بناء على التعاميم الصادرة من مصرف لبنان يوم 3 نيسان 2020، قرار رقم 13216 المتعلق بأصول تدول العملات الأجنبية، نستخلص التالي:
- بعدما كان سعر الصرف ثابتاً لليرة اللبنانية مقابل تداولها بالدولار الأميركي منذ عام 1997، يجري اليوم انشاء وحدة خاصة في مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان للتداول بالعملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية.
- إشارة إلى تداول سعر صرف الليرة الوطنية مقابل سلّة من العملات، ليس فقط الدولار الأميركي.
- تصبح الوحدة الجديدة لمقاصة العملات، كما دائرة مقاصة الشيكات، وتصبح المؤسسات المنضوية بها من مصارف ومؤسسات صرافة (فئة أ) هي القادرة على بيع الأفراد عملات بناء على سعر البيع والشراء الحاصل في هذه الدائرة.
- يُوجب هذا القرار، سحب تراخيص مؤسسات الصرافة غير المنضوية في الوحدة والتي لا يجب أن تتعاطى مع الجمهور لأنها توجب سعر صرف ثالث، ويوجب على وزارة الاقتصاد والداخلية إلزام كافة المؤسسات تطبيقه.
- المنصة الإلكترونية لإظهار سعر التداول يجب أن تكون علانية في كافة محلات الصيرفة (سبق وتم الإشارة لها في ورقة بحثية أكاديمية قدمتها من باب حلول الأزمة النقدية نشرت في مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية عدد ديسمبر 2019).
- يجب إلزام المصارف والصيارفة ومن يتقدم لها بطلب شراء أو بيع عملة من العملات أن يقدم إثبات لسبب التحويل وضرورته وذلك من أجل عدم إقدام البعض على المضاربة على حساب العملة الوطنية، مع تأثيرات ذلك على سعر الصرف والقدرة الشرائية للمواطنين.
- إلغاء المادة 18 من قانون رقم 347 تاريخ 6/8/2001 التي تنص على أنه يمكن لمصرف لبنان معاقبة مؤسسات الصرافة غير الملتزمة بسلسلة من الإجراءات تبدأ بالتنبيه، ومنع القيام ببعض العمليات. إنما تشير إلى أن سلسلة العقوبات أصبحت لاغية وأصبحت العقوبة الحالية بناء على المادة 17 من القانون المشار إليه أعلاه: الشطب حكماً من ممارسة مهنة الصرافة وإلى حل المؤسسة المعنية وتصفيتها.
- كذلك تنص المادة 19 بتوقيف مؤسسات الصرافة عن العمل موقتاً، والمادة 20 بالسجن بحق الصيرفي من ستة أشهر لغاية ثلاث سنوات وبغرامة، وبالتالي لم يعد هناك مجال لا لتنبيه ولا لعقوبات مسلكيّة بل عقوبات علاجيّة لتقويم قطاع الصيرفة.
- مدة القرار 6 أشهر، يجب أن تكون لاغية، لأن قرار أن يكون سعر الصرف ثابتاً أو متغيراً ليست سياسة مؤقتة بل هي أساسية واستراتيجية لأنها تؤثر على قرارات الأفراد.
قرار رقم 13215 المتعلق بتحرير قيمة الودائع المسماة صغيرة.
المادة الأولى:
أولاً-في حال كانت قيمة وديعة العميل لا تتعدى 5 ملايين ليرة لبنانية، يمكن للمصرف وبناء على رغبة العميل أن يقوم بتحويل قيمة المبلغ حسابياً إلى ما يوازيه بالعملة الأجنبية بناء على سعر الصرف بين مصرف لبنان والمصارف التجاريّة أي مثلاً 5 ملايين ليرة تصبح قيمتها على سعر 1500 ليرة لبنانية لكل دولار أميركي فيصبح بالتالي قيمة الوديعة 3300 دولار أميركي، ثم يتم تحويل المبلغ المطلوب إلى الليرة اللبنانية بناء لسعر السوق (المبني على سعر الوحدة القائمة بناء على قرار 13216)، ولنعتبر كان 2000 ليرة، يشير إلى أن المجموع يساوي 6 ملايين و600 ألف ليرة لبنانية، وبالتالي تصبح من حق المودع أن يأخذها سائلةً.
