بعد البيان الاخير الذي صدر عن رؤساء الحكومات السابقين، والذي شهد اسماً جديداً في عداده هو اسم النائب سعد الحريري، بات من الطبيعي الحديث عن انضمام رسمي للاخير الى هذا النادي. هذا الامر يحمل معه دلالات وعبر كثيرة اوّلها اعلان الطلاق الرسمي بين الحريري والعهد من جهة، وبينه وشريحة كبيرة من الاحزاب والتيارات من جهة اخرى. هذه الخطوة املتها على ما يبدو، قراءة رئيس تيار المستقبل للاحداث والتطورات على الساحة الداخليّة، ووصوله الى قناعة راسخة بأنّه لن يعود الى السراي الكبير في وقت قريب، فيما اعتماده سياسة "النأي بالنفس" يفقده يوماً بعد يوم شعبيّة كانت اصلاً مثقلة بالمشاكل وتشهد تراجعاً مضطرداً، فكان لا بد من الوصول الى حلّ ما يحفظ استمراريّته السّياسية.
لن يكون من المستغرب ان يكون انضمام الحريري الى النادي المذكور، قد اتى على مضض وليس عن قناعة، فهو يدرك تماماً انه يتبادل والاعضاء الكثير من مشاعر عدم الثقة وعدم الود وعدم الرؤية السياسية المشتركة وعدم التوحّد في المصالح، كما يعلم علم اليقين ان حريته ستكون مقيّدة بفعل "نفوذ" هؤلاء داخل النادي وهو الوافد الجديد اليه، مع كل ما يعنيه ذلك من افضلية "الاقدميّة". مصاعب العضو الجديد لن تقف عند هذا الحدّ، فهناك دولة اقليميّة لها كلمتها الفاعلة في هذا النادي وهي السعودية، دولة كان يعتبرها الحريري ملاذه ومصدر قوّته وقوته، ولكنها تحوّلت الى مصدر حذر وقلق، واصبحت العلاقة في حدها الادنى للاسباب المعروفة والتي لن نعيد ذكرها مجدداً، ومن يحتاج الى دليل ملموس على ذلك، ما عليه سوى مراجعة عدد المرات التي وطأت فيها قدما رئيس الحكومة السابق ارض الرياض في السنوات القليلة الماضية، ومقارنتها بالفترات السابقة من حياته.
وضع الحريري الميزان امامه، وبدأ حساباته لقياس عوامل الربح والخسارة، فإذا به يجد ان خسائره ستكون اكبر بكثير اذا لم ينضمّ الى النادي المذكور، من النواحي كافة: السياسية والشعبية والطائفية وحتى المادية، علماً انه فقد ايضاً مقومات الصمود والنجاح بخسارته وسائل الاعلام التي كان يعتمد عليها لترويج افكاره وسياساته ورؤيته، وشبكة صلاته مع الاحزاب والتيارات والقوى الفاعلة على الارض اللبنانية، فيما تعرضت شعبيته لتراجع ملحوظ لا يغذّيه بين الحين والآخر سوى الغذاء المذهبي الذي يدوم لفترة محددة قبل ان يحتاج الى كمية جديدة.
في مقابل كل ذلك، يربح الحريري من خلال انضمامه الى النادي، وجوداً اكبر على الساحة، وغطاء مذهبياً وسياسياً هو اليوم بأمس الحاجة اليه، وقد يؤدّي في فترة لاحقة، الى كسر بعض الثلج في العلاقة الدقيقة بينه وببين اعضاء النادي، كما انه يؤمّن تواصلاً مع السعودية ولو ان نسبته لا تزيد كثيراً عن الحد الادنى المطلوب، الا انها تبقى افضل مما هي عليه اليوم.
مرحلة جديدة يلج اليها الحريري وفق قاعدة "مرغم اخاك لا بطل"، يأمل فيها ان يعيد فيها صفحات الماضي الجميل بالنسبة اليه، ولكنها مسيرة طويلة وغير مضمونة كما انها مليئة بالعقبات والعوائق، وعليه ان يعتاد عى انه لم يعد الممثل الوحيد للسنّة في لبنان مع كل ما يعنيه ذلك من خسارة لنفوذ في الحصص الحكومية والتعيينات وغيرها، وصولاً الى الاستحقاقات الانتخابيّة، وبعدها الاهم ايّ رئاسة الحكومة التي باتت اليوم حلما بعيد المنال بالنسبة اليه، الّا اذا تمكن من جمع اعضاء نادي رؤساء الحكومة السابقين حوله، وهي مهمّة ليست مستحيلة ولكنها مكلفة للغاية.