اشار البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اننا نحتفل برتبة السجدة للصليب، نتذكر فيها آلام المسيح وموته بقراءة الأناجيل الأربعة كما يرويها الإنجيليون. نتذكرها لأن الرب افتدى خطايانا وخطايا البشرية جمعاء، لكي نتصالح كلنا مع الله ونعود اليه بالتوبة. ونتذكرها لكي نضمَ اليها آلامنا وآلام المتألمين جسديًا ونفسيًا ومعنويًا، وحاليًا آلام المصابين بفيروس الكورونا، لكي يعطيها الرب يسوع قيمتها الخلاصية، ويجعلها مساهمة في فداء العالم وهدايته.
ولفت الراعي في رتبة سجدة الصليب في بكركي، الى اننا نقوم بالطواف بالصليب المحاط بزهور محبتنا وإخلاصنا وعرفاننا بالجميل لآلامه وموته لفدائنا. ثم نؤدي السجود للصليب، عربون خضوعنا وامانتنا له، قبل ايداعه في قبره ممجد الى يوم الأحد لنحتفل بقيامته وبرتبة السلام الذي اشاعه في العالم. وفيما نستمع الى قراءة الأناجيل، سنسمع من فم يسوع المصلوب 7 كلمات هي بمثابة تكملة لعظة الجبل التي افتتح بها رسالته العامة، وأرادها دستورًا للحياة المسيحية. والآن يُكمّل تعليمه الالهي من على عرش صليبه: اولا "يا أبتٍ إغفر لهم، لأنهم لا يدرون ما يفعلون". يعلمنا ان الغفران هو ذروة للمحبّة، الثانية "يا امرأة هذا ابنكٍ، يوحنا هذه أمّكَ". يعلمنا ان الأمومة والأبوّة الروحية الشاملة تولد من الألم الشخصي. الثالثة "اليوم تكون معي في الفردوس". يعلمنا ان التوبة هي باب الخلاص. الرابعة "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟". يعلمنا اختبار صمت الله في الضيق، والتغلّب على اليأس. اضاف الخامسة "أنا عطشان". يعلمنا العطش الى المحبّة والرحمة والعدالة". السادسة " لقد تمّ كلّ شيء". يعلمنا إتمام الغاية من حياتنا الشخصية كما يريدها الله. السابعة "يا أبتِ بين يديك أستودع روحي". يعلمنا تسليم وديعة الحياة عند مماتنا الى الآب الذي خلقها وسلمنا اياها يوم ولادتنا.
وأمل اليوم بكل هذه الافكار ونسجد للصليب المقدس مرددين: "نسجد لك ايها المسيح ونباركك، لانك بصليبك المقدس خلّصت العالم".