدثة يظن البعض أنها تعطيهم قيمة أكبر، على الرغم من أن كثيرين من الذين يطلقونهذه الصفة على أنفسهم ليسوا متمكنين من اللغة العربية ولا يجيدون المهمة الصحفية.
وفي السادس من أيار سنحتفل معاً بعيد الشهداء، شهداء الصحافة اللبنانية الذين حاربوا الإحتلال العثماني بأقلامهم المقاومة ليبقى لبنان، ومنهم سعيد فاضل عقل، الشيخ أحمد طبارة، جورجي حداد، عمر حمد، عبد الغني العريسي... فأهل الصحافة، هم أصحاب الضمير والقلم الحر، وهم المستعدون دائماً لتلبية النداء، حتى لو إضطروا للكتابة بدمائهم.