ثانياً-بينما في حال كانت قيمة الوديعة بالدولار الأميركي ولا تتعدى 3000 دولار أميركي أو ما يوازيها بأي عملة أجنبية أخرى، يجري تحويلها إلى الليرة اللبنانية بناء على سعر السوق (المبني على سعر الوحدة المشار إليه أعلاه، قرار 13216) فإذا كانت قيمة الوديعة 2500 دولار أميركي مثلاً ولنعتبر أن سعر السوق الذي توصلت له الوحدة هو 2500 ليرة مقابل كل دولار أميركي، فبالتالي يصبح من حق المودع 6 ملايين و250 ألف ليرة لبنانية يجب أن يأخذها نقداً.
المادة الثانية:
- اشتراط سحب قيمة الوديعة دفعة واحدة، وبالتالي يصبح الفرد عميل مصرفي سابق، وهكذا يتخلص المصرف من صغار المودعين ومن مطالباتهم، بدفعه قيمة تلك الحقوق بناء على سعر الصرف المتفق عليه بين مصرف لبنان والمصارف وشركات الصيرفة المختارة.
- اشتراط أن تبقى سائر العمليات بالدولار الأميركي للمودعين بمبالغ أكبر من 5 ملايين ليرة أو ثلاثة آلاف دولار خاضعة لسعر الصرف المتداول بين مصرف لبنان والمصارف التجارية.
- أين هي حقوق أصحاب الودائع مهما كان حجم وديعتهم، وبناء على أيّة معايير جرى اعتبار أن صغار المودعين هم من امتلك منهم 5 ملايين ليرة أو ما يماثلها بالعملة الأجنبية، أليس ذاك نقيض ما توصلت له الموازنة العامة لعام 2020 والتي تنص أنه يجب ضمان حقوق المودعين التي تنخفض ودائعهم عن 75 مليون ليرة أو ما يعادلها.
- مدة القرار ثلاثة أشهر، وبالتالي من لا يسحب وديعته ضمن هذه المدة والتي هي مدة حظر صحّي في لبنان والعالم ستبقى ودائعهم في دائرة المحظورة على أصحابها، وتقطر بناء لرغبة المصرف.
- إن الطلب المنصوص من حاكم مصرف لبنان في 9 كانون الثاني 2020 إلى وزير الماليّة، ينيط صراحة أن مصرف لبنان مهمته ضمان حقوق جميع العملاء والمودعين مع المصارف لا القيام بإجراءات وقيود غير عادلة وغير متساوية بحق المودعين، فكيف يتم اصدار تعميم اليوم يضرب صراحة ذلك الكتاب الموقع من قبله.
- إن لقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع نقابة الصيارفة وإلزامهم بأن يكون سعر صرف العملة 2000 ليرة ثم إصدار تعميم لتحرّك العملة الوطنية بيعاً وشراءً في السوق بما لا يتعدى 30% من السعر الرسمي لها لم يجرِ تطبيقه، ولم تلتزم به مؤسسات الصيرفة، حيث وصل بتاريخ 3 نيسان 2020 إلى مستوى 3 آلاف ليرة في السوق الموازي، وبالتالي ما الذي يجعلنا على دراية أنّ سعر السوق سيكون واحداً وليس تشريعا لعدّة أسعار لليرة الوطنيّة مقابل الدولار الأميركي.
- كيف تعود الثقة للتعامل مع المؤسّسات الماليّة، وخاصّة عبر السندات، والشيكات حيث أصبح أكثريّة تعامل المؤسسات والتجار نقداً، وعبر سعر صرف لسوق موازٍ أو سوداء كما يرغب البعض بالإطلاق عليها.
يبقى الأمل، بإجراءات شاملة وجذريّة بناء على خطط نقدية استراتيجية للنهوض والخروج من الأزمة لا تعاميم أو قرارات بناء على رغبة بعض أهل الساسة، لا تغني ولا تصلح ولا تخرج البلاد من الأزمة التي نعيش، بل تكون إجراءات موقّتة نفعيّة لفئة صغيرة لا تدفع لا إلى زيادة الكتلة الشرائيّة، ولا إلى خلاص العباد من شرّ الأزمة ولا إلى استقرار نقديّ على المدى المتوسط والطويل.
*باحث ومستشار إقتصادي