رأى المفتي الشيخ أحمد قبلان "أننا نعيش لحظة تاريخية مدوّية جرّاء أزمة نظام، وفشل دولة في مشروعها الحقوقي والسياسي، فإننا اليوم نعقد الأمل على الحكومة الحالية ونعتقد حسن نيّتها، وبذل جهدها، وتطوير آلياتها، لمنع الفساد خاصة بالقرار السياسي، ولعبة المحاصصة، رغم أن المطلوب هو أكثر، سوى أننا ننتظر منها قراراً حاسماً حازماً بخصوص أموال المودعين، ونبش المغارات المختلفة لأن نصف بداية الإصلاح يتوقف على طريقة التعامل مع هذه العناوين. كما نثمّن جهود وزارة الصحة العامة، وبخاصة معالي الوزير حمد حسن الذي يقوم والطاقم الطبي وكل المعنيين بهذه الأزمة من وزارات ومستشفيات وأطباء وممرضين بعمل جبّار على الرغم من ضآلة الإمكانيات وضعف القدرات".
ورأى في رسالة الجمعة، أن ما يبذل من أجل منع التفشي ومعالجة المصابين يستحق الثناء والتقدير، ويستوجب من جانب اللبنانيين جميعاً مواطنين ومسؤولين أن يكونوا صفاً وحداً في خندق المواجهة والتصدي لفيروس كورونا، هذا العدو الجائح الذي لا يفرّق بين إنسان وآخر، ما يعني أننا كلنا معرضون ومهددون بمخاطر هذا الوباء ومعنيون بتحمّل المسؤولية كمواطنين لجهة الالتزام التام بقوانين التعبئة العامة، فهذا واجب ومسؤولية شرعية وأخلاقية، والاستهتار يعني أننا أمام مخاطر وابتلاءات قد يصعب الخروج منها.
ونوّه سماحته بالعمل الحكومي الذي تقوم به الحكومة ورئيسها وبخاصة في ما يتعلق بعودة اللبنانيين من بلاد الاغتراب، وما يتخذه من إجراءات وترتيبات تجعل من هذه العودة آمنة ومقبولة، إذا ما قورنت بما يحصل في بعض دول العالم، متمنياً أن تتفعّل هذه العملية وتعم لتشمل كل المغتربين اللبنانيين أينما كانوا، فهذه مسؤولية وطنية، وعلى هذه الحكومة أن تكون في مستواها مهما كان الثمن، كما أننا نعتقد أن فكرة تصنيف العائلات الفقيرة كمحاولة لدعمها لهو دليل على أن الحكومة قادرة على المضي بضمان الشيخوخة وتنفيذه وهو من الأولويات الواجبة عليها، لأن المستفيد الأول والأخير تاريخياً من سياسات السلطة هم الأغنياء لا الفقراء، وهنا لا بد من تأكيد مبدأ إنعاش الاقتصاد وحماية الأسواق ومراقبة الأسعار، والحكومة ملزمة بمبدأ حماية المواطن، وتأمينه مجتمعياً، لأن التجار للأسف أكّدوا مرة جديدة نهمهم وشجعهم وعدم مبالاتهم، مما يفرض على الحكومة تطوير أدواتها سريعاً للسيطرة على تجار الأسواق وفرض عقوبات على من يتلاعب بلقمة العيش وحاجة الناس، لأن البلد مأزوم والناس صابرة على حذر، ومتجاوبة إلى حد ما مع هذه الحكومة رغم مرارة الظرف، وحدّة الأزمة المعيشية الكارثية.
وأضاف سماحته "كفانا تخلياً من الدولة عن ناسها وشعبها، لأننا نعيش نهاية الأمل بمشروع الدولة، وهي فرصة تاريخية اليوم لتحويل الدولة من سجّان إلى راعي مصالح وطنية وشعبية، ومن جابي ضرائب إلى ضامن اجتماعي ومهني وصحي وتعليمي، ومن مرفق للصفقات والهدر إلى مرفق استثمارات وطنية ومال عام لخدمة الناس، لأن مفهوم الدولة الاجتماعية يبدأ بـ "كيف تعطي الدولة الشعب لا كيف تأخذ منه"، وعلى قاعدة "السلطة في خدمة الناس وليس في خدمة المتسلطين عليها"، فاللبنانيون يريدون نمطاً جديداً ونهجاً متميزاً ومغايراً لكل ما شهدوه وعايشوه من سياسات منحرفة وذهنيات موتورة، ديدنها المصالح والمكاسب والمناصب، ويتشوّقون لسلطة همّها لبنان، وغايتها إعادة بنائه على أسس العزّة والكفاءة والعيش الكريم".