اشار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في رسالة الجمعة، الى "ان الامام المهدي هو آخر أئمة أهل البيت الذي ادخره الله تعالى لهذه المهمة التي حددتها هذه الروايات للقيام بإشاعة العدل والسلام في العالم بعد ان شاع الجور وعم الظلم والطغيان. وهذا الأمر هو من صلب عقيدتنا الذي يملأ كياننا ويحيي فينا الامل بقرب تحقق اليوم الموعود لظهور الامام المهدي (ع) الذي سيكون على يديه دون غيره، وبالدعوة التي يحملها وهي الدعوة الى الاسلام وشريعته الخلاص النهائي الذي تتطلع اليه البشرية بعد ان تسد في وجهها جميع ابواب الخلاص من الشر الذي يعم العالم والظلام الذي يسوده والفوضى التي يتخبط فيها".
ولفت الى انه "كانت نعمة الله كبيرة علينا نحن الذين نحتفل اليوم بذكرى مولد هذا الإمام العظيم في الخامس عشر من شعبان المعظم، بان كنا ان شاء الله من شيعته واتباعه، ومن المنتظرين لظهوره المبارك الذي سيحقق هذا التحول الكبير وهذا الانقلاب الشامل على مستوى العقائد والمفاهيم والانظمة السياسية لا على مستوى جغرافي محدد وانما يتسع ليشمل بقاع الارض كلها وشعوب العالم على اختلافها " ليملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت جورا وظلما. النعمة في أن نكون من المنتظرين، هي اننا نعتقد ونتمسك بهذا الخط الالهي الذي يتمثل الحق فيه منذ بدء الخليقة حيث بشر الانبياء بان نهاية المخاض في الصراع بين الحق والباطل حيث سيكون الانتصار للحق على يد هذا المخلص، فالنعمة اولا هي في نفس هذا الانتماء الى نهج الحق والعدل وخط الانبياء والمعاداة والمواجهة لخط الباطل. ثانيا، ان هذا النهج نهج الحق مرعي ومحاط برعاية الهية دائمة، وان الله سبحانه جعل له وليا واماما يسير بهديه وان لم نره بأعيننا، فهو حاضر مواكب وموجه كما ورد في الروايات فانه كالشمس من وراء الغيوم فهي وان حجبت عن اعيننا رؤيتها، لكنها لم تحجب عنا ضوءها، واننا ننتفع بضوئها كما ننتفع بضوء الشمس من وراء الغيوم، فنحن مؤيدون بهذا الامام الذي يواكب حركتنا في خضم هذا الصراع الذي نقوده في الحياة مع الظلم ومع الانحراف والفساد، ان المؤمن يرى في هذا الحضور لقائده الى جانبه دافعا قويا للصبر والثبات على الحق مهما بلغت التحديات وعلى كل المستويات والتي تتطلبها المرحلة التي يمر فيها، فلا يدعوه قلة الاعوان وشيوع الباطل وكثرة اتباعه الى الانهزام والسقوط امامه، وانما يزيد قناعة في التمسك بعقيدته ودينه وان كان كمن يقبض على الجمر كما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (ص): يأتي زمان على امتي القابض على دينه كالقابض على الجمر. حيث يكثر الفساد والفتن والمغريات وقلة الاعوان على الطاعة لمشقة التمسك بالدين. المؤمن الذي يرى إمام زمانه يحوطه ويرعاه سيبقى في مأمن من كل ذلك ولا تستطيع كل مغريات الدنيا ان تعمي بصره وتشده اليها لان امام الزمان قد ملأ ناظريه بوجوده فأجلى عنها كل عمى وضلال، وهذه من اكبر النعم للمؤمن المنتظر".
أضاف: "المؤمن يعتقد ان لهذا الصراع الذي يدور بين الحق والباطل نهاية ، قد سجل فيها الانتصار النهائي لنهج الحق الذي قدر الله تعالى ان يقوده الامام المهدي، فالمؤمن يمتلك الرؤية الواضحة في هذه الحياة، فهو لا يسير فيها على غير هدى، وهذا من اهم الامور التي تعطي للإنسان حالة الاستقرار الداخلي وتمنحه التوازن الفكري والنفسي فلا تؤيسه الملمات ولا تبطره النعمات، وبالتالي فهو يرى لنفسه مشروعا واضح المعالم، وهذا المشروع جدير بالاحترام ويملك مقومات النجاح، وبه تتحقق امال البشرية في الاصلاح والعدل والسلام والامان، وبذلك يستحق ان يتمسك الانسان به وان يقدم من اجله اعظم التضحيات، وفي الحديث عن النبي محمد(ص): بعدي يجيء زمن الصبر. أضف الى ذلك ما أعده الله للمنتظرين من ثواب عظيم. قال رسول الله (ص): سلوا الله من فضله فان الله يحب ان يسأل وافضل العبادة انتظار الفرج" كما ورد في الكثير من مصادر الاخبار، وفي كتاب الغيبة للطوسي عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (ع). قال رسول الله: سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له اجر خمسين منكم، قالوا يا رسول الله: نحن كنا معك ببدر و احد وحنين ونزل فينا القران فقال (ص): انكم لو تحملون ما حملوا لن تصبروا صبرهم. وعن علي بن الحسين زين العابدين (ع): من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا اعطاه الله عز وجل أجر الف شهيد من شهداء بدر واحد. وعن أمير المؤمنين (ع) قال له رسول الله في حديث طويل: ... يا علي، واعلم ان اعجب الناس ايمانا واعظمهم يقينا قوم يكونون في اخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجبتهم الحجة (أي لم يدركوا نبيهم) فآمنوا، وغاب عنهم أمامهم فآمنوا بسواد على بياض، أي آمنوا بما وصل اليهم مكتوبا من القرآن والسنة".
وهنأ الخطيب المؤمنين والمؤمنات بذكرى ولادة الامام المهدي، وقال: "بورك لكم بهذه الولادة الميمونة، مبارك لكم ولادة امام زمانكم روحي لمقدمه الفداء، وبورك لكم انتظاركم وثباتكم وتمسككم ومعرفتكم بإمام زمانكم، وبوركت لكم نجاتكم بهذه المعرفة وبهذا التمسك والثبات على ولايته، فان متم فأنتم تعرفون امام زمانكم وان عشتم حظيتم برؤيته ونصرته وحظيتم بلقاء محبوبكم ومعشوقكم، فقد قال رسول الله (ص): من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية. ثقوا اننا بعين الله تعالى وعين رسوله وعين ائمتنا صلوات الله عليهم، وان اعمالنا تعرض عليهم، مصداقا لقوله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون. فلننظر ماذا نعمل وماذا نقدم بين يدي الله ورسوله وامام زماننا، ان ذلك يقتضي منا ان نقدم افضل ما نقدر عليه، وان نصلح اعمالنا وحياتنا وان نسارع الى الخير والبر وما يرضي ربنا سبحانه وتعالى، وان نتوب اليه من خطايانا وان نعود الى انفسنا ونحاسبها، فان كان خيرا استزدنا منه ، وان كان سوء تبنا الى الله تعالى منه وطلبنا ان يغفر خطايانا وان يصلح اعمالنا، فالانتظار ليس لقلقة لسان، ان صلاح انفسنا يؤهلنا لان نكون في عداد اعوانه وانصاره ومن الفائزين غدا يوم القيامة، وان فسادنا وعدم مسؤوليتنا ولا مبالاتنا بما اوجبه الله علينا من القيام بعباداتنا وتربية انفسنا على ان نكون عبيدا صالحين ومخلصين لله تعالى، ومن ان نكون عبادا صالحين في مجتمعنا نساهم في حياة افضل لأنفسنا واهلنا وعيالنا وللناس".
أضاف: "عدم مبالاتنا بذلك، يعني ان نكون في صف اعدائه والعياذ بالله، ونكتب من الهالكين، لذلك علينا ان نربي انفسنا على اننا مراقبون من الله ورسوله والائمة ومن امام زماننا، نتذكره دائما ونرجع اليه نستشفعه في تحقيق طلباتنا وحاجاتنا من الله تعالى ودفع الشرور والابتلاءات عنا وعن اهلنا وعن اوطاننا، فان من ينسى الله تعالى واولياءه فانهم ينسونه، و لا تتذكروا ذلك فقط في المصائب بل تذكروا ذلك في كل الأحوال، فعند النعمة علينا ان نشكر الله تعالى عن ذلك، ونجدد التزامنا لصاحب الزمان الذي بفضل رعايته ودعائه لنا استجاب الله لنا ما طلبناه، وعند الشدة نتوجه الى الله تعالى بان نحمده على السراء والضراء، ونستشفع اليه بصاحب العصر والزمان، فلقد قدر الله تعالى ان يجلب ذلك على يديه صلوات الله عليه، كما ابارك لكم حلول الخامس عشر من شعبان، لقد ورد في الكثير من الروايات في فضله والحث على احياء ليلته بالدعاء والعبادة والاستغفار، وانها افضل ليلة بعد ليلة القدر وزادها قدرا وقيمة ولادة صاحب العصر والزمان، لذلك فان الدعاء فيها مستجاب نسأله تعالى ان يكون اخواننا واهلنا قد استغلوا هذه الفرصة بالعبادة والدعاء خصوصا، ونحن واهلنا والعالم نعاني من هذا الوباء ومن الضائقة المعيشية، فنحن احوج ما نكون الى الاستشفاع بصاحب الزمان الى الله تعالى لرفع هذه الابتلاءات، وان ينزل الله تعالى علينا وعلى اهلنا والعالم الامن والامان والطمأنينة والسلام".
وتوجه ب"العزاء الخالص للامام المهدي وللامة بشهادة المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر على يد عتاة البغي والضلال وعلى راسهم عميل الامبريالية و الصهيونية صدام حسين المتآمر على الاسلام وعلى العراق، كما نعزي المرجعية والحوزات العلمية التي افتقدت بشهادة اية الله العظمى السيد الصدر علما من اعلامها ونموذجا فريدا في هذا العصر في مواجهة الطغاة والظالمين بشجاعة نادرة وبإخلاص لا نظير له، اسس لمرحلة جديدة من النضال في مواجهة الطاغوت اليزيدي الذي القى الرعب والخوف في نفوس الشعب العراقي، ولقد بعثت شهادته فيه الحياة وهزت فيه المشاعر ليكتب تاريخا جديدا من المواجهة والنضال تثمر اليوم وقوفا في مواجهة فرعون هذا العصر المتمثل بالولايات المتحدة الاميركية والقوى الحليفة معها التي تحتل العراق، وهكذا كان في وقفته يمثل نيابة الامام المهدي خير تمثيل بما نهض به من مسؤولية وواجب الهي لا يرقى اليه الا من كان يحمل هذا الايمان الكبير وهذا الاخلاص العظيم لامام زمانه ولله ورسوله واهل بيته صلوات الله عليهم، فلك يا صاحب العصر والزمان نقدم العزاء والمواساة بشهادة هذا المرجع والقائد الكبير والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا، ونعاهدك اننا سنبقى على هذا الخط منتظرين ظهورك عاقدين العزم على نصرة خطك ونصرتك الذي نسأل الله تعالى ان يمتع انظارنا بطلعتك البهية".
وختم الخطيب بدعاء الفرج: "اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة من ساعات الليل والنهار وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين".