في زمن فيروس "كورونا" كثر الكلام عن الأوبئة وغاب الكلام عن المرض والعمليات الجراحيّة، فالمستشفيات استنفرت كامل طواقمها لمواجهة هذا الفيروس القاتل الذي احتلّ مساحة كبيرة من العالم حالياً. لكن رغم هذا الوضع والخوف من دخول المستشفيات، يُجبر البعض على الدخول إليها لاجراء جراحة معينة، فما الذي يحصل في هكذا حالات وكيف تتعامل المستشفيات اذا كان المريض مصابا؟.
"خطورة فيروس "الكورونا" أنه معدٍ وسريع الانتشار ولكن من كلّ 100 شخص يلتقطون هذا الفيروس، هناك 85 لا يشعرون به، 15% يتعب تنفّسهم ومن هؤلاء الـ15% هناك 5% يحتاجون الى عناية فائقة". هذا ما يؤكده رئيس قسم الأمراض الرئوية والعناية الفائقة في مستشفى القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس الطبيب جورج جوفيليكيان، لافتا عبر "النشرة" الى أن "الأكثر عرضة للوفاة هم من يعانون من مشاكل في القلب، سكري، كبار السن أو من هم مناعتهم ضعيفة".
يعتبر جوفيليكيان أننا "لا زلنا في مرحلة الاختبار مع هذا الفيروس، وهناك اليوم اشخاص معرضون أن يقوم جسمهم بردة فعل دفاعيّة مبالغ فيها في حال التقطوا الفيروس وقد يؤدّي ذلك الى الوفاة"، مضيفاً: "هناك أمر حصل مع الايطاليين فالأطباء الذين اصيبوا بالعدوى لم يتعالجوا وبدأوا يدخلون لمعالجة المرضى دون الوقاية وفتكت بهم الفيروسات وتوفوا بعدها".
"يمكن للمرء ان يلتقط الفيروس وتصيبه العوارض من 3 الى 8 أيام وصولا الى 14 يوماً". هنا يشدد الطبيب جوفيليكيان على ان "فترة الحضانة فيه طويلة وتمتد لأيام، والمشكلة وجود مرضى تستمر فترة نشرهم للفيروسات لحوالي 37 يوماً (تاريخ ظهور العوارض الى حين الشفاء التام) وهذا الامر خطير"، مشيراً الى أن "المستشفى جهّزت لاستقبال مرضى الكورونا وفصلنا المنطقة التي سيعالج فيها هؤلاء لتبقى نظيفة"، مشددا على أن "كلّ مريض وقبل ان دخوله للاستشفاء يجب التأكد من العوارض لديه وفي حال الشك، نقوم بالفحوصات اللازمة وعلى اساس وضعه نقرر ما نفعل".
وفي سياق متصل يرى الاخصائي في الجراحة العامة الطبيب طوني كفوري أن "هناك بعض الحالات التي تصل الى المستشفيات وتحتاج الى جراحة طارئة ومضطرون للقيام بها مثلا الجراحات التي تتعلق بالقلب، التهاب الزائدة، المصران، وكل الحالات التي لها علاقة بالسرطان".
ويعتبر الاخصائي طوني كفوري في حديث لـ"النشرة" أن "الخطر في زمن الكورونا ليس على الجراح بل على طبيب البنج لأن نقطة عمله مع المريض هي في منطقة الوجه حيث يمكن التقاط الفيروس من هنا يجب أن يرتدي ثيابا واقية ومجهّزة بشكل كامل للحماية اضافة الى باقي الطاقم"، لافتا الى أنه "وفي هذا الوقت بات يصل الى المستشفى حالات طارئة بشكل مرتفع اكثر، لأن من كان يعاني من أمر بسيط ما عاد يستشير الطبيب او يحضر الى المستشفى بل ترك نفسه فتفاقمت حالته، وما كنا سنعالجه بالدواء أصبح يحتاج الى جراحة، في نفس الوقت اوقفنا كل العمليات التي لها علاقة بالحالات العادية او التي تحتمل التأجيل".
وحتى للطاقم الطبي اليوم أسلوب عمل جديد، إذ يشير الطبيب كفوري الى أن "بعض المستشفيات لجأت الى تقسيم طاقمها فرقاً في هذا الوقت، ويتألف اجمالا من طبيب بنج ممرضين او ثلاثة، مساعد طبيب البنج وهؤلاء يشكلون فريقا واحدا هو نفسه دوماً بحيث لا يتمّ اللجوء الى تبديل الاشخاص، بما معناه ان هذا الطبيب لن يكون اليوم مع هذا الفريق وغدا مع آخر كما كان يحصل سابقا"، مضيفا: "غرف العمليات ايضا تقسّم عبر الفرق، وبهذا الشكل اذا تم اكتشاف اصابة بالفيروس مثلا، يذهب الفريق بأكمله الى الحجر فيما تستمر بقية الفرق بالعمل حتّى لا تتعطّل الطبابة في المستشفى".
ويخلص الطبيب كفوري الى القول، أنه "في حال عدم وجود عوارض لدى المريض، لا لزوم لفحصه أما في حال شككنا ان هناك عارضا له علاقة بالجهاز التنفسي فعندها يجب ان نأخذ اقصى درجات الوقاية". بدوره الطبيب جوفيليكيان يؤكّد أن "الحياة ما قبل كورونا ليست كما معها ولا ندري كيف ستكون ما بعدها"، مشددا على أن "هذا الفيروس ليس موسمياً ويجب الوقاية منه بشكل كامل".