رأى مصدر سياسي بارز في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "الطريق لن تكون آمنة أمام الورقة الإصلاحيّة الإنقاذيّة في المجلس النيابي، في حال لم تدخل عليها تعديلات جوهريّة في مجلس الوزراء، الّذي يناقش حاليًّا المسودّة الأوليّة الّتي أُحيلت إليه، خصوصًا أنّ المعلومات متضاربة حول الجهة الّتي أعدّتها وما إذا كانت اقتصرت على شركة "لازار" المستشار المالي للحكومة ومعها عدد من المستشارين بالنيابة عن الوزراء المعنيّين".
وتساءل عن "الدوافع الّتي أَمْلت على الجهات المشاركة في الحكومة عدم التعليق حتّى الآن على مضامين المسودّة الإصلاحيّة، مع أنّ مجرّد المسّ بودائع المودعين سيلقى معارضة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الّذي يؤكّد باستمرار أنّها من المقدّسات ولن يسمح باستهدافها"، سائلًا عن "موقف وزير المال غازي وزني من اقتطاع نسبة من ودائع المودعين في المصارف، بذريعة أنّ هناك ضرورة لتوزيع الخسائر وقيمتها أكثر من 83 مليار دولار بين المودعين والمصارف واسترداد الأموال المنهوبة؟ وهل يوافق على هذا التدبير الّذي يتناقض كليًّا مع توجّهات بري الّذي كان وراء تسميته لشغل منصبه؟".
وأكّد المصدر السياسي أنّ "هناك ضرورة لاستقراء موقف القوى السياسيّة الموالية من المسودّة الإصلاحيّة، قبل السؤال عن ردّ فعل قوى المعارضة الّتي سترفضها بصيغتها الراهنة، لأنّها تشكّل انقلابًا على النظامَين المصرفي والمالي وتهديدًا للودائع من دون أي تعويض"، لافتًا إلى أنّ "مجرّد تسريب الورقة الإنقاذيّة قوبِل بتبادل الاتهامات بين عدد من الوزراء، وبعضهم من اطّلع على تفاصيلها عبر وسائل الإعلام".
وأشار إلى أنّ "مسودة الورقة الإنقاذيّة تضمّنت مجموعة من النقاط الخلافيّة الّتي يُفترض في حال تقرّر الإبقاء على بعضها، أن تؤدّي إلى اشتباك سياسي بين أهل "البيت الواحد" في الحكومة"، وسأل: "لماذا الإصرار على تحديد قيمة الخسائر قبل الانتهاء من التدقيق في حسابات وأصول "مصرف لبنان"؟ وما الجهة الّتي ستتولّى النظر فيها؟". وركّز على أنّ "المسودّة الإصلاحيّة وإن كان مَن وضعها يدّعي أنّها "صُنعت في لبنان"، فإنها تعترف من دون مواربة بأنّ لا حلّ للأزمة الماليّة- الاقتصاديّة إلّا بالعودة إلى "صندوق النقد الدولي"، وهذا ما أكّده لاحقًا رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، شرط عدم الرضوخ لشروط الصندوق؛ وذلك رغبةً من باسيل في مراعاة موقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في هذا الخصوص".
كما أوضح أنّ "المفاجأة تكمن في أنّ هذه المسودّة فيها مجموعة من التدابير لا يجرؤ "صندوق النقد" على المطالبة بعدد منها، رغم أنّ التفاوض معه يتوقف على إنجاز الحكومة للورقة الإصلاحيّة"، مبيّنًا أنّ "من أبرز هذه التدابير: وقف التوظيف حتّى إشعار آخر وتجميد الرواتب لمدّة 5 سنوات تحت عنوان ضرورة عقلنتها، وإعادة النظر في التدبير رقم (3) الخاص بتعويضات نهاية الخدمة للعاملين في الأسلاك العسكرية والأمنية، ووقف الترقيات فيها إلّا في حال شغور المراكز".
وذكر المصدر أنّه "يُضاف إلى هذه التدابير تحميل المودعين 75% من الخسائر (60 مليار دولار) والباقي منها للمصارف، وزيادة الضرائب على الكماليّات الّتي ستبقى حبرًا على ورق في ظلّ الركود الاقتصادي، رغم أنّ وضع الورقة الإنقاذيّة يغالي في طموحاته الّتي لن تكون سوى ورقيّة وليست رقميّة في ظلّ تراجع الاهتمام بالشأن الاجتماعي، وأيضًا في كلّ ما يتعلّق برفع منسوب الإنتاج". كما سأل: "كيف يمكن للحكومة أن تحقّق نسبة من الفائض في الموازنة وأن تزيد من حجم الواردات وأن تأتي الودائع من الخارج إلى المصارف، في ظلّ قيود من شأنها أن تطيح بالنظام المصرفي؟".