فيما تصارع دول العالم لفرملة انتشار جائحة كورونا وايجاد لقاح لها، يبدو انّ الإدارة الأميركية تغرّد في كوكب آخر وتستمرّ في حبك الخطط العسكريّة المعادية ضدّ خصومها رغم تفلّت الفيروس المنتشر من عقاله في الولايات المتحدة نفسها، والتي باتت تتربّع في صدارة الدول الموبوءة حول العالم، بعدما كشف الفيروس التاجي هشاشة نظامها الصّحي – كما في غالبيّة دول الغرب، والنّقص الحاد في امكاناتها الطبيّة والعجز في علاج عشرات الاف المواطنين الأميركيين خصوصا في ولاية نيويورك، حيث دقّ حاكمها منذ يومين ناقوس الخطر، وسط اقبال غير مسبوق على شراء السلاح خوفا من القادم الأسوأ،"والذي سيتضمّن سيناريوهات خطيرة منها وفاة سياسيّين كبار- وفق اشارة مجلّة "نيوزويك" اواخر الشهر
الماضي، على وقع تحذيرات خبراء ومحلّلين سياسيّين اميركيين من "مرحلة خطيرة قادمة في الولايات المتحدة جرّاء انتشار الفيروس، وصلت الى حدّ ترجيح ان يتسبّب هذا الفيروس بانهيارات دراماتيكيّة في القطاع الصحي تفضي الى اقصاء "رؤوس كبيرة" في ادارة الرئيس دونالد ترامب.
رغم الوضع الكارثيّ التي وصلت اليه الولايات المتحدة مع الإنتشار غير المسبوق للفيروس التاجي فيها، وفي مقابل اخلاء عدد من القواعد العسكرية الأميركية في العراق، الا انّ التحركات العسكرية الأميركية بدت مريبة في الآونة الأخيرة، حيث باشرت واشنطن بنصب انظمة باتريوت للدفاع الجوي في قاعدتّي عين الأسد وحرير في اربيل عاصمة اقليم كردستان، والتي تشهد حركة اميركية غير اعتياديّة في اجوائها ومطارها، تزامنا مع نقل عشرات البطاريّات من المنظومة الدفاعية الى السعودية والبحرين والكويت والإمارات، كما تمركز ثلاث حاملات طائرات قرب سواحل فلسطين المحتلة وبحر عُمان-بحسب ما أكدت مصادر صحافية غربيّة، لفتت ايضا الى انّ "اسرائيل" بادرت بالتزامن الى نشر منظومات "ثاد" المضادة للصواريخ حول مستعمرات محدّدة، والقيام بتحصينات اضافية على الحدود مع لبنان، مصحوبة بحركة نشطة بدت لافتة لطائرات التجسّس "الإسرائيلية" في اجواء لبنان، وصولا الى العاصمة بيروت.
مصادر امنيّة لبنانيّة، لم تستبعد احتمال لجوء "اسرائيل" الى القيام ب "امر ما" ضدّ مواقع للمقاومة اللبنانية مستغلّة انشغال قادتها وكوادرها بمقارعة فيروس كورونا في البيئات الحاضنة لها.. في المقابل، سرت انباء تداولتها مواقع اخبارية لبنانية، عن استعدادات قصوى اتخذتها قيادة المقاومة، تضمنّت سحب مجموعات كبيرة من قادتها وكوادرها من سورية الى لبنان، ونشر منظومات صاروخيّة على طول الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلّة.. بطبيعة الحال تبقى كل تلك الأنباء غير مؤكدة طالما انها لم تصدر عن هذه القيادة حصرا.
الا انّ الخطط العسكريّة المستجدّة التي اقرّها البنتاغون تجاه العراق تستدعي التوقف عندها، سيّما بعدما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" انّ الأوامر عُمّمت على القيادات العسكريّة للإعداد لما أسمته" حملة تدمير كلّي لكتائب حزب الله العراق"، موضحة انّ مسؤولين اميركيين كبار، بينهم وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي، يضغطون لاتخاذ اجراءات عدوانيّة ضدّ ايران، حيث يرى هؤلاء انّ انشغال الأخيرة بأزمة مكافحة فيروس كورونا، فرصة لتدمير حلفائها في العراق.. يأتي ذلك وسط اجماع تقارير امنية عراقية، على انّ واشنطن تستمرّ بإعادة هيكلة و"تجميع" بقايا تنظيم " داعش" في هذا البلد، وإخلاء قادة واعداد كبيرة من التظيم في سورية وسحبهم الى العراق.
ولذلك، جاءت "مسرحيّة" انتفاضة الآلاف من مسلحي التنظيم يوم الأحد الماضي في سجن غويران بالحسكة السورية، الذي يحرسه مقاتلو ميليشيا "قسد"، في محاولة للفرار من السّجن.. نجحت المحاولة وتمكّن عدد كبير منهم من الفرار-بينهم "قادة محدّدين".. لتهدأ الأمور بعدها وكأنّ شيئا لم يكن!..
وما بدا لافتا، هو رصد توجّه اعداد من "الدواعش" الفارّين صوب قرية العريشة ومدينة الشدادي حيث كان الطيران المروحي الأميركي يستنفر بالتزامن في مهبط الحوّامات بالمدينة!..ليتمّ لاحقا رصد تجمعّات منهم بالقرب من قاعدة "كي1 " التي تحدّثت الأنباء عن انسحاب القوات الأميركية منها!
وعليه، يبدو واضحا انّ واشنطن تسعى الى "خلط الأوراق" مجددا في العراق، بعد انتصار الحشد الشعبي بمعية القوات العراقية على اداتها الدّموية "داعش" ونسف "امارته المزعومة" التي كلّف التخطيط لإقامتها الكثير من الجهد اللوجستي والاستخباري في اروقة الإستخبارات الأميركية والبريطانية و"الإسرائيلية".
فهل ترتقي التحرّكات العسكريّة الأميركية المستجدة الى مستوى "التهديد الجدّي" وتبادر واشنطن الى تنفيذ ضربات خطيرة في العراق ضدّ فصائل المقاومة، تحديدا كتائب حزب الله؟ او انّ السيناريو "أكثر شمولا" ليطال جبهات اخرى في المنطقة بمعيّة "اسرائيل"؟ ام انّ التهديدات عالية النّبرة التي اطلقها الرئيس الأميركي ضدّ ايران وفصائل المقاومة العراقيّة، تصبّ في خانة الحرب النّفسيّة ازاءّ "الغريم" الإيراني لجرّه الى طاولة المفاوضات؟
ايران التي تراقب التحرّكات الأميركية وتتابعها "لحظة بلحظة" – بحسب تصريح رئيس اركانها اللواء محمد باقري، قابلت تهديدات ترامب بنبرة لا تقلّ حدّة. وحذّر امين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي واشنطن، من انّ العراق سيكون مستنقعا لأميركا كفيتنام، مسبوقا بتهديد مساعد رئيس البرلمان للشؤون الدولية حسين امير عبد اللهيان، الذي حذّر من ارتكاب ايّ خطأ عسكري جديد في العراق " لأنّ ذلك سيُفضي الى انسحاب اميركي اسرع من المنطقة..ونهاية الصّهيونيّة"- وفق تعبيره.
وينقل مصدر في صحيفة "اندبندنت" البريطانيّة عمّن اسماه احد كبار المحللين العسكريين في طهران، تأكيده على جهوزيّة غير مسبوقة لمحور المقاومة حيال اي تهديد معادي خصوصا في الفترة الرّاهنة، رغم انهماك بلاده واركان المحور بمقارعة جائحة كورونا..
المصدر الذي توقّف عند الغارات الصّاروخيّة الأخيرة التي سدّدتها مقاتلات "اسرائيلية" ضدّ مواقع عسكرية سورية في ريف حمص انطلاقا من اجواء لبنان، لفت الى انّ الدفاعات الجويّة السوريّة لم تكتف باعتراض وإسقاط غالبيّة الصواريخ "الإسرائيليّة" وحسب، بل انّ بعض الصواريخ السورية لاحق المقاتلات المغيرة الى داخل الأجواء اللبنانية، وفي ذلك رسالة ومؤشّر هام جدا الى مرحلة قد تكون مختلفة عن سابقتها. فبرغم انهماك سورية حاليا بمقارعة جائحة كورونا، الا انّ دفاعاتها الجوّية قد تفاجئ العالم في ايّ لحظة، بإسقاط مقاتلة "اف16" اسرائيلية، على غرار واقعة شباط 2018 ، حين "اصطادت" احدى هذه المقاتلات واصابة طيّارَيها بجروح بالغة-بحسب اعتراف الجيش "الإسرائيلي" وقتذاك.
يترقّب العالم بأسره مآل نهاية فيروس كورونا الذي ارعب وسجن الملايين على وجه المعمورة خوفا من الإحتكاك به ، فيما تُشهر واشنطن بسيوفها وتهدّد بضربات ضدّ خصومها وكأنّ اوضاعها في ذروة انتشار الفيروس على اراضيها،على اتمّ ما يرام! .. نقلا عن المحلّل السياسي الاميركي ستيفن ليندمان- الذي فجّر الأسبوع الماضي مفاجأة في تأكيده انّ كورونا تمّ انتاجه في اميركا كسلاح بيولوجي بهدف ضرب خصومها-، فإنّ مخطّط نشر الوباء سيرتدّ "بشكل مرعب" على الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، وهذا ما بدأنا نشاهده.
ثمّة ترجيحات لبعض الخبراء العسكريين الروس، تشير الى انّ المخطط الأميركي تجاه ضرب فصائل المقاومة العراقية قد يؤجل في المرحلة الراهنة ربطا بتطلّب هكذا ضربات الكثير من الحسابات جرّاء ترابط هذه الفصائل بإيران كما ببقية حلفائها في المنطقة.. " لربما وجب ان تكون العين على فنزويلا، وقد يكون السيناريو الأميركي ليس ببعيد لإسقاط الرئيس نيكولاس مادورو بالقوّة، في وقت انشغال العالم بجائحة كورونا، وحيث تواجه فنزويلا ازمة ضخمة في مقارعة الجائحة جرّاء الإجراءات الأميركية القاسية وتشديد القيود الماليّة"..
ولم يستبعد احد الخبراء العسكريين ان تكون المفاجأة القادمة في سماء احدى الأجواء العربية، وان تكون "اسرائيل" معنيّة الى حدّ كبير بهذه المفاجأة..سيّما انّ طيّارَي طائرة "تورنادو"- مجهولي الجنسيّة والمصير حتى الآن-، التي اسقطها مقاتلو حركة انصار الله اليمنيّة فوق منطقة الجوف في شهر شباط المنصرم، تبيّن انهما اسرائيليّان وتتكتم تل ابيب بشكل كامل حيالهما- بحسب اشارته..دون الدخول في التفاصيل